“Born Bold” كازاخستان ترسم مستقبلًا عالميًا من السهوب إلى القمةيجمع بين الجذور الثقافية والطموح العالمي

عبد الحميد حميد الكبي
تخيل رياح السهوب الكازاخية الشاسعة، تلك التي حملت قوافل طريق الحرير عبر القارات، تحمل اليوم رسالة عالمية “Born Bold” – ولدنا شجعانًا.
في قلب أوراسيا، حيث تلتقي الجبال الشاهقة بالصحاري الذهبية، والبحيرات الفيروزية بالوديان الخضراء، أطلقت كازاخستان في سبتمبر 2024 حملة “Born Bold” كاستراتيجية وطنية طموحة لإعادة صياغة مكانتها كنجمة صاعدة على المسرح العالمي. هذه ليست مجرد حملة ترويجية، بل دعوة حية للشراكة في بناء مستقبل مستدام، تجمع بين التراث البدوي الجريء والطموحات المعاصرة.
تحت سماء أستانا الصافية، خلال افتتاح ألعاب البدو العالمية، أعلن الرئيس قاسم جومارت توكاييف “البدو ولدوا شجعانًا”، مشعلًا شرارة حملة تحولت إلى حركة عالمية، تدعو المستثمرين والمبتكرين والمغامرين إلى الانضمام إلى رحلة كازاخستان – من السهوب إلى القمة.حملة “Born Bold”: رؤية طموحة لمستقبل مستدام.
أطلقت كازاخستان حملة “Born Bold” لتعزيز قدراتها الاقتصادية، الثقافية، التعليمية، السياحية، والبيئية، مع التركيز على أربعة قطاعات رئيسية: الخدمات اللوجستية والنقل، الشباب والتعليم، الطاقة والبيئة، والسياحة والثقافة. تجسد الحملة التزام البلاد بتحويل روحها البدوية الجريئة إلى محرك لنمو مستدام، مدعومة بتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.5% في 2025.
حيث قاد الرئيس توكاييف إصلاحات اقتصادية جذرية، عززت الشفافية والحوكمة، مما رفع تصنيف الائتمان السيادي إلى Baa1 في 2024، وهو الأعلى في تاريخ البلاد وفقًا لوكالة موديز. أُنشئت منصة الاستثمار الرقمية الوطنية، التي جذبت 15.7 مليار دولار استثمارات في 2024، تمثل 63% من إجمالي الاستثمارات في شمال ووسط آسيا.
في منتدى أستانا الدولي، دعا الرئيس توكاييف إلى “مبادرات جريئة” مثل مؤتمر قادة الأديان التقليدية، محولًا كازاخستان إلى مركز للحوار العالمي. وصف نائب وزير الخارجية رومان فاسيلنكو آنذاك هذه العقلية بأنها “الدافع وراء تنميتنا”، مؤكدًا أن الجرأة هي المحرك لمواجهة التحديات الدولية.
شراكات مع عمالقة التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وأمازون عززت مكانة كازاخستان كوجهة استثمارية آمنة ومبتكرة. تمتلك البلاد 18 من 34 مادة خام حيوية للانتقال الأخضر، وفقًا للاتحاد الأوروبي، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في سوق الطاقة المستدامة.
تعمل الحملة على تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، مع التركيز على الطاقة المتجددة، الذكاء الاصطناعي، والسياحة، معززة بالاستقرار السياسي والمحاكم المستقلة.
لقد تميزت “Born Bold” بمزيج من الفعاليات الحية والحملات الرقمية، محولة كازاخستان إلى وجهة استثمارية وثقافية جذابة. الفيديوهات الترويجية، مثل أغنية “Киелі мекенім” لديماش قديبرغن، حققت ملايين المشاهدات، بينما جذبت ألعاب البدو العالمية مئات الرياضيين ورجال الأعمال. نظمت وزارة الخارجية ورش عمل ومحاضرات دبلوماسية، مما زاد الاهتمام الاستثماري بنسبة 18%.
بلغت إيرادات الشراكات الدولية 15 مليار دولار في النصف الأول من 2025، مع حملات رقمية وصلت إلى 150 مليون مشاهدة. وساهمت الشراكات مع منظمة السياحة العالمية في تعزيز التعاون التعليمي بنسبة 20% وتدريب 50 ألف شاب في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية.
هذا النهج حوّل الحملة إلى حوار عالمي يعزز الثقة في الإمكانيات الاقتصادية والثقافية لكازاخستان.
إنجازات الحملة: أرقام تتحدث
في 2024، جذبت الحملة 15.7 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة، بزيادة 88% عن العام السابق، مع 40 مشروعًا جديدًا بقيمة 10 مليار دولار، بما في ذلك 31 اتفاقية بقيمة 7 مليار دولار في منتدى KGIR-2024. في السياحة، ارتفع عدد الزوار الأجانب إلى 15.3 مليون، بزيادة 66% عن 2023، مع إيرادات إقامة 224 مليار تينغي (27% نمو).
في 2025، زادت استثمارات السياحة إلى 947.5 مليار تينغي، مع 119 مشروعًا سياحيًا جديدًا أنتجت 1319 وظيفة. في قطاع الطاقة، يفوق إنتاج الرياح الاحتياجات المحلية بعشرة أضعاف، مما عزز الاستثمارات الخضراء.
كما عززت الحملة دور كازاخستان كمحور لطريق الحرير الجديد عبر TITR، مع توقعات بزيادة الصادرات غير النفطية بنسبة 15% في 2025.
شهد قطاع السياحة نموًا مذهلاً في 2024 و2025، مدفوعًا بالاستثمارات الأجنبية وجهود “Born Bold”. في 2024، بلغ عدد الزوار الأجانب 15.3 مليون، بزيادة 60% عن 2023، مع إنفاق يتجاوز 1.2 تريليون تينغي (2.7 مليار دولار) وإيرادات إقامة 299.8 مليار تينغي (نمو 30.8%).
ارتفعت الاستثمارات السياحية إلى 947.5 مليار تينغي، مع 119 مشروعًا جديدًا. في النصف الأول من 2025، زاد عدد الزوار إلى أكثر من 7 ملايين، مع استثمارات في الأصول الثابتة بقيمة 592 مليار تينغي.
ساهمت الحملة في تحسين تصنيف كازاخستان في مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي للسياحة إلى المرتبة 52 في 2024 (من 66 سابقًا). أُطلقت تأشيرة “Neo Nomad” في 2024 لجذب العاملين عن بعد، وزادت الرحلات الجوية، مما رفع عدد الزوار من دول الخليج بنسبة 62%.
يبرز التطور في افتتاح مطار حضرة سلطان الدولي الجديد في مدينة تركستان في أوائل 2025، باستثمار 1.1 مليار دولار، ليصبح بوابة سياحية وثقافية تعزز مكانة تركستان كجوهرة طريق الحرير. في الوقت ذاته، عززت تحسينات البنية التحتية في مطار أستانا الدولي سعته إلى 9 ملايين مسافر سنويًا، مع رحلات مباشرة إلى مدن عالمية، محولة العاصمة إلى مركز إقليمي يربط آسيا بأوروبا.
هذه التطورات تدعم الوصول إلى معالم تاريخية مثل مدينة تركستان، وقصر السلام والتوافق في أستانا، وبحيرة آلامكول ومحمية ألتين-إمل، مما يجعل كازاخستان وجهة سياحية متنوعة تجمع بين التراث والحداثة.
لعبت وزارة الخارجية دورًا محوريًا في نشر رسائل “Born Bold” عالميًا، من خلال فعاليات ترويجية وفيديوهات تبرز التراث الكازاخي.
جذبت هذه الجهود مئات الرياضيين ورجال الأعمال، مع زيادة الاهتمام الاستثماري بنسبة 18%. بلغت إيرادات الشراكات الدولية 15 مليار دولار في النصف الأول من 2025، مع حملات رقمية وصلت إلى 150 مليون مشاهدة.
ساهمت الشراكات مع منظمة السياحة العالمية في تدريب 50 ألف شاب في الذكاء الاصطناعي، بينما عززت المهرجانات الثقافية، مثل عروض الدومبرا وبطولة قازاق كوريسي،
في قلب “Born Bold”، ينبض التراث الكازاخي كجسر ثقافي يربط الماضي بالمستقبل. فعاليات مثل بطولة قازاق كوريسي ومهرجانات الموسيقى التقليدية جذبت الملايين، معززة الروابط الثقافية مع 101 شعب كازاخي.
زيارتي الشخصية: سبتمبر الساحر في عاصمة الجرأة الذهبية، في منتصف سبتمبر 2025، هبطتُ في أستانا، العاصمة الكازاخية، في رحلة صحفية، كرحالة يعود إلى وطن لم يره من قبل.
أذهلني التقدم والازدهار والرقي والرفاهية التي تغمر المدينة كنسيم ذهبي، خاصة مع ذكريات ألعاب البدو العالمية التي أشعلت شرارة “Born Bold”. كانت الشمس تتلألأ على نهر إيشيم، محولة أستانا إلى لوحة فنية حية تعكس روح كازاخستان الحديثة الجريئة.
أول ما جذبني هو برج بايتيريك، رمز شجرة الحياة الأسطورية، يرتفع 97 مترًا تكريمًا لعام 1997 عندما أصبحت أستانا العاصمة.
من قمته، شاهدت منظرًا بانوراميًا يمتد إلى الآفاق، ووضعت يدي على بصمة الرئيس الأول، شعورًا بالفخر الكازاخي، محاطًا بـ101 معدني يمثل التنوع العرقي. في أساس البرج، حديقة خضراء تجمع النوافير الراقصة والمسارات المشجرة، تجسد التراث والحداثة، مدعومة بتطبيقات ذكية للتنقل والسياحة.
ثم توجهت إلى آسيا بارك، جنة حضرية تمتزج فيها الخضرة مع التصاميم الحديثة. تتراقص النوافير مع أضواء LED ليلاً، وتتيح ممرات الحجر الطبيعي وبحيرات اصطناعية تجربة استرخاء.
الناس هناك يتناولون الشاي الأخضر مع حلويات “جينالي”، وسط أصوات الطيور والرياح الهادئة، مرتبطة بشبكة ذكية للحدائق الافتراضية. البارك قلب نابض يربط الجانب الحديث والتاريخي لأستانا، مع فعاليات ثقافية يومية تروج لـ “Born Bold”.
تجولت في أحياء أستانا، مبهورًا بالمباني الزجاجية مثل خان شاتير – أكبر خيمة في العالم – وقصر السلام والتوافق الشفاف. النقل العام الفعال والمطاعم التي تقدم مزيجًا من المطبخ الكازاخي والدولي عززت شعوري بالسلام الداخلي.
أستانا ليست مدينة؛ إنها قصيدة حية، مع معالم مثل مسجد حضرة سلطان الكبير ومتحف كازاخ إيلي، مدعومة باستثمارات مليارية في البنية التحتية. غادرتُ مغرمًا، واعدًا بالعودة لاستكشاف المزيد من أسرارها الذهبية الجريئة. هذه الزيارة غيرتني؛ شعرت بالفخر بتقدم كازاخستان، حيث يندمج الرقي مع التراث في تناغم يجعل كل لحظة ذكرى خالدة. الفعاليات الثقافية اليومية والضيافة الأصيلة جعلت أستانا وجهة لا تُقاوم في عصر “Born Bold”.
من ألعاب البدو في 2024 إلى قمم الابتكار في 2025، أثبتت “Born Bold” أن الجرأة محرك للتغيير. بجذب 15.3 مليون زائر واستثمارات 15.7 مليار دولار في 2024، ورؤية 2025 التي تستهدف 20 مليون زائر بحلول 2030.
تحولت كازاخستان إلى جسر بين أوروبا وآسيا. تحت قيادة توكاييف وجهود وزارة الخارجية، تدعوك كازاخستان للانضمام إلى رحلتها: استثمر في مستقبلها، وشارك في بناء إمبراطورية الجرأة. زر www.bornbold.kz، فالسهوب تنادي، والمستقبل ينتظر













