لماذا نصبح أقصر مع التقدم في السن؟
من المعروف أن تدهور البصر والسمع والذاكرة، من علامات تقدم العمر والشيخوخة، إلا أن الشيء الذي لا يعرفه البعض هو أن نقص الطول هو عرَض يرافق تقدم العمر أيضاً.
ووفقاً لـ د. آدم هوكي من كلية الرياضة والصحة ونائب رئيس الجمعية البريطانية لعلوم الرياضة والتمرين (BASES)، يرجع هذا الانكماش الواضح في الطول إلى عوامل عدة تتعلق بتغيرات تحدث في العظام والعضلات والمفاصل والأنسجة الأخرى في الجسم. وشرح قائلاً: «لكن يجب التنبيه إلى أن نقص الطول وخاصة لو حدث بشكل سريع قد يرجع إلى أمور غير صحية أو غير طبيعية. ففي حين أن نقصان سنتيمتر أو أكثر بشكل تدريجي خلال سنوات تقدم العمر يعد عرضاً طبيعياً للشيخوخة، فإن فقدان عدد أكبر من سنتيمترات الطول بشكل سريع قد يشير إلى مشكلة صحية. لذا، من المهم أن تراقب ما يحدث لجسمك مع تقدمك في العمر حتى تتمكن من اكتشاف المشاكل الصحية وأيضاً لتواجه بعض الآثار السلبية للشيخوخة».
مسببات عليك الانتباه لها
أوضح د. آدم أن نقص الطول خلال المراحل المختلفة في الحياة قد يعزى إلى الأسباب التالية:
◄ نقص الطول خلال وقت مبكر كالثلاثينيات من العمر، قد يدل على فقدان الكتلة العضلية المرتبط بالعمر، والمعروف علمياً باسم ضمور العضلات. ويعرف أن فقد كتلة العضلات يحدث بمعدل %3–%5 كل عقد (10 سنوات)، ويتسبب بانكماش قياسات الجسم عموماً.
◄ نقص عضلات سريع خلال سنوات الأربعينيات، قد يدل على أمر مثير للقلق وهو فقد كتلة العضلات التي تجعلك تقف مستقيماً (عضلات الجذع). وذلك لأن انخفاض قدرتها على الحفاظ على وضعيتك المستقيمة سيجعلك تبدو منحنياً وبالتالي أقصر.
◄ نقص الطول خلال الخمسينيات من العمر، غالباً ما يدل على حدوث انخفاض في كتلة العظام (ترقرق العظام) أو تغير في شكلها. فالعظام عبارة عن نسيج ضام يستجيب للأحمال الميكانيكية ويمكنه إعادة تشكيل نفسه طوال حياتك. وخلال سنوات شبابك تترسب العظام بسرعة كبيرة حتى تصل إلى %90 من ذروة كتلة العظام في عمر 30–35 سنة. ولكن من بعد هذا العمر، سيقل ويتباطأ ترسب العظام ويتسارع فقدانها بشكل أكبر مما يتم تكوينها. ومع تقدم العمر، بخاصة بعد سن انقطاع الطمث عند النساء، سيؤدي تزايد فقدان العظام إلى حالة تعرف بهشاشة العظام، وتتميز بانخفاض كتلة العظام وتزايد خطر الإصابة بالكسور. لذا، فقد يكون تناقص الطول السريع في هذا العمر دلالة على حدوث كسر أو كسور تهشمية عدة في فقرات العمود الفقري.
◄ أسلوب الحياة قد يسبب تغيرات في العظام: بعكس الاعتقاد السائد بأن نسيج العظام ثابت لا يتغير شكله، فهو في الواقع نسيج ضام قد يتغير تبعاً لتكرار حركات الجسم وتعرضه للكسر والمرض. لذا، قد يؤدي انحناء الشخص الدائم أثناء مشاهدته لشاشة الهاتف أو طريقة جلوسه السيئة على الكرسي أو حمله لأثقال كبيرة على ظهره إلى تغير شكل العظام وتحدب الظهر الدائم وبالتالي ظهور الشخص بمظهر أقصر من قبل. كما قد يكون السبب هو تغيرات تحدث في الوركين أو الركبتين تبعاً لحدوث كسر أو ترقرق، فلذلك تأثير سلبي في القامة.
◄ تسطح الأقراص وتدهور الأربطة: مع تقدم العمر يصبح الجسم أكثر عرضة للجفاف، وتظهر على أعضائه آثار الاستهلاك. ومن الأعضاء التي تتأثر بهذه العوامل أقراص العمود الفقري (الديسك). فهذه الأقراص المشابهة للوسائد الهلامية تكون بين الفقرات لتمتص الصدمات وتحافظ على مرونة الظهر واستقامته. وتتكون هذه الأقراص أثناء مرحلة الطفولة والشباب من حوالي %80 من الماء. إلا أن تقدم العمر يتسبب في جفافها وانضغاطها وتآكلها، وبالتالي تقل سماكة الأقراص وتتسطح. ونتيجة لذلك، تقل المسافات بين فقرات العمود الفقري مما يؤدي إلى نقص الطول وتقوس الظهر أيضاً. ويمكن ملاحظة تأثير مماثل في المفاصل أيضاً. فتسطح أقراص مفصل الركبة وتدهور الأربطة قد يؤديان إلى تقوس الساق ونقص الطول أيضاً. كما أن تدهور أربطة مفاصل القدم سيجعلك تمشي بقدم مسطحة أكثر وبالتالي نقص الطول.
كيف تقلل فقدان الطول؟
في حين أن معظم فقدان الطول يتم تحديده بواسطة جيناتك، إلا أن هناك بعض العوامل في نمط الحياة يمكنها المساعدة في الحفاظ على طولك، وتقليل آثار الشيخوخة على صحتك ورفاهيتك، مثل:
1 – ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وخاصة الأنشطة التي تتضمن أشكال حمل الوزن (سواء وزن الجسم أو الأثقال)، فهي مفيدة لتعزيز الكتلة العضلية وبنية العظام. وقد أظهرت الأبحاث أن تطوير عظام قوية خلال سنوات (عندما يتم إنشاء معظم كتلة العظام) يوفر بعض الحماية خلال سن الشيخوخة. وهذا النوع من التمارين يعزز كتلة العضلات ويقلل من تدهورها. ولكن لا تقلق، فبدء ممارسة الرياضة في أي سن يقترن بالاستفادة من فوائدها. لذا، لا تتعذر بالعمر أو عدم التعود بل ابدأ بممارسة الرياضة التي تناسبك، بعد استشارة الطبيب، لحماية جسمك من هشاشة العظام والضمور العضلي.
2 – اتباع نظام غذائي صحي: من الضروري تناول الأطعمة التي تعزز صحة العظام مثل الغنية بفيتامين D والكالسيوم، مثل منتجات الحليب والمكسرات (كاللوز)، والخضروات كالورقيات والقرنبيط واللفت.
3 – تفادي السلوكيات الضارة: يسهم عدم التدخين والحد من استهلاك الكافيين في تقليل تدهور صحة المفاصل والعظام والكتلة العضلية. كما يجب التعود على الالتزام بوضعيات القوام السليمة، وذلك بالحرص على استقامة الظهر أثناء الجلوس والنظر إلى شاشات الهاتف وحمل الأثقال بشكل صحيح.