Featuredاقتصاد

«S&P»: حدوث تغييرات فورية لسياسة الكويت المالية.. مستبعد

انتقال السلطة في البلاد تم بمرونة وسلاسة.. وتدابير الحكومة لسد فجوة التمويل بالميزانية غير كافية

قالت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني ان التحدي الاقتصادي الأكثر إلحاحا على المدى القريب الذي يواجه الكويت هو التعامل مع الفجوة التمويلية، مشيرة الى انها تستبعد اي تغيير فوري كبير في اتجاهات السياسة المالية للكويت بعد رحيل سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.

وأشارت الوكالة الى ان عملية انتقال السلطة في الكويت مؤخرا اتسمت بالمرونة والسلاسة، حيث أدى ولي العهد سمو الشيخ نواف الأحمد اليمين الدستورية أميرا للبلاد في اليوم التالي من إعلان وفاة سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد.

وقالت الوكالة، في نشرة اصدرتها امس، ان صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد يواجه، في رأيها، العديد من التحديات على المديين القريب والمتوسط، ويتمثل التحدي الأكثر حدة على المدى القصير في التغلب على الفجوة التمويلية التي تواجه الكويت منذ فترة، وهي الدولة المصنفة عند «AA-» مع نظرة سلبية.

واشارت الى ان صندوق السيولة المالية الرئيسي، وهو صندوق الاحتياطي العام ظل يتضاءل باستمرار خلال السنوات الأخيرة لأنه كان مصدر التمويل الوحيد للعجز على مستوى الحكومة المركزية منذ انتهاء صلاحية قانون الديون في أكتوبر 2017.

وتعني انتهاء صلاحية قانون الديون أن الكويت لم تعد قادرة على الاقتراض، في حين أن السلطات كانت مترددة حتى الآن في الاعتماد على صندوق الأجيال القادمة الأكبر بكثير، والذي تم تخصيصه في المقام الأول لفترة ما بعد النفط.

وقد طبقت السلطات خلال الشهرين الماضيين التدابير التي يمكن أن تكسبها المزيد من الوقت، ولكن هذه التدابير في حد ذاتها تظل غير كافية لسد فجوة التمويل. فعلى سبيل المثال، اعتمد مجلس الامة قانونا يعلق التحويل التلقائي لما نسبته 10% من الإيرادات الحكومية إلى صندوق الأجيال القادمة وجعله معلقا على نتائج الميزانية لسنة معينة، كما ضخت السلطات أيضا السيولة إلى صندوق الاحتياطي العام من صندوق الأجيال القادمة في مقابل تحويل أصول أخرى إلى الاخير.

ولكن مع أخذ هذه الإجراءات في الاعتبار، فإن الوكالة تقدر أن احتياجات الكويت التمويلية للسنة المالية 2020-2021 ستظل كبيرة وقد تلامس 24% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فإننا نرى أن الوقت اللازم لحل مشكلة سيولة صندوق الاحتياطي العام ينفد بسرعة. وإذا استمر الوضع الحالي، فإن هذا الصندوق سيخلو من السيولة في الأشهر المقبلة، ولم يقر مجلس الامة حتى الآن قانون الدين الجديد وسيدخل عطلة قبل الانتخابات المقبلة.

وقالت الوكالة انها تتفهم ان يصدر صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، كحل مؤقت، مرسوم ضرورة يسمح بالاقتراض خلال تلك الفترة، إذا لم يتم التوصل الى حلول اخرى. وإذا خلا صندوق الاحتياطي العام من السيولة بالكامل، وهو ليس من ضمن سيناريو الاساس لتوقعاتها، فقد تواجه الكويت ضغوطا صعبة على الميزانية، مع الحاجة إلى تعديل المصروفات الحكومية بسرعة وبقدر هائل.

وبرغم المخاطر، قالت الوكالة انها لا تتوقع أن تتأثر خدمة الدين في مثل هذه الحالة، ويرجع ذلك أساسا إلى أن المبالغ المعنية صغيرة نسبيا، في ضوء تقديرات إجمالي الدين الحكومي العام بنسبة 11% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن نفقات الفائدة او خدمة الديون تعادل حوالي 1% فقط من إجمالي الإنفاق.

ومع ذلك، فإن أي تعديل محتمل للإنفاق غير المنظم يمكن أن تكون له عواقب ضارة على الاقتصاد، مما يؤدي إلى تفاقم تأثير جائحة كورونا، وبالتالي إعاقة فرص الانتعاش الاقتصادي واضعاف ثقة المستثمرين الأجانب.

وقد يكون هذا الجانب الأخير مهما بشكل خاص حيث تخطط الكويت للعودة إلى اسواق الدين الأجنبية في السنوات القادمة، ولا يزال هذا الوضع يمثل مخاطر بتراجع تصنيفاتها ويدعم التوقعات السلبية. وإلى جانب الضغوط الوقتية، نرى أيضا أنه سيتعين على الكويت مواجهة والتعامل مع عدد من المشاكل الهيكلية على المدى المتوسط.

وحتى لو تم اعتماد قانون الدين قريبا، فإن حجم العجز المالي الذي تتوقعه الوكالة حتى 2022 يعني أن سقف الدين المقترح البالغ 20 مليار دينار قد ينضب في غضون عامين تقريبا، وعلى هذا النحو فإن المشاكل الحالية ستطفو على السطح من جديد. وقد يكمن الحل المستدام على المدى الأبعد في تعديل مالي أكثر شمولا يتضمن خفض الدعوم، وسد ثغرات الإنفاق، وفرض ضرائب جديدة، وهو ما فعلته دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بالفعل.

وفي ختام نشرتها، قالت وكالة «ستاندارد آند بورز» انها ترى الإصلاحات المذكورة صعبة التحقيق نظرا لطبيعة العلاقة بين مجلس الامة والحكومة والتي تتسم بالمواجهة، وسيتعين على صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد أيضا السعي إلى ايجاد توافق في الآراء بين مختلف أصحاب المصلحة السياسيين لتسمية ولي العهد، وهو ما يجب أن يحدث بموجب القانون خلال العام المقبل. واشارت الوكالة الى ان هذه النشرة لا تشكل إجراء تصنيفيا.

زر الذهاب إلى الأعلى