Featuredعلوم وتكنولوجيا

مسبار يكتشف كنزاً علمياً.. علامات للحياة في محيط زحل

لطالما كان قمر زحل إنسيلادوس، المغطاة بالجليد، هدفاً رئيسياً لعلماء الفلك الباحثين عن بصيص أمل في وجود حياة خارج كوكب الأرض. ورغم موقعه البعيد وبرودته القاسية، أثبتت البيانات التي جمعها مسبار «كاسيني» قبل انتهاء مهمته، أن هذا القمر يخفي كنزاً حقيقياً؛ محيطاً مائياً ضخماً مالحاً تحت قشرته الجليدية السميكة.

ولكن الاكتشافات الأخيرة لم تعد تقتصر على مجرد وجود الماء. فقد كشفت التحليلات الجديدة والعميقة لـ«أعمدة الثلج والبخار» المتدفقة من شقوق القطب الجنوبي للقمر (التي تُسمى «خطوط النمر») عن دليل مذهل يؤكد أن «وصفة الحياة» البيوكيميائية باتت كاملة في إنسيلادوس.

العنصر المفقود

كان العلماء قد تأكدوا بالفعل من وجود خمسة من العناصر الستة الأساسية (المعروفة باسم CHNOPS) اللازمة لنشوء الحياة كما نعرفها على الأرض؛ الكربون، الهيدروجين، النيتروجين، الأكسجين، والكبريت.

لكنّ عنصراً حيوياً بقي «الحلقة المفقودة» التي تمنعنا من إعلان المحيط «صالحاً للسكن» بامتياز، وهو الفوسفور.

وأظهرت دراسات جديدة، نُشرت في مجلات علمية مرموقة مثل Nature Astronomy، أدلة قوية على توافر الفوسفور المذاب بكميات وفيرة في محيط إنسيلادوس

ويُعد الفوسفور، على شكل فوسفات، عنصراً حيوياً لا غنى عنه لتكوين الحمض النووي (DNA) والحمض النووي الريبوزي (RNA)، وهي المادة الوراثية للحياة، كما أنه ضروري لتكوين جزيئات الطاقة وغشاء الخلية.

اعتمد الباحثون على النمذجة الجيوكيميائية الحرارية لبيئة قاع المحيط في إنسيلادوس. وأشارت النماذج إلى أن صخور القاع، بالنظر إلى درجة حرارة المحيط ومالحته، يجب أن تذيب معادن الفوسفات لتطلقها في الماء بكميات قابلة للمقارنة مع تلك الموجودة في محيطات الأرض!

هذا الاكتشاف يذهب أبعد من مجرد قائمة عناصر كيميائية. فهو يعزز الفكرة القائلة بأن محيط إنسيلادوس يحتوي على فتحات مائية حرارية على غرار تلك الموجودة في قاع محيطات الأرض. وتعتبر هذه الفتحات «البقع الساخنة» التي تضخ الطاقة الكيميائية اللازمة لدعم حياة ميكروبية حتى في غياب ضوء الشمس.

بوجود الماء السائل، ومصدر الطاقة الحرارية، وجميع اللبنات الكيميائية الست، يكتسب قمر إنسيلادوس مركز الصدارة في السباق الكوني، منافساً بقوة قمر المشتري الجليدي «أوروبا».

مع تزايد الأدلة على أن إنسيلادوس يمتلك كل المقومات، بات السؤال الآن ليس «هل يمكن أن توجد حياة؟» بل «هل موجودة بالفعل؟».

قمر جليدي

ويؤكد العلماء أن الخطوة التالية واضحة وهي يجب العودة إلى إنسيلادوس! وتتجه الوكالات الفضائية الآن إلى وضع خطط لمهمات مستقبلية تهدف إلى الهبوط على القمر وأخذ قياسات مباشرة لعينات المحيط المتطايرة، بحثاً عن «التوقيع الحيوي» الذي يؤكد وجود كائنات حية.

إن إنسيلادوس لم يعد مجرد قمر جليدي، بل أصبح مختبراً كونياً يحمل مفتاح فك شفرة أصل الحياة وانتشارها في الكون.

 

زر الذهاب إلى الأعلى