كازاخستان

يوم الجمهورية في كازاخستان رحلة السيادة والتقدم

عبدالحميد حميد الكبي

في الخامس والعشرين من أكتوبر 2025، تحتفل كازاخستان بيوم الجمهورية، الذكرى الخامسة والثلاثين لإعلان سيادتها في عام 1990. هذا التاريخ ليس مجرد مناسبة وطنية، بل رمز للإرادة الجماعية التي مهدت الطريق لاستقلال الأمة عام 1991. وصفه الرئيس قاسم جومارت توكاييف بـ”اليوم المقدس”، حيث يجسد نقطة انطلاق كازاخستان نحو بناء دولة حديثة، قوية، وعادلة.

مع بداية الاستقلال في 25 أكتوبر 1990، اعتمدت كازاخستان إعلان سيادة الدولة، وهي الخطوة الأولى نحو الاستقلال الكامل. تضمنت الوثيقة 17 مادة شكلت أساس دستور البلاد، مؤكدة على سلامة الأراضي، حرمة الحدود، وحق الشعب في تقرير مصيره. كما عززت الهوية الوطنية من خلال دعم الثقافة واللغات لجميع الشعوب في الجمهورية.

في خطابه بمناسبة يوم الجمهورية 2025، قال الرئيس توكاييف: “في هذا اليوم، أُحييت تقاليد دولتنا العريقة، وخُفّقت راية استقلالنا. انتصرت العدالة التاريخية، وتعززت الروح الوطنية.”

هذا التاريخ يحمل دلالات عميقة، إذ يمثل لحظة تحرر كازاخستان من الإطار السوفيتي، لتصبح قوة متوسطة في أوراسيا. بعد إعادة إحياء يوم الجمهورية كعطلة وطنية في 2023، أصبح رمزًا للوحدة والفخر، مع الحفاظ على يوم الاستقلال (16 ديسمبر) كتأكيد للاعتراف الدولي.

حيث  حققت كازاخستان تقدمًا ملحوظًا في الاقتصاد، البنية التحتية، والتنمية الاجتماعية. وفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية:  النمو الاقتصادي: ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 16% منذ عام 2019، ليصل إلى 137 تريليون تنغي (حوالي 291 مليار دولار) في 2025.

نصيب الفرد: زاد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 47% إلى 14,400 دولار، وهو الأعلى بين دول رابطة الدول المستقلة.

التجارة الخارجية: ارتفع حجم التجارة الخارجية بنسبة 83% خلال السنوات السبع الماضية، ليصل إلى 142 مليار دولار في 2024.

الاحتياطيات: بلغت احتياطيات الذهب والعملات الأجنبية 58 مليار دولار.

وأكد توكاييف هذه الإنجازات، قائلاً: “اقتصادنا نما بنسبة 16% منذ عام 2019، مما يؤكد مكانتنا كأكبر اقتصاد في آسيا الوسطى”.

على الصعيد الاجتماعي، ارتفع عدد السكان إلى 20.4 مليون نسمة في 2025، وتضاعفت استثمارات التعليم ثلاث مرات، مع بناء أكثر من 1200 مدرسة جديدة.

كما ارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 75.44 عامًا، وزادت مساحة المساكن الجديدة إلى 19.1 مليون متر مربع.

في البنية التحتية، تم إنشاء 11 ألف كيلومتر من الطرق السريعة و5.2 ألف كيلومتر من السكك الحديدية، مع إطلاق خط دوستيك-مويينتي لتعزيز مكانة كازاخستان كمركز نقل إقليمي.

نحو كازاخستان العادلةمنذ تولي توكاييف الرئاسة في 2019، نفذت كازاخستان إصلاحات سياسية طموحة لتعزيز الديمقراطية والشفافية. أبرز هذه الإصلاحات ترسيخ مبدأ “رئيس قوي – برلمان مؤثر – حكومة مسؤولة”، مع إدخال انتخابات مباشرة لحكام القرى والأقضية والمدن الإقليمية، وتجديد 25% من حكام الأقضية.

قال توكاييف: “لم نشهد في منطقتنا مثل هذه التحولات الواسعة النطاق في الإدارة العامة من قبل”.

هذه الإصلاحات عززت مشاركة المواطنين في صنع القرار، مما يعكس التزام كازاخستان ببناء مجتمع عادل وشامل.

احتفالات يوم الجمهورية 2025 في أستانا جمعت بين التراث والحداثة. حضر الرئيس توكاييف الحفل الاحتفالي “روح القمة – كازاخستان” في مسرح أوبرا أستانا، حيث قدم فنانون وفرق كازاخستانية عروضًا تعبر عن الثقافة الوطنية. كما شارك في مراسم رفع العلم الوطني أمام قصر أكوردا، في رمزية تعكس الوحدة الوطنية.

وكان الرئيس قاسم جومارت توكاييف كرّم مجموعة من المواطنين بأوسمة الدولة، مشيدًا بإسهاماتهم في تقدم البلاد. وقال: “الوطنية والمسؤولية وخدمة الوطن هي القيم الأساسية لشبابنا، الذين يمثلون مستقبل كازاخستان.”

هذه الفعاليات عززت الفخر الوطني وأبرزت التزام كازاخستان بالضيافة والانفتاح على العالم.الابتكار والدبلوماسية

تتجاوز كازاخستان حدودها الإقليمية لتصبح لاعبًا محوريًا في أوراسيا. من خلال دبلوماسيتها المتوازنة، حافظت على علاقات ودية مع روسيا، الصين، الاتحاد الأوروبي، والشرق الأوسط، مما جعلها شريكًا دوليًا موثوقًا.

وأشار توكاييف: “من خلال سياستنا الخارجية المتوازنة، أصبحت كازاخستان شريكًا دوليًا مسؤولًا.”  في مجال الابتكار، برزت شركة هيغزفيلد للذكاء الاصطناعي كأول “يونيكورن” كازاخستاني، مع مشاريع مثل AI Sana ومدينة ألاتاو لتعزيز التحول الرقمي.

كما تسعى كازاخستان لبناء دولة رقمية بالكامل بحلول 2028، مع استثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة والأمن السيبراني.

التحديات والطموحات: مستقبل عادل وقوي رغم التحديات الخارجية مثل الجائحة والعقوبات الدولية، حافظت كازاخستان على استقرارها الاقتصادي.

وقال توكاييف: “نواصل بناء كازاخستان العادلة التي توفر فرصًا متساوية لجميع المواطنين، رغم التحديات الهائلة.”

تشمل الطموحات المستقبلية تعزيز البنية التحتية للنقل، تطوير الطاقة الخضراء، وتحقيق التحول الرقمي، مما يعزز مكانة كازاخستان كمركز لوجستي عالمي.

لذلك يوم الجمهورية هو احتفال بالسيادة والوحدة والطموح. كما أكد توكاييف: “ثروة كازاخستان الأعظم تكمن في شعبها، ووحدتنا واجتهادنا واحترامنا هي أساس قوتنا الوطنية.”

من خلال الاحتفالات الثقافية، الإصلاحات السياسية، والنمو الاقتصادي، تؤكد كازاخستان التزامها ببناء دولة عادلة وقوية. رحلتها من إعلان السيادة إلى القوة المتوسطة الأبرز في أوراسيا هي شهادة على صمودها وذكائها الاستراتيجي، مما يجعل يوم الجمهورية رمزًا للأمل والتقدم.

زر الذهاب إلى الأعلى