انعقدت قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي لعام 2024 في بيجينغ خلال الفترة من 4 إلى 6 سبتمبر الجاري بشكلٍ رائع، وحضر الرئيس الصيني، شي جينبينغ، مراسم افتتاح القمة وألقى خطاباً رئيسياً، في القمية التي شارك فيها زعماء جميع الدول الأفريقية الـ53 التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وممثلين عن أكثر من 30 منظمة دولية وأفريقية إقليمية.
أثناء القمة، توصل الجانبان الصيني والأفريقي إلى توافقات سياسية واضحة في شأن تعزيز التعاون الشامل الأبعاد بين الصين وأفريقيا، واعتمدا بالاجماع وثيقتين مهمتين، أي «إعلان بيجينغ» و«برنامج بيجينغ».
يرى جميع الأطراف بالاجماع أن القمة تكللت بنتائج مثمرة، وترصد السطور التالية أبرزها في إيجاز من خلال الأرقام:
أثناء القمة، عقد الرئيس شي جينبينغ لقاءات ثنائية مع جميع رؤساء الدول أو رؤساء الحكومات المهمة الذين حضروا القمة، لإجراء محادثات متعمقة حول القضايا الاستراتيجية الكبرى، ورفعت الصين علاقات الشراكة الاستراتيجية مع 30 دولة أفريقية، ما أدخل الصين في علاقات شراكات استراتيجية مع جميع الدول الأفريقية التي تقيم علاقات دبلوماسية معها.
علاوة على ذلك، تم ترقية العلاقات العامة بين الصين والدول الأفريقية إلى مستوى المجتمع الصيني الأفريقي للمستقبل المشترك في كل الأجواء في العصر الجديد، الأمر الذي سيلعب دوراً أكبر في تعزيز رفاهية الشعب الصيني والشعوب الأفريقية والحفاظ على السلام والاستقرار في العالم.
6 رؤى لدفع التحديث في الصين وأفريقيا
وضح الرئيس شي جينبينغ 6 رؤى للجهود الصينية الأفريقية المشتركة في دفع التحديث، مشيرا إلى أن على الصين وأفريقيا السعي إلى تحقيق التحديث الذي يتسم بالعدالة والإنصاف، والانفتاح والنفع للجميع، والتنوع والشمول، والسلام والأمن، ويضع الشعب فوق كل الاعتبارات، ويكون صديقا للبيئة، وهو ما يحظى بتأييد واسع النطاق من القادة الأفارقة، وسيترك تأثيرات مهمة وعميقة بكل تأكيد على قيادة «الجنوب العالمي» لتسريع وتيرة التحديث ودفع التحديث في العالم.
أجندة عمل لمدة 3 سنوات
رسم «إعلان حول بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين وأفريقيا في جميع الأحوال خلال العصر الجديد» و«خطة عمل لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك)» اللذان تم تبنتهما الصين وأفريقيا خطة عمل لتعزيز التعاون في السنوات الثلاث المقبلة.
وأعلن الرئيس الصيني عن استعداد الصين للعمل معا مع الجانب الأفريقي على تنفيذ أعمال الشراكة العشرة بين الصين وأفريقيا لدفع التحديث خلال السنوات الثلاث المقبلة، ألا وهي الاستفادة المتبادلة بين الحضارات، والازدهار التجاري، والتعاون في السلاسل الصناعية، والترابط والتواصل، والتعاون الإنمائي، والصحة، والنهوض بالزراعة وخدمة الشعب، والتواصل الشعبي والثقافي، والتنمية الخضراء، وتحقيق الأمن.
ومن أجل دفع تنفيذ أعمال الشراكة العشرة، ستتخذ الصين سلسلة من التدابير العملية، بما فيها منح جميع الدول الأقل نموا التي لها العلاقات الدبلوماسية مع الصين معاملة صفر التعريفة الجمركية على 100 في المئة من المنتجات الخاضعة للضريبة المستوردة منها، وخلق ما لا يقل عن مليون فرصة عمل لأفريقيا، بما يجعل الشعوب الأفريقية تستفيد من ثمار التنمية بصورة أفضل.
الدعم المالي بقيمة 360 مليار يوان صيني
أعلن الرئيس شي جينبينغ بأن الحكومة الصينية تحرص على تقديم 360 مليار يوان صيني من الدعم المالي في السنوات الثلاث المقبلة، بما فيها خط الائتمان بقيمة 210 مليارات يوان صيني، و80 مليار يوان صيني من مختلف الأنواع من المساعدات، ودفع الشركات الصينية باستثمار ما لا يقل عن 70 مليار يوان صيني في أفريقيا، بما يقدم دعماً قوياً للتعاون العملي بين الصين وأفريقيا في شتى المجالات.
في تعاون الصين طويل الأمد مع أفريقيا، التزمت الصين دائماً بمبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية وتقديم المساعدات بإخلاص لأفريقيا، وذلك من دون ربط المساعدات بأي شروط سياسية، ولم تشارك الصين أبدا في الألعاب الجيوسياسية، وظلت تعارض استغلال أفريقيا لتحقيق مكاسب أنانية، وهذا يختلف تماما عن ممارسات بعض الدول الغربية، فكلما تحدث السياسيون ووسائل الإعلام الغربية عن التعاون بين الصين وأفريقيا، فإنهم يبالغون دائما في ما يسمى بـ«فخ الديون».
في الواقع، تُظهر الإحصاءات الأخيرة لصندوق النقد الدولي أن الديون الثنائية بين الصين وأفريقيا لا تمثل سوى 11 في المئة من إجمالي الديون الخارجية لأفريقيا، ما يدل على أن الصين لم تكن قط دائناً رئيسياً للديون الأفريقية، كما أكد السياسيون الأفارقة على أن استثمار الصين في أفريقيا يجلب فوائد متبادلة ونتائج مربحة للجانبين.
وتعكس حجة «فخ الديون» عقلية «العنب الحامض» التي تتبناها بعض البلدان التي لا تستطيع بلوغ العنب.
إن الدول التي تشوه سمعة التعاون الصيني الأفريقي هي على وجه التحديد نفسها التي تسببت في بؤس لا يوصف في التاريخ الأفريقي، وفشلت في مساعدة أفريقيا لتحقيق التنمية.
لقد وضع التعاون الصيني الأفريقي مثالاً ناجحاً للتعاون الدولي في عالم اليوم، كما أنه يعطي إلهاماً كبيراً لتعميق التعاون الودي بين الصين والكويت والدول العربية الأخرى.
وفي حين أن علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين والكويت الصديقة تُعرض عليها فرصة ذهبية لمزيد من النمو، فإن الصين مستعدة للعمل مع الجانب الكويتي بجدية لترجمة التوافقات المهمة بين قيادتي البلدين على أرض الواقع، ودفع إحراز تقدم مستمر لمشاريع التعاون الرئيسية بين البلدين، بطريقة تساهم في تسريع تنويع الاقتصاد الكويتي وتنميته، من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة والفوز والازدهار المشتركين لكلا البلدين.
* السفير الصيني لدى الكويت