أستانا رحلة نحو المدينة الذكية الآمنة

عبد الحميد حميد الكبي
في قلب كازاخستان، تتألق أستانا كنجمة صاعدة في عالم المدن الذكية، حيث تمزج بين الطموح التكنولوجي والرؤية المستقبلية لتوفير بيئة آمنة ومتطورة لسكانها. باستثمار يصل إلى 53 مليار تنغي (99 مليون دولار أمريكي)، تسعى العاصمة لتصبح واحدة من أكثر مدن المنطقة أمانًا وابتكارًا.
من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، تتحول أستانا إلى نموذج يحتذى به، يجمع بين السلامة العامة، الكفاءة الحضرية، والتكامل الرقمي. دعونا نستكشف كيف تُرسم ملامح هذه المدينة الذكية.
في 26 أغسطس 2025، استضافت أستانا منصة “أستانا. المدينة الذكية تبدأ اليوم”، التي جمعت مسؤولين، خبراء تكنولوجيا، وسكانًا لمناقشة مستقبل المدينة. كشفت استطلاعات الرأي، التي أجريت عبر تطبيق “المدينة الذكية”، عن اهتمام السكان البالغ بسلامة أطفالهم والمدارس (85%)، وتقليل حوادث الطرق (51%)، ودعم نظام المراقبة بالفيديو المدعوم بالذكاء الاصطناعي (91%). هذه الأرقام تعكس رغبة حقيقية في بناء مدينة آمنة ومستدامة، حيث يشعر الجميع بالراحة والأمان.
لذلك تُعد أستانا رائدة في كازاخستان بتطبيق تقنيتي PSIM (إدارة معلومات الأمن المادي) وVideoBrain من شركة Presight AI. هذه الأنظمة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات لحظيًا، مما يتيح الكشف التلقائي عن مخالفات المرور وتحليل الفيديوهات بدقة عالية. مع ربط أكثر من 22,000 كاميرا بمركز عمليات شرطة أستانا، وتشغيل 1,200 نظام ذكي، تتيح هذه التقنيات استجابة سريعة للحوادث وتعزيز الأمن العام. ما يزيد المشروع تميزًا هو إشراك 60% من أعمال التنفيذ لشركات تكنولوجيا المعلومات المحلية، مما يعزز الاقتصاد الكازاخستاني ويدعم نقل المعرفة التكنولوجية.
مشروع المدينة الذكية في أستانا ليس مجرد مبادرة محلية، بل جزء من رؤية وطنية طموحة. تهدف وزارة التنمية الرقمية والابتكار وصناعة الطيران والفضاء إلى تحسين كفاءة النقل، تعزيز الخدمات الحضرية، وزيادة القدرة التنافسية للمدن الكازاخستانية. يتم تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة إشارات المرور، مراقبة الطرق، البحث عن المطلوبين، وحتى التشخيص الطبي المبكر.
المشروع يغطي حاليًا أستانا، ألماتي، شيمكنت، والمراكز الإقليمية، مع خطط للتوسع إلى مدن المقاطعات، مما يجعل كازاخستان رائدة إقليميًا في هذا المجال.
تحدث ماكسات كوشومباييف، المدير الإقليمي لشركة Presight AI كازاخستان، عن أهمية مركز بيانات جديد يُشيَّد ليكون العمود الفقري للبنية التحتية الرقمية للمدينة.
هذا المركز لن يكون مجرد مخزن بيانات، بل منصة متطورة لتحليل البيانات لحظيًا، مما يدعم اتخاذ قرارات سريعة وفعالة. “هدفنا هو دمج أكبر قدر من البيانات التشغيلية في نظام بيئي رقمي موحد، مستفيدين من قوة الحاسوب العملاق الحكومي”، كما أوضح كوشومباييف. هذا النهج سيضمن استقرار الخدمات وأمان المعلومات، مما يعزز ثقة السكان في النظام.
مشروع أستانا الذكية ليس مجرد تجربة محلية، بل نموذج وطني يمكن تكراره في مدن أخرى. بدعم من خبرة Presight AI، وتوجيهات الرئيس توكاييف للتوسع على المستوى الوطني، تُرسي أستانا الأساس لمستقبل رقمي مشرق. من خلال دمج التقنيات المتقدمة مع احتياجات السكان، تثبت أستانا أن المدينة الذكية ليست مجرد مفهوم، بل واقع ملموس يعزز الأمان والرفاهية.
أستانا ليست مجرد عاصمة كازاخستان، بل رمز للتحول الرقمي والابتكار. مع استثمارات ضخمة وتقنيات متطورة، تضع المدينة معايير جديدة للأمان والكفاءة الحضرية.
بينما تتقدم أستانا في رحلتها لتصبح مدينة ذكية، فإنها تلهم مدنًا أخرى في كازاخستان والمنطقة للسير على خطاها، مُثبتةً أن المستقبل يبدأ اليوم.