ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان غضباً، بعد انتشار صورة لمواطن لبناني يحمل جثّة طفله الرضيع بين ذراعيه، وسيراً على الأقدام لدفنه، بعدما اضطر لرهن سيارته للمستشفى، لعدم قدرته على تسديد الفاتورة الاستشفائية.
وتظهر الصورة الوالد حسين البعريني، وهو يحمل طفله الرضيع، ملفوفاً بقطعة قماش زرقاء، بعدما لفظ أنفاسه داخل مستشفى في عكار بشمال لبنان.
وتلقى حسين اتصالاً من المستشفى، في عكار شمال لبنان، اطلع خلاله أن ابنه فارق الحياة «بعد 24 يوماً أمضاها في الإنعاش، حيث عانى من مشاكل صحية منذ ولادته» بحسب ما يقوله الوالد المفجوع، شارحاً «سارعت إلى هناك، فطلبت مني موظفة المحاسبة 2400 دولار، لم أعارض على المبلغ فقد ارتضيت بهذا الحكم، لكن لم أكن أملك سوى 400 دولار، عرضته عليها مقابل استلام الجثة، لكنها رفضت ذلك من دون الحصول على ضمانة من شخص يكفلني».
طلبت موظفة المحاسبة من البعريني الاتصال بأحد وجهاء بلدته فنيدق، إلا أنه لم يكن على السمع، سألتني عن نوعية السيارة التي أمتلكها، عارضة عليّ رهنها، وبعد أن نفيت بداية أني أملك مركبة عدت وسلمتها مفتاحها، فخرجتْ من المكتب، اعتقدت أنها تريد إقفالها، وإذ بطبيب كان يمر في المكان، سألَتْه بكم يثّمنها، فكان جوابه بألفي دولار وما دون».
عاودت الموظفة الدخول إلى المستشفى، سلّمت المفتاح لزميلتها طالبة منها إعطاء البعريني ورقة تسليم جثة ابنه، على أن تعاود تسليمه المفتاح بعد تسديده بقية المبلغ، عندها سألها البعريني كما يقول «كيف سأنقل ابني إلى البلدة»، ليصدم بجوابها «دبّر حالك»، فسار به إلى الطريق العام، قبل أن يصعد في سيارة أجرة.
ويعمل حسين حارساً في ثانوية فنيدق الرسمية، التي ورثها وأشقاؤه الثلاثة عن والده، لكنها مؤجرة منذ عام 1979 للحكومة اللبنانية، بمبلغ 18 مليون ليرة سنوياً، أي ما يعادل حوالي 440 دولار حالياً، يتم توزيعه على الأشقاء الأربعة، أما راتبه الشهري من صندوق المدرسة فمليون و700 ألف ليرة.
وفيما إن كان لدى حسين أي تغطية صحية أجاب «نعم، من الضمان الاجتماعي، فالمبلغ الذي طلبته المستشفى هو فرق الضمان، مع العلم أني دفعت 8 ملايين ليرة بعدما وضعت زوجتي ابني، كما أني كنت أجلب له الحفاضات والحليب والأدوية وكل ما تطلبه المستشفى من حسابي الخاص».
في المقابل، أكد رئيس مجلس إدارة المستشفى، الدكتور ربيع الصمد، أن «البعريني هو من عرض على موظفة المحاسبة ترك مفتاح سيارته لحين تأمين المبلغ المترتب عليه وهو 2400 دولار بدلاً 25 يوماً أمضاها طفله في الانعاش، مع العلم أن جمعية تكفلت بدفع 350 دولار فبقي 2050 دولار من المبلغ، وطوال هذه المدة لم يتحرك أو يهتم لتأمينه، وما أقدمت عليه موظفة المحاسبة التي تجمعها معرفة مسبقة بالبعريني خطأ، حيث اعتبرت أن الأخير يريد التذاكي عليها لا سيما بعدما رفض الإمضاء على تعهد بالدفع، لكن كان عليها أن تأخذ موافقة الإدارة».
تمت معاقبة الموظفة من قبل مجلس إدارة المستشفى، بحسب ما يقوله الصمد، مشدداً على أنه «حاولنا تصحيح الخطأ بسرعة، فما إن علمت مديرة المستشفى وأنا بالموضوع، حتى سارعنا واتصلنا بالبعريني، أدينا واجب العزاء طالبين منه الحضور لأخذ مركبته».
كما تحركت وزارة الصحة وفتحت تحقيقاً بالقضية بحسب ما يؤكده مدير العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزيف الحلو، مشيراً إلى أنه «تم تحويل الموظفة إلى المجلس التأديبي».