قاض يدين ترامب ويأمره بدفع غرامة “ضخمة”
أمر قاض في نيويورك، الجمعة، دونالد ترامب بتسديد غرامة مالية بنحو 355 مليون دولار، بعدما خلُص إلى أنّه يتحمّل المسؤوليّة عن احتيال، وقضى بمنعه من إدارة شركاته في ولاية نيويورك لثلاث سنوات، في محاكمة سارع الملياردير الجمهوري لوصفها بأنها “صوريّة” مؤكّدا عزمه على التقدّم بطعن.
ويشكّل القرار القضائي غير المسبوق نكسة قوية للإمبراطورية التجارية للرئيس السابق الطامح للعودة إلى البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر.
وفي وثيقة قضائية تقع في 92 صفحة، قرّر القاضي آرثر أنغورون، عضو المحكمة العليا في ولاية نيويورك، منع ترامب من “تولّي أي منصب مسؤول أو إداري في أي شركة في نيويورك أو أي كيان قانوني في نيويورك لمدة ثلاث سنوات”. وقد أمر ترامب بتسديد غرامة مالية قدرها 354 مليونا و868 ألفا و768 دولارا.
وندّدت محامية ترامب بالحكم القضائي الصادر الجمعة بحق موكّلها.
وجاء في بيان للمحامية ألينا هابا على منصة إكس أنّ “هذا الحكم هو ظلم بكل بساطة ووضوح”، مضيفة “إنه تتويج لحملة اضطهاد ذات دوافع سياسية مستمرة منذ سنوات عدّة، ترمي إلى (القضاء على دونالد ترامب)”.
ولاحقا، ندّد ترامب بمحاكمة “صورية”. وجاء في بيان له على منصته تروث سوشل أنّ “هذا القرار صوري تماما وبالكامل”، واصفا القاضي بأنه “ملتوٍ” والمدّعية العامّة بأنها “فاسدة بالكامل”.
وشدّد ترامب في تصريح لصحافيين في دارته في مارالاغو في فلوريدا على أنّه “لم يحصل أي احتيال”، منددا بـ”استغلال للقضاء ضدّ خصم سياسي متقدّم بشكل كبير في الاستطلاعات”.
في المقابل، رحّبت المدّعية العامّة لولاية نيويورك ليتيشا جيمس بالحكم الذي وصفته بأنه “انتصار هائل”.
وكانت المدعية العامة التي قدّمت الدعوى المدنيّة في حقّ ترامب ونجليه في خريف 2022 بتهمة الاحتيال المالي، قد طلبت تغريمهم مبلغ 370 مليون دولار على شكل تعويضات، وكذلك تجريد عائلة ترامب من إدارة شركاتهم وأصولهم العقارية في نيويورك.
“عمليات احتيال متكررة”
وترامب وابناه متّهمون بتضخيم قيمة أصول “منظمة ترامب” من أبراج وفنادق فخمة وملاعب غولف من أجل الحصول على قروض مصرفيّة بشروط مواتية وتخفيض قيمتها للحصول على عقود تأمين ببدل أدنى.
وبعض هذه الأصول مثل برج “ترامب تاور” على الجادّة الخامسة في منطقة مانهاتن، يُعتبر رمزا لنجاح رجل الأعمال الذي انطلق في السياسة مروّجا لصورته بصفته مطوّرا عقاريّا ناجحا.
واعتبر القاضي إنغورون حتّى قبل بدء المرافعات أنّ الاحتيال مُثبت.
وأعلن في نهاية سبتمبر أنّ الادّعاء قدّم “أدلّة دامغة على أنّ المتهمين قاموا بين 2014 و2021 بتضخيم قيمة أصول (منظمة ترامب) بما بين 812 مليون دولار و2,2 مليار دولار” بحسب السنوات في الأرقام المدرجة ضمن بيانات دونالد ترامب المالية السنوية.
ونتيجة لـ”عمليات احتيال متكرّرة”، أمر القاضي بتصفية الشركات التي تدير هذه الأصول مثل برج ترامب وناطحة السحاب في 40 وول ستريت.
غير أن محكمة استئناف علقت هذه التدابير.
والجمعة شدد القاضي على أنّ الغرامات المالية التي فرضها على ترامب ونجليه (نحو أربعة ملايين دولار لدونالد الابن وإيريك) مبرّرة بالنظر إلى سلوكهما خلال المحاكمة.
ولفت القاضي في قراره إلى “افتقار تامّ للندم”.
وقال القاضي “إنهم ببساطة متّهمون بتضخيم قيمة أصولهم لكسب مزيد من المال. دونالد ترامب ليس برنارد ميدوف. ومع ذلك، فإن المتهمين غير قادرين على الإقرار بأخطائهم”.
ولطالما رفض الرئيس الجمهوري السابق هذه الاتهامات، مندّدا بقضاء تحت سيطرة الديموقراطيين ومعتبرا أنّ محاكمته “تليق بجمهورية موز”.
واعتبر محامو عائلة ترامب على مدى ثلاثة أشهر أنّ ملفّ القضيّة “فارغ” من الناحية القانونيّة.
غير أنّ أحد المحامين كريس كايس أقرّ لاحقا بوجود أخطاء “غير مقصودة” في إقرارات ترامب المالية، مشددا على “عدم توافر دليل واضح يثبت وجود نيّة لدى دونالد ترامب”.
لكنّ مكتب المدّعية العامّة ردّ في بيان أنّ “المخطّطات الخادعة التي لا تُعدّ ولا تحصى التي استخدموها لتضخيم قيم الأصول وإخفاء الحقائق كانت شنيعة جدا إلى درجة أنها تدحض التفسيرات البريئة”.
ولم يكن ترامب يواجه في هذه القضية المدنية عقوبة السجن، خلافا للمحاكمات الجنائية الأخرى التي تنتظره هذه السنة، ومن ضمنها المحاكمة بتهمة محاولة التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020 التي هزم فيها أمام الرئيس جو بايدن.