بدا أنيقا يرتدي معطفًا بنيًا فاتح اللون وقميصًا زهريًا وسروالًا أزرق من الجينز. يحمل في إحدى يديه باقة من الورود وفي الأخرى علبة شيكولاتة فاخرة.
“أهلًا بك يا ابني”، قال الأب وهو يدعو من جاء لخطبة ابنته إلى غرفة الاستقبال الجميلة في بيته الواسع بالإسكندرية، هكذا تبدأ السيدة٬ التي تزوجته فيما بعد٬ الحكاية وهي تسردها بألم.
تقول لبي بي سي عربي إنه جاء برفقة سيدة ادعى أنها خالته وقدم نفسه كمهندس متوسط الحال، وقال لأسرتها: “ستصبحون أنتم أهلي فقد توفيت أمي وأبي، ولدي شقيقان يعملان خارج البلاد”، وسرعان ما وافق أهلها على هذه الزيجة، لما ظهر على الخاطب من أدب جم وحديث معسول.
فلم يكن هذا مظهرًا لشخص يكتشف فيما بعد أنه “سفاح محترف”، قتل ثلاث سيدات منهن زوجته وشقيقة زوجته الأخرى وعاملة في محله التجاري بالإضافة إلى صديقه، بحسب ما أعلنت عنه تحريات الشرطة المصرية، وما زالت النيابة العامة تحقق وتكتشف جرائم أخرى.
كل هذه الجرائم دفعت الإعلام المحلي لتلقيبه بـ”سفاح الجيزة”.
أسلوب “احترافي” في القتل
يحكي محامي أسرة صديق المتهم المقتول، عمرو وفي، كيف حُل اللغز الكبير، ويقول لبي بي سي عربي إن المجني عليه اختفى منذ خمسة أعوام، ولم يتمكن الأهل من معرفة مصيره وقتها، لكن بعدها بعامين اكتشفوا أن بعض ممتلكات المهندس الضحية وقد بيعت وأن صديقه اختفى معه، حينها ساورهم الشك في أمر جمع بين الشخصين.
يوضح محامي المجني عليه أنه سأل في أقسام الشرطة عن المهندس، وعرف أنه محكوم عليه بالسجن بتهمة السرقة، لكن المفاجأة هي أن السجين كان الصديق منتحلًا شخصية صديقه.
يضيف عمرو وفي أنه اكتشف أن المتهم تزوج باسم ضحيته وأنجب طفلًا وسرق مجوهرات وأموالا، وألقي القبض عليه حين تم التعرف على قطعة مجوهرات من المسروقات التي كان يبيعها.
يؤكد محامي الأسرة أن المجني عليه كان يعمل بالسعودية وكان يرسل الأموال إلى صديق ليستثمرها في مشروعات خاصة، لكن المحامي يؤكد أن المتهم اختلس الأموال واختلف مع صديقه.
وتشرح تحريات الشرطة المصرية أن المتهم دعا صديقه إلى طعام ودس فيه سمًا، وبعد أن لقي مصرعه، دفنه في شقة بالإسكندرية يملكها المجني عليه وتقع في حيازة المتهم، ثم انتحل شخصية صديقه خوفًا من أن ينفضح أمره.
وتضيف التحريات أيضًا أن الشقة ذاتها كانت المكان الذي دفن فيه زوجته التي قدم نفسه إليها باسم المجني عليه الأول، وقد قاد النيابة العامة إلى الشقة واستخرج الطب الشرعي ما تبقى من الجثتين لتشريحه.
وصفت تحريات الشرطة المتهم بأنه يتمتع “بأسلوب احترافي” في تنفيذ جرائمه، وخداع أسر الضحايا بنشر الشائعات عن ارتكاب الإناث أفعالًا سيئة السمعة، حتى تخشى الأسر من الإبلاغ عن اختفاء ذويهن خوفًا من الفضيحة.
واعترف المتهم بجريمتين أخريين، الأولى تتعلق بشقيقة زوجة له، كانت على علاقة معه حين قرر الارتباط بشقيقتها، وعند اقتراب موعد عقد القران هددته بفضح أمره، فخنقها ودفنها بملابسها، والأخرى لعاملة في متجره لبيع الأدوات الكهربائية تحصل منها على مبلغ مالي كبير على وعد بالزواج منها، وعندما لم يتزوجها طالبته بالمبلغ المالي فقتلها بنفس الطريقة.
“ممثل بارع”
تستكمل لنا زوجة المتهم الحكاية وتقول إنه طيلة تسعة أشهر، هو الوقت الذي عاشت فيه معهـ كان يظهر كإنسان شديد التدين، يصلي في المواعيد المحددة ويقرأ القرآن بانتظام، لكنها شعرت أيضًا أنه رجل غامض لا تعرف عنه الكثير، قبل أن تبدأ رحلتها من الشك إلى الصدمات.
وتتحدث عن اللحظة التي تأملت فيها قسيمة الزواج منه حين اكتشفت أن اسم أمه المسجل في قسيمة الزواج لا يمت بصلة إلى اسم خالته التي جاءت معه أول مرة، أنكر الزوج ذلك لكنه لم يقدم دليلًا واحدًا، وبعدها بأيام اختفى تمامًا.
في هذه الأوقات تذكرت الزوجة أحداثًا عجيبة: “كيف سُرقت المجوهرات من منزل أهلي ولم يكن أحد سواه يعلم أن الجميع بالخارج”، “وفي المرات الثلاث التي أخبرته بحملي كان يجربني على تناول أطعمة لا أعرف كيف أعدها ويسقط الجنين بعدها”.
علمت الزوجة بعد ذلك أن الشقة التي استأجرها ليعيشا فيها معًا، ولم تكن ملكه كما زعم لأهلها من قبل، لكن صدمتها الكبرى هي أن عقد زواجهما لم يكن حقيقيًا إذ أن إحدى السيدات التي عملن معه واتهمته بالنصب عليها أرسلت للزوجة سبع بطاقات هوية مختلفة للشخص نفسه، أما العقد فكتبه مأذون ممثل ولم تسجله أي جهة رسمية في مصر.
انهارت الزوجة وهي تحدثني عن مأساتها، تلقت أمها الهاتف وطلبت مني أن أخبر الجميع حتي “توثق ابنتها رسميًا الزواج الذي تم، وتتمكن من طي الصفحة المؤلمة”.