الزيوت الأساسية من مدغشقر، والأحجار الكريمة من زامبيا، والقهوة من إثيوبيا، والمنحوتات الخشبية من زيمبابوي، والنبيذ من جنوب أفريقيا، ومستحضرات التجميل من السنغال… ظهرت العديد من المنتجات الأفريقية المختارة في السوق الصينية خلال السنوات الأخيرة، مع تنفيذ سلسلة من تدابير تيسير التجارة بين الصين وأفريقيا.
ومن “خطط التعاون العشر الكبرى” إلى “الإجراءات الثمانية الكبرى” إلى “المشاريع التسعة”، كان تيسير التجارة دائما أحد الموضوعات المهمة في التعاون الصيني الأفريقي. كما حافظ التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني الأفريقي على حيوية قوية واستمر في تحقيق نتائج مثمرة بفضل التدابير العملية التي تم اتخاذها في الدورات السابقة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي.
وظلت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة 15 عاما على التوالي. ووفقا لبيانات وزارة التجارة الصينية، وصل حجم التجارة بين الصين وأفريقيا إلى ذروة تاريخية تبلغ 282.1 مليار دولار أمريكي في عام 2023، بزيادة سنوية قدرها 1.5%.
كما لم يصل حجم التجارة بين الصين وإفريقيا إلى مستويات عالية جديدة فحسب، بل استمر تحسين هيكلها أيضًا. وأصبحت المنتجات الزراعية المستوردة من أفريقيا من أبرز معالم النمو. وفي عام 2023، زادت واردات الصين من المكسرات والخضروات والزهور والفواكه من أفريقيا بنسبة 130%، و32%، و14%، و7% على التوالي على أساس سنوي. وأصبحت المنتجات الميكانيكية والإلكترونية “القوة الرئيسية” في الصادرات الصينية إلى أفريقيا. وحققت صادرات مركبات الطاقة الجديدة وبطاريات الليثيوم والمنتجات الكهروضوئية إلى أفريقيا نموا سريعا، مما يدعم بقوة تحول الطاقة الخضراء في أفريقيا.
لماذا يمكن للتجارة بين الصين وأفريقيا أن تحافظ على حيويتها؟
إن اقتصاد الصين وأفريقيا متكاملان إلى حد كبير، مما يضع الأساس للتعاون الاقتصادي والتجاري الثنائي. ومن الزراعة إلى بناء البنية التحتية، إلى الصناعات التحويلية والخدمات، ينعكس التكامل الاقتصادي بين الصين وأفريقيا في مجموعة واسعة من المجالات مثل التعاون الصناعي والمساعدة الفنية وإمكانات السوق والتعاون في مجال الموارد البشرية.
وفي ظل استمرار استيراد المنتجات الزراعية عالية الجودة والموارد المعدنية الغنية من أفريقيا إلى الصين، جلبت الأخيرة أيضاً تقنيات جديدة وأشكال أعمال جديدة مثل الخدمات اللوجستية التجارية، والاقتصاد الرقمي، والطاقة النظيفة، والصحة، والتنمية الخضراء، والتمويل إلى أفريقيا.
وتستمر تدابير تيسير التجارة بين الصين وأفريقيا في التزايد، مما يضخ زخما في التعاون الاقتصادي والتجاري الثنائي. ومع الإطلاق الرسمي للمنطقة التجارة الحرة للقارة الإفريقية (AfCFTA)، أصبح تعزيز التعاون التجاري مع الصين محل إجماع الدول الأفريقية.
وفي الوقت نفسه، تواصل الصين توسيع قنوات المنتجات الأفريقية لدخول السوق الصينية. والى غاية يونيو 2023، تمتعت 21 دولة أفريقية بمعاملة جمركية صفرية لـ 98٪ من المنتجات المصدرة إلى الصين.
وبالإضافة إلى المعارض العالمية مثل معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين الدولي للسلع الاستهلاكية، أنشأت الصين أيضًا منصات مثل المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الأفريقي للدول الأفريقية، مما عزز رؤية المنتجات الأفريقية في السوق.
كما يستمر مستوى الارتباط بين الصين وأفريقيا في التحسن، مما يوفر الدعم للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين. ويعتمد تطوير التجارة على البنية التحتية الجيدة للنقل. ففي السنوات الأخيرة، حقق التعاون بين الصين وأفريقيا في بناء البنية التحتية نتائج ملحوظة، مما وفر دعما قويا لتعزيز تيسير التجارة بين الصين وأفريقيا.
ونفذت الشركات الصينية عددا من المشاريع التمثيلية والمشاريع “الصغيرة ولكن الجميلة” في مجالات النقل والطاقة والكهرباء والإسكان ومعيشة الناس في أفريقيا، شملت أكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، وما يقرب من 100 ألف كيلومتر من الطرق، وما يقرب من ألف جسر، وما يقرب من مائة ميناء، وعدد كبير من المستشفيات والمدارس.
واليوم، يستمر التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وأفريقيا في التوسع، ويمتد من التجارة التقليدية والبناء الهندسي إلى المجالات الناشئة مثل التكنولوجيا الرقمية والأخضر والفضاء والتمويل.
على سبيل المثال، يساعد مشروع “مستودع العلامات التجارية الأفريقية” الصيني الفلفل الرواندي وغيره من المنتجات المصدرة إلى الصين على احتضان العلامات التجارية، وتخصيص التغليف، واعتماد طريق عالي الجودة.
وبالاعتماد على التكنولوجيا الصينية، تم بنجاح اختبار صنف الذرة البيضاء المحلي في كينيا، وكان إنتاجه أعلى بنسبة 50% من إنتاج نفس الصنف في المناطق المحيطة. وقد وقعت الصين اتفاقيات نقل جوي مدني مع 27 دولة أفريقية، وقامت ببناء وإطلاق أقمار صناعية للأرصاد الجوية للجزائر ونيجيريا ودول أخرى.
كما تظهر مجالات جديدة، وأشكال أعمال جديدة، ونماذج جديدة الواحدة تلو الأخرى، ويستمر التعاون بين الصين وأفريقيا تطوره بطريقة شاملة ومتعددة المستويات وعالية الجودة، وأن يكون في طليعة التعاون الدولي مع أفريقيا.
وفي يناير من هذا العام، وافق مجلس الدولة الصيني على “الخطة الشاملة لبناء منطقة تجريبية للتعاون الاقتصادي والتجاري العميق بين الصين وأفريقيا”. وإن بناء المنطقة هذه بين الصين وأفريقيا يلبي تطلعات الصين وأفريقيا ويضع معيارا جديدا للتعاون الدولي مع أفريقيا.
وبالتطلع إلى المستقبل، ستخلق التجارة الصينية الأفريقية دون عوائق المزيد من الفرص الجديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الأفريقية وتقوي أواصر المجتمع الصيني الأفريقي ذي المستقبل المشترك في العصر الجديد.
صحيفة الشعب اليومية