150 ألف دينار تكلفة علاج المدمن الواحد سنوياً

تخوض الكويت، منذ مدة طويلة، حربا ضروسا ضد المخدرات وحبوب الهلوسة والمنشطات الممنوعة، التي شهدت انتشارا مقلقا في المجتمع، زاد من وطأة إيلامه ارتباطه بجرائم قتل مروعة ومشادات عنيفة، في ظل تقارير متواترة تؤكد تعرض الكويت ودول خليجية أخرى، لحملة منظمة تستهدف شبابها في المقام الأول، وتحويل البلاد من مجرد محطة لتهريب الممنوعات إلى دولة يعبث فيها تجار السموم وتنشط تجارتهم المدمرة داخلها، في وقت تبدو فيه وسائل إخراج المدمنين من الدائرة الشريرة وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع كعناصر صالحة ومنتجة، ضئيلة ومحدودة للغاية، فليس هناك سوى مستشفى واحد متخصص في علاج الإدمان، يعاني من ضغط كبير على مستوى مراجعيه ونزلائه وقلة كوادره الطبية العاملة.
يواجه شباب الكويت ومراهقوها، ظروفا شديدة القسوة، تدفع ببعضهم إلى محيط الإدمان لأسباب عديدة، بينها انشغال الوالدين عن تربيتهم، وقلة الوازع الديني والاخلاقي وغياب التوعية المأمولة من وزارات التربية والأوقاف والداخلية والإعلام، وأوقات الفراغ العريضة التي لا تجد متسعا ممتازا لاستثمارها في ما يفيد، وافتقار البلاد للبيئة الترفيهية والسياحية الملائمة للترويح عن النفس وتمضية الوقت مع الرفقة الصالحة، مما يجنب الشباب من الانزلاق في بحر التعاطي، وما يتصل به من جرائم عنيفة بلغ بعضها درجة إزهاق الأرواح.
وتبدو وسائل الخروج من دائرة الإدمان، صعبة المنال حاليا، بالرغم مما تبذله الدولة من جهود، فالكويت بلا مركز طبي متخصص لعلاج حالات الإدمان المتزايدة، مع التسليم بوجود مستشفى حكومي وحيد، يقدم خدمات متكاملة هو مستشفى الطب النفسي، الذي افتتح في عام 1953 وحولوا اسمه إلى مركز الكويت للصحة النفسية، إلى جانب عدد ضئيل جدا من مستشفيات في المجال، لا تتوافر فيها الإمكانات اللازمة، ومراكز أهلية محدودة تكتفي بتقديم الاستشارات.
لا إحصائية رسمية تؤكد حجم التكلفة السنوية لعلاج المدمن بشكل فعال، داخل مراكز علاج الإدمان في البلاد، لكن مصادر طبية رجحت أن تصل التكلفة إلى 150 ألف دينار. وأوضحت أن حصول المدمن على علاج فعال، غالبا ما يكون صعب المنال، بالنسبة للأهل وللأشخاص المتعاطين، فيحاول بعض الأفراد الحصول على العلاج المناسب لسنوات طويلة، والتنقل من برنامج علاجي إلى آخر، ومن مركز إلى غيره، وتتفاوت الأسعار بين المراكز، وفي المحصلة لا تقل التكلفة عن 150 ألف دينار سنوياً.
وعلى مدى سنوات من العمل في مجال مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وعلاج المدمنين، بدا واضحاً أن كل تلك الجهود ضاعت سدى، فقد فشل مركز علاج المدمنين في المستشفى في تدارك الأمر، لأسباب لوجستية تتعلق بالنقص في طواقمه الطبية واعتماده على التقنية التقليدية في معالجة آثار الإدمان المدمرة، وعدم توافره على حلول تعيد تأهيلهم داخل المجتمع.
كما لم تنجح، حتى الآن، الأجهزة الحكومية المعنية بمنع انتشار المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، التي استغل تجار الموت الثغرات، عبر المنافذ البحرية والبرية والجوية، على الرغم مما تبذله الأجهزة الأمنية و«الجمارك» من جهود ملحوظة، الأمر الذي يتطلب ضرورة تغيير نمط المكافحة والعلاج؛ ليتواكب مع هذه الظاهرة الخبيثة التي أصابت العالم بأكمله.
3 أطباء فقط.. لكل 100 ألف مريض نفسي
على قلة مستشفيات الطب النفسي وعلاج الإدمان في البلاد، فإنها تواجه تحدياً كبيراً يكمن في قلة الطواقم الطبية المتخصصة، قياساً بالمواصفات العالمية المعلومة والمعتمدة، التي تشير مثلاً إلى أن لكل 100 ألف مواطن 9 أطباء يعالجونهم ويتابعون حالاتهم، أما الكويت فحالها كالتالي:
¶ 3 أطباء لكل 100 ألف مريض نفسي
¶ 20 سريرا للعلاج النفسي لكل 10 آلاف من المرضى
¶ ممرض لكل 10 آلاف مريض نفسي
مستشفيات الطب النفسي
1 – مستشفى الطب النفسي
◄ يعتبر الأعرق بين المستشفيات المتخصصة في الأمراض النفسية، والأوحد في تقديم الخدمات الطبية المتكاملة، وقد أنشئ عام 1953 وخضع لمراحل عديدة من التطوير، آخرها عام 2006.
◄ يقدم المستشفى عددا من الخدمات، مثل:
¶ الطب النفسي العام.
¶ علاج الإدمان على المخدرات.
¶ التأهيل السلوكي والتقويم الفكري.
¶ الطب النفسي للأطفال والمسنين.
2 – مستشفى الرقعي (المركز التخصصي)
◄ «مركز الرقعي التخصصي» أحد المراكز التابعة لمستشفى الطب النفسي، وتم الاعتماد عليه عقب الغزو الغاشم على الكويت، للتعامل مع حالات الاضطراب النفسي بعد الغزو.
◄ يقتصر دور المركز حاليا، على تقديم استشارات نفسية أولية، ومتابعة الأطفال والأسر المصابين باضطرابات الصدمة.
3 – مستشفى «بيت التمويل»
◄ أحد مستشفيات الطب النفسي الحديثة نسبيا، إذ تم افتتاحه في 2001، وهو ممول من مؤسسة بيت التمويل الكويتي.
◄ يقدم خدمات الطب النفسي المتعلقة بعلاج الادمان، ويهتم باضطرابات تعاطي المخدرات.
◄ لا يقدم خدمات متكاملة للمرضى النفسيين ومدني المخدرات.
4 – مستشفى الأحمدي
◄ يتبع لقطاع البترول، ويقدم خدماته الى أسر وأبناء العاملين في القطاع.
◄ لا يمكن وصفه بأنه مستشفى متكامل للطب النفسي، فهو يعالج جميع أنواع الأمراض، لكن وزارة الصحة أوجدت فيه متخصصين في الطب النفسي لتقديم الرعاية النفسية الأولية للمراجعين، قبيل تحويلهم الى مستشفى الطب النفسي.
لن تنهض الكويت إلا بسواعد شبابها ويقظة وعيهم
القضاء على آفة المخدرات والمؤثرات العقلية وإدمانها، المستشرية في البلاد، التي تأذى منها المجتمع كثيرا، يستوجب جدية حكومية من طراز خاص، لانتشال شباب الكويت، الذي يمثل رأسمالها البشري الحالي والمستقبلي، من حفرة الضياع العميقة.. رحمة بهم وبالوطن الذي لن تقوم له قائمة إلا بسواعدهم وعافيتهم ويقظة وعيهم وضمائرهم.
أين سخاء المجتمع المدني؟
المعروف عن المجتمع المدني الكويتي، السخاء والمساهمة الفعالة في بناء وتشييد المستشفيات والمراكز الصحية المتخصصة، الموزعة على مختلف مناطق البلاد، ومن بينها مستشفيات ومراكز لعلاج أمراض القلب والكلى والعيون والأطفال والأذن والحنجرة وغيرها.
لكن يبدو لافتاً، عزوف المجتمع المدني عن مساعدة الطب النفسي والمساهمة في برامجه التطويرية!
8 عثرات تعوق علاج المدمنين
1 – قلة مستشفيات ومراكز العلاج قياسا بتزايد أعداد المرضى المستمر
2 – التأخر في تلقي العلاج لضخامة أعداد المرضى ونقص الأماكن لتلقيه
3 – غياب الخبرة الطبية الكافية للتعامل مع حالات الإدمان المختلفة
4 – انخفاض أعداد الكادر الطبي المتخصص والمؤهل لعلاج المدمنين
5 – توقف العلاج عند «سحب السموم» وغياب العلاج النفسي داخل المصحة
6 – الارتفاع الكبير في تكاليف العلاج في المراكز العلاجية غير الحكومية
7 – غياب بيئة علاجية صحية تغني المدمن عن العودة لأماكن تشجعه على التعاطي
8 – عدم توافر برامج طبية تأهيلية تدفع في اتجاه استمرار الرعاية بعد العلاج