الأمين العام لدول «التعاون»: حجم غسل الأموال ما بين 2 و 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يتراوح بين 800 مليار وتريليوني دولار

انطلقت أعمال ورشة إعداد الاستراتيجية الخليجية لمكافحة غسل الأموال، التي تستضيفها دولة الكويت وتنظمها الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، تحت رعاية النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، وبحضور الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي والنائب العام المستشار سعد الصفران، ووكيل وزارة الداخلية بالتكليف اللواء علي العدواني، الذي أناب عن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية وألقى الكلمة الافتتاحية قال فيها:
التزام راسخ
ان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ملتزمة التزامها راسخا بمكافحة جرائم غسل الاموال وتمويل الارهاب باعتبارها من الجرائم الخطيرة التي تهدد امن واستقرار المجمعات وتنعكس سلبا على اقتصاداتنا الوطنية والاقليمية.
وأكد العدواني ان دولة الكويت تولي هذه القضية اهتماما خاصا، حيث عملنا على تطوير الاطر التشريعية والتنظيمية ذات الصلة وتعزيز قدرات مؤسساتنا الوطنية والتعاون الوثيق مع المنظمات الدولية لضمان التزامنا بالمعايير الدولية ومواكبة توصيات المبادرات العالمية.
وأضاف ان عقد هذه الورشة في دولة الكويت يعكس حرصنا على ان تكون في بلادنا منصة لتعزيز الحوار والتنسيق بين دول الخليج وشركائنا الدوليين وصولا إلى استراتيجية خليجية شاملة وموحدة تركز على الوقاية والكشف والتحقيق والمصادرة والتدريب وبناء القدرات.
وتابع ان مسؤوليتنا جميعا حكومات ومؤسسات هي العمل بروح الفريق الواحد من اجل تعزيز منظومة العدالة المالية وحماية اقتصاداتنا ومجتمعاتنا من هذه الجرائم العابرة للحدود.
ورحب العدواني بالامن العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وممثلي الامم المتحدة ونقل لهم تحيات النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف.
وقال انه يسعدنا ان نستضيف هذه الورشة المهمة التي تأتي في اطار الجهود المشتركة لإعداد الاستراتيجية الخليجية لمكافحة غسل الاموال بالتعاون مع المكتب الاقليمي للامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
من جانبه، قال الامين العام لدول مجلس التعاون الخليج العربي جاسم البديوي ان العالم اليوم يشهد تحديات غير مسبوقة في مواجهة غسل الأموال، التي لا تقتصر آثارها على الاستقرار الاقتصادي فحسب، وإنما تمتد لتغذي الإرهاب والجريمة المنظمة، وتهدد الأمن والسلم الدوليين، حيث تشير التقديرات العالمية إلى أن حجم غسل الأموال يتراوح بين 2% و 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي ما يتراوح بين 800 مليار دولار و2 تريليون دولار أميركي.
وأضاف إن دول مجلس التعاون، بحكم موقعها الجغرافي ومكانتها الاقتصادية وانفتاحها على العالم، فإنها ليست بمنأى عن هذه المخاطر، بل إنها تدرك تمام الإدراك أن أي ثغرة في أنظمتها المالية أو الرقابية قد تستغل لتمرير أموال غير مشروعة، أو لتمويل أنشطة تهدد أمنها وأمن المنطقة والعالم، وعليه فقد تبنت دول المجلس قوانين وسنت تشريعات لضمان ردع هذه المخاطر، لاسيما أن هذا القوانين والتشريعات تتماشى مع متطلبات المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المعنية بمكافحة غسل الأموال.
استراتيجية متكاملة
وأضاف البديوي في ضوء السياسات الوطنية الخليجية، فإن هنالك ايضا اليوم حاجة لتبني استراتيجية خليجية أمنية متكاملة لمكافحة غسل الأموال، تنطلق من مبدأ الأمن الجماعي، وتترجم إلى خطط عملية رادعة وفعالة، حيث أكدت دول مجلس التعاون عندما اطلقت رؤيتها للأمن الإقليمي في عام 2024 على أهمية تطوير المنظومات التشريعية لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
إن هذه الورشة تمثل محطة مهمة في مسيرة العمل الخليجي المشترك، لمواجهة واحدة من أخطر الجرائم العابرة للحدود، التي لا تهدد فقط أمننا الاقتصادي والمالي وحسب، بل تمتد آثارها إلى استقرار مجتمعاتنا وسمعة أنظمتنا التجارية والمالية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأكد أن الأمانة العامة حرصت بالتنسيق مع وزارات الداخلية والجهات المختصة في دول المجلس، على أن تكون هذه الاستراتيجية شاملة ومتكاملة، تستند إلى خمسة محاور رئيسية مقترحة وهي:
المحور الأول: تطوير التشريعات والسياسات الأمنية الداعمة، بما يعزز دور وزارات الداخلية في سد الثغرات التي قد يستغلها المجرمون، وضمان التنسيق الفعال مع الجهات المالية والرقابية.
المحور الثاني: العمليات والتحريات والتنسيق الأمني المشترك، عبر تشكيل فرق عمل خليجية، وتنفيذ عمليات ميدانية متكاملة لتعقب الشبكات الإجرامية، وتفعيل قنوات اتصال آمنة لتبادل المعلومات الحساسة.
المحور الثالث: التكنولوجيا والتحليل الأمني، من خلال الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات المالية، وربط إلكتروني آمن لتبادل المعلومات عن الجرائم المالية بين وزارات الداخلية والجهات المعنية.
المحور الرابع: التتبع والمصادرة، وذلك بإيجاد آليات لتعقب الأموال غير المشروعة المرتبطة بجرائم المخدرات والفساد والإرهاب والاتجار بالبشر، وتنفيذ عمليات ضبط وتجميد ومصادرة مشتركة، مع تعزيز التعاون الدولي في استرداد الأصول.
المحور الخامس: التدريب والتوعية الأمنية، عبر إعداد برامج تدريبية متخصصة لضباط وزارات الداخلية، وتطوير أدلة تشغيلية موحدة، وتنفيذ حملات توعوية للقطاعات المعرضة للمخاطر.
بناء منظومة أمنية
وقال إن تبني هذه الاستراتيجية سيرسخ التعاون الأمني الخليجي، ويعزز التنسيق مع شركائنا الدوليين، ويضمن بناء منظومة أمنية ومالية أكثر صلابة وفاعلية في مواجهة هذه الجريمة المعقدة.
وفي بداية كلمته قال البديوي يسعدني أن أشارككم اليوم في افتتاح ورشة إعداد الاستراتيجية الخليجية لمكافحة جرائم غسل الأموال، والتي تعقد باستضافة كريمة من دولة الكويت، وبالتعاون مع المكتب الإقليمي للأمم المتحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات. ويطيب لي في مستهل كلمتي هذه أن أرفع باسمكم جميعا أسمى آيات الشكر والتقدير والامتنان، لمقام حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، (حفظه الله ورعاه)، لاستضافة دولة الكويت لهذا المنتدى المبارك، ولما قدمته وتقدمه دولة الكويت من تسهيلات ومساندة لإنجاح أعمال المجلس ولما يلقاه العمل الخليجي المشترك من دعم واهتمام من لدن سموه وإخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، حفظهم الله ورعاهم، في كافة الميادين. الحضور الكرام،،
وفي الختام، أكرر شكري وتقديري لدولة الكويت ممثلة بوزارة الداخلية وكافة منتسبيها على استضافتها لهذه الورشة المهمة، وللأمم المتحدة على شراكتها، ولجميع المشاركين على جهودهم القيمة، متمنيا أن تخرج هذه الورشة بتوصيات عملية تسهم في تعزيز أمننا.
أول سياسة خليجية
من جهته، قال المدير الاقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بدول الخليج العربي القاضي حاتم علي إن مكتب الأمم المتحدة يتشرف بالعمل مع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي بضيافة كريمة من النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف بالعمل على وضع أول سياسة واستراتيجية خليجية موحدة لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقال القاضي حاتم علي في الورشة التي نظمت يوم أمس: لا يغفل على أحد المخاطر التي تواجهها دول الخليج باعتبارها مركزا اقتصاديا وتجاريا، ومركزا سياحيا أيضا وقبلة لكافة المعاملات الاقتصادية والتجارية العالمية لتحقيق الربح أو الاستفادة من المميزات الاقتصادية بمنطقة الخليج باقتصادها القوي.
وأضاف: ومع هذه العناصر المتعددة للتميز تصاحبها مخاطر ممثلة في استهدافها من قبل عصابات إجرامية منظمة بغية الاستفادة من هذا الاقتصاد المزدهر والمتميز ومن التجارة الكبيرة ومن المؤسســـات المصرفيــــة الاقتصادية الفاعلة في المنظمة للقيام بأعمال غسل أموال المتحصلة من الاتجار غير المشروع سواء في المواد المخدرة أو الأسلحة أو الاتجار في البشر.
حوائط صد
وأردف بالقول: إدراكا من أصحاب السمو والمعالي قادة دول مجلس التعاون الخليجي، تم تكليف الامانة العامة لمجلس دول التعاون الخليجي بالعمل مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لوضع حوائط صد تمثل استراتيجيات خليجية، مستدركا بالقول: بدأنا بالاستراتيجية الخليجية الاولى لمكافحة المخدرات والمؤثرات العام الماضي، وهذا العام نعمل على استخدام واستغلال الخبرات الخليجية المشتركة لمواجهة تمويل الارهاب وربطها بالمعايير الدولية واستخدامها كنموذج توحد فيه التجارب الخليجية بهدف مواجهة تحديات غسل الأموال وتمويل الارهاب، ونصنع منها نسيجا استراتيجيا وتشريعيا موحدا للمنطقة الخليجية لمواجهة هذا الخطر الذي يهددها ويهدد دول العالم.
التدفقات المالية
ومضى بالقول: نشرف خلال ورشة العمل الاطلاع على النماذج المختلفة لدول مجلس التعاون الخليجي سواء بالكويت واستخدامها للمنظمة الرقمية لمكتب الأمم المتحدة في صنع منظومة وطنية للكشف والتقصي عن التدفقات المالية غير المشروعة ومواجهتها، ونأخذ أيضا تجربة المملكة العربية السعودية في وضع منظومة رقمية لجمع وتحليل معلومات التدفقات المالية غير المشروعة واستخداماتها، وتجربة دولة الإمارات العربية في الاستعانة بخبرات الأمم المتحدة لوضع منظومة وطنية لتحليل المخاطر التي تواجهها الدولة بشأن التدفقات المالية غير المشروعة والمتحصلة من الجرائم.
لا يخفى على أحد أن عناصر تميز دول الخليج تضعها في خطورة شديدة لمواجهة الجريمة المنظمة الخاصة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، والاجتماع اليوم يؤكد على مدى رغبة وإصرار أصحاب السمو قادة الدول في مواجهة المخاطر ووضع استراتيجية موحدة لمواجهة غسل الأموال. وتجعل من دول مجلس التعاون كتلة واحدة لمواجهة قضايا غسل الأموال وتمويل الارهاب.
الأمين العام للجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة بدولة الإمارات حامد الزعابي، قال ان جريمة غسل الاموال ليست مجرد نشاط اجرامي تقليدي، بل هي جريمة منظمة ذات امتدادات عابرة للحدود، تتشابك مع شبكات الجريمة المنظمة والارهاب، وتؤثر بشكل مباشر على نزاهة الانظمة المالية وسمعة الدول واقتصاداتها، وهي جريمة تستغل التطور التكنولوجي والانفتاح الاقتصادي، وتزداد تعقيدا مع توسع الأسواق المالية وظهور أدوات جديدة كالأصول الافتراضية والعملات الرقمية. لذا، فإن التصدي لها يتطلب جهدا جماعيا، ورؤية واضحة، وادوات عملية فاعلة.
دروس مستفادة
ولفت إلى ان دولة الإمارات العربية المتحدة قطعت شوطا مهما في هذا المجال من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح (2024-2027)، وهي استراتيجية استندت إلى تقييم وطني شامل للمخاطر، والدروس المستفادة من عمليات التقييم المتبادل السابقة، والالتزامات الدولية المنبثقة عن المعايير العالمية لمجموعة العمل المالي (FATF).
ولفت إلى ان الاستراتيجية الوطنية ارتكزت على أحد عشر هدفا استراتيجيا، من بينها تعزيز فهم المخاطر، تطوير آليات التعاون الدولي، تحسين الرقابة المبنية على المخاطر، رفع مستوى الشفافية فيما يتعلق بالمستفيد الحقيقي، الاستخدام الأمثل للمعلومات المالية والاستخبارية، مكافحة تمويل الإرهاب وانتشار التسلح، تحديث التشريعات والسياسات الوطنية
بشكل مستمر، والتأكيد على إشراك القطاع الخاص في الجهود الوطنية.
الأنباء