
في خطوة مفاجئة، أفادت تقارير بأن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، باع منصة الذكاء الاصطناعي الخاصة به “غروك” إلى الحكومة الأميركية مقابل 42 سنتاً فقط.
أثارت هذه الصفقة غير المتوقعة الكثير من الجدل في الأوساط التقنية والسياسية، ليس فقط بسبب السعر الرمزي المثير للاستغراب، بل أيضاً لما قد تحمله من دلالات بشأن علاقة ماسك بالرئيس الأميركي دونالد ترامب.
و”غروك” هي منصة ذكاء اصطناعي طورها ماسك، تركز على معالجة اللغة الطبيعية وتحليل البيانات. وتهدف إلى مساعدة المستخدمين في التعامل مع قواعد بيانات معقدة، وإجراء تنبؤات، وأتمتة عمليات اتخاذ القرار.
وجعلت هذه القدرات منها محط اهتمام قطاعات متعددة مثل الحكومة والرعاية الصحية والقطاع المالي، حيث يعتمد النجاح على استخراج رؤى دقيقة من البيانات، وفقاً لما طالعت “العربية Business” في مواقع غربية.
أبرز مزايا “غروك”
تتمثل أبرز ميزات المنصة في: معالجة اللغة الطبيعية (NLP) إذ تتيح للمستخدم التفاعل مع النظام باستخدام اللغة اليومية، مما يجعلها سهلة الاستخدام حتى لغير المتخصصين.
كما توفر المنصة التحليلات التنبؤية حيث إنها قادرة على توقع الاتجاهات والنتائج استناداً إلى بيانات تاريخية، وهو أمر بالغ الأهمية في مجالات مثل التمويل والصحة، بالإضافة إلى إعداد التقارير التلقائية: يمكنها توليد تقارير بشكل آلي، مما يوفر الوقت ويقلل من الأخطاء البشرية.
أبعاد الصفقة
ويوحي البيع بهذا السعر الرمزي (42 سنتاً) بأن هناك بعداً رمزياً أو سياسياً يتجاوز الجانب التجاري البحت، بينما يرى البعض أنها محاولة من ماسك لتعزيز علاقاته مع الحكومة الأميركية، خاصة بعد الانتقادات التي طالت مواقفه وأعماله في الفترة الأخيرة.
وقد يمنح امتلاك “غروك” الحكومة الأميركية أداة قوية في مجال تحليل البيانات واتخاذ القرارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. فوكالات مثل وزارة الدفاع قد تستفيد منها في التحليل الاستراتيجي، بينما قد تستخدمها الجهات الصحية للتنبؤ بالأوبئة أو إدارة الأزمات الصحية.
هل هناك تقارب مع ترامب؟
الصفقة تفتح الباب أيضاً لتساؤلات حول علاقة ماسك المتجددة بدونالد ترامب. فبعد فترة من التوتر والانتقادات المتبادلة، قد تمثّل هذه الخطوة إشارة إلى تحسن العلاقات أو حتى اصطفاف سياسي جديد، وهو ما قد يؤثر على صورة ماسك لدى أنصار ترامب.
رد فعل السوق
يعيش القطاع التقني حالة من الترقب بعد هذه الصفقة، إذ يرى بعض المحللين أن الصفقة قد تفتح الباب أمام شركات أخرى لبيع تقنياتها مباشرة إلى الحكومات، بينما يشكك آخرون في جدوى بيع تكنولوجيا متقدمة بهذا السعر المتواضع.
ولطالما جذبت استثمارات ماسك الأنظار، وأي تحول في استراتيجيته ينعكس على الثقة في أسهمه وشركاته. فإذا أفضت الصفقة إلى شراكات مثمرة مع الحكومة، فقد يعزز ذلك مكانة “تسلا” و”سبيس إكس” في السوق.
وقد تمثل الصفقة خطوة إضافية في مسار دمج الذكاء الاصطناعي داخل أجهزة الدولة. من شأن ذلك تحسين الكفاءة، وتعزيز الخدمات العامة، ودعم الأمن القومي. على سبيل المثال: وزارة الأمن الداخلي الأميركية تستخدم بالفعل تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد التهديدات وتقييم المخاطر، كذلك المعاهد الوطنية للصحة (NIH) توظف الذكاء الاصطناعي في أبحاث الجينوم واكتشاف الأدوية.
تحديات محتملة
لكن إدماج الذكاء الاصطناعي في مؤسسات الدولة يواجه عقبات كبرى، أبرزها: الاعتبارات الأخلاقية إذ من الضروري ضمان خلو الأنظمة من التحيزات، أيضا حماية الخصوصية لأن التعامل مع كميات هائلة من البيانات يتطلب تشريعات صارمة لحماية المواطنين، على الجانب الآخر يجب التأكد من الامتثال التنظيمي إذ لا بد أن تلتزم “غروك” بالقوانين والإطار التنظيمي المعمول به داخل المؤسسات الفيدرالية.
ويبقى الغموض يكتنف مستقبل “غروك” في الحكومة الأميركية: هل ستصبح ركيزة أساسية في عملها أم ستواجه مقاومة سياسية وتشريعية؟ وما هي الأوراق التي قد يوظفها ماسك لتعزيز نفوذه عبر هذه العلاقة الجديدة؟