أفاد تقرير صدر عن منصة «غلوبل إس دبليو إف» بأن الأصول المدارة لصناديق الثروات السيادية لدول الخليج وصلت 4.1 تريليون دولار في 2023، وهي ذروة تاريخية، فيما بلغت قيمة الصفقات– ولو أنها أقل بقليل من مستويات 2022- ماقيمته 82.3 مليار، بقيادة (الخمسة الكبار) وهي: جهاز أبوظبي للاستثمار، مبادلة، القابضة، صندوق الاستثمارات العامة، وجهاز قطر للاستثمار.
وتوقعت المنصة أن يبلغ حجم أصول الصناديق السيادية الخليجية (19 صندوقاً) 7.6 تريليون دولار بحلول 2030، وأن يبلغ حجم أصول الهيئة العامة للاستثمار 1.127 تريليون خلال الفترة ذاتها، منوهة إلى أن المستثمرين الحكوميين (المملوكين للدولة) يملكون نحو 50 تريليون دولار، ما يمثل نصف الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وتتصدر الاقتصاديات الثلاثة الرائدة في العالم أميركا والصين واليابان ترتيب الدول حسب الثروة العامة من حيث القيمة المطلقة.
وذكر التقرير أن من بين الأسباب الواضحة لتضخم أصول هذه الصناديق استمرار ارتفاع أسعار النفط، إذ جنت صناديق الثروة السيادية الخليجية ثمار المكاسب المالية غير المتوقعة وتعافت بشكل أسرع من غيرها من كارثة الأسواق المالية في 2022، فيما تمثل السبب الآخر في نضج المشهد الاستثماري، مع دخول مجموعة واسعة من اللاعبين إلى الأسواق المحلية والعالمية بمستوى من التطور لم يسبق له مثيل. وقد أدى ذلك إلى تعزيز التنويع الاقتصادي، والذي يتوقع أن يدفع النمو في دول الخليج إلى 3.6 في المئة و3.7 في المئة بـ2024 و2025، على التوالي، وفقاً للبنك الدولي.
وأظهرت البيانات التي نشرها التقرير أن حجم الأصول المدارة للهيئة العامة للاستثمار يساوي 801 مليار دولار، 10 في المئة منها تستثمرها محلياً، والبقية (721 مليار دولار) في أسواق عالمية، وهو رابع أعلى رقم لصندوق سيادي بعد الصندوق النرويجي وجهاز أبوظبي للاستثمار وصندوق جي آي سي السنغافوري. وأوضح التقرير أن الهيئة تستثمر 19 في المئة من أصولها في أسواق خاصة في العالم.
دعم كبير
وأوضح التقرير أن العام الماضي شهد دعماً كبيراً من المستثمرين السياديين لاقتصادهم المحلي، فعلى سبيل المثال، حصلت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على أراضٍ من الحكومة بقيمة 8.1 مليار دولار ضمن تسوية مستحقات للمؤسسة وبهدف التطوير العقاري الإستراتيجي، ربما ضمن نطاق شركة الوفرة العقارية التابعة لها، والتي تقوم بتطوير جزيرة فيلكا؛ فيما ضخ صندوق «TWF» التركي أكثر من 5 مليارات في 3 بنوك مملوكة للدولة؛ ووافقت شركة «CIC» الصينية على شراء 20 في المئة من بنك هونان وشراء المزيد من الأسهم في أكبر أربعة بنوك في البلاد، من خلال شركة سنترال هويجين التابعة لها.
ولفت التقرير إلى أن الجغرافيا السياسية مهمة في دول الخليج أكثر من أي مكان آخر، ويجب فهمها، فعلى سبيل المثال، لا تزال الكويت تعاني من بعض المشاكل المحلية والخلافات المستمرة في مجلس الأمة والتي أثّرت على عمل وإمكانات الهيئة العامة للاستثمار والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
من ناحية ثانية، ذكر التقرير أن صناعة صناديق الثروة السيادية الخليجية ترتكز على أكبر 3 لاعبين يزيد عمرهم على 50 عاماً: الهيئة العامة للاستثمار (1953)، وجهاز أبوظبي للاستثمار (1967)، وصندوق الاستثمارات العامة السعودي (1971)، مضيفاً أن الصناديق الخليجية لا تعاني من شح السيولة، وأن هناك دوماً تدفقات جديدة ومشروعات تنمية تجعل مستقبلها مثيراً للاهتمام.
ولفتت المنصة إلى تسارع تدفق المستثمرين الأجانب العاملين في المنطقة، عدا عن تواجد المديرين والمستشارين من جميع أنحاء العالم كل عام لحضور المؤتمرات والاجتماعات في المنطقة،لا سيما بين شهري أكتوبر ومارس.
أداء باهت
في سياق آخر، بين التقرير أنه خلال السنوات الست الماضية جمعت الشركات الخليجية 76.5 مليار دولار في البورصات المحلية. وقد اختار ما يقرب من 70 في المئة من 138 شركة خليجية طرحت أسهمها للاكتتاب العام بين عامي 2018 و2023 سوق تداول السعودية. وشهدت دولة الإمارات، مع سوق أبوظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالي وناسداك دبي، 24 اكتتاباً عاماً أولياً، في حين شهد مؤشر بورصة مسقط 8 اكتتابات عامة وبورصة قطر 4 اكتتابات، وعلى خلاف ذلك، كانت بورصة الكويت وبورصة البحرين مخيبتين للآمال.
وعلى صعيد الاستثمار في البورصات الأجنبية، أظهر البيانات أن الهيئة العامة للاستثمار خفّضت استثمارها في الأسهم الصينية بنسبة 18 في المئة ما بين ديسمبر 2022 إلى سبتمبر 2023، وكذلك استثماراتها في الأسهم الهندية بنسبة 2 في المئة للفترة ذاتها.
أكبر تركز للثروة عالمياً بمناطق أصغر… بكثير
بين تقرير«غلوبل إس دبليو إف» أنه إذا ما تمت مقارنة رأسمال المستثمرين الحكوميين والناتج المحلي الإجمالي لبلدانهم، يظهر أن أكبر تركز للثروة في العالم في مناطق أصغر بكثير، وبعضها، على نحو غير مفاجئ، في الشرق الأوسط (أبوظبي والكويت ودبي وليبيا وقطر والسعودية)، وفي آسيا (سنغافورة وبروناي وهونغ كونغ). وإذا ما تم إسقاط هذه الحسبة على عدد السكان الحالي في كل إقليم، فإن المراكز الخمسة الأولى ستكون من نصيب أبوظبي وسنغافورة والنرويج والكويت وقطر (أي قبل موناكو ولوكسمبورغ وسويسرا).
ويواصل المستثمرون السياديون فتح مكاتب بعيدة عن مقارهم الرئيسية، كجزء من جهودهم الاستثمارية وتعزيز علاقاتهم مع دولة أو منطقة معينة. وشهد 2023 افتتاح 9 مكاتب، فعلى سبيل المثال، في نيويورك، قامت شركة رين هاوس التابعة للهيئة العامة للاستثمار بتعيين مارتن توريس من شركة بلاك روك للتركيز على تحوّل الطاقة وافتتحت مكتباً في وسط المدينة.
في سياق آخر، لفت التقرير إلى أن الصناديق السيادية كانت بين البائعين والمشترين النشطين خلال 2023، فعلى سبيل المثال، استحوذت الهيئة العامة للاستثمار على 50 في المئة في شركة (SeaCube Container Learing) ) من صندوق تقاعد المعلمين في أونتاريو، واستثمرت عن طريق الذراع الاستثمارية العالمية المتخصصة بالبنية التحتية (رين هاوس).
وأشار التقرير إلى أن المستثمرين الخليجيين خفّضوا حصصهم طويلة الأجل في الكيانات الرئيسية المدرجة، بما في ذلك «هيئة الاستثمار» في «مرسيدس بنز»، وجهاز قطر للاستثمار في «باركليز» و«كريدي سويس».
وبين أن الاستثمار في التكتلات الصناعية ارتفع بشكل كبير خلال 2023، بسبب نشاط بعض المستثمرين الخليجيين الذين يساهمون في البنية التحتية والتنمية المحلية. وشهدت التكنولوجيا كقطاع قائم بذاته انخفاضاً حاداً في القيمة والحجم، رغم اندماجها بشكل متزايد في الصناعات الأخرى.
وأصبحت الاستثمارات المشتركة أكثر شعبية، ولأول مرة زادت قيمتها بأكثر من 30 مليار دولار.
ومع ذلك، لا يتصرف المستثمرون السياديون بالطريقة ذاتها عندما يتعلق الأمر بتوظيف رأس المال، إذ أشار التقرير إلى أنه من خلال إلقاء نظرة على منطقة الخليج، فإن بعض الصناديق مثل «هيئة الاستثمار» ومؤسسة دبي للاستثمار تفضل الاستثمار عن طريق صناديق.
الراي
لقراءة الخبر من المصدر أضغط على الرابط
https://www.alraimedia.com/article/130