مقالات

في ذكرى البابا فرنسيس: صوتٌ للإنسانية

"اغفر لنا ذنوبنا: امنحنا سلامك" - البابا فرنسيس في يوم السلام العالمي

بقلم: سوريش ك. ب.
السكرتير الفخري لمجلس الأعمال والمهن الهندي

تشرفتُ بلقاء قداسة البابا فرنسيس خلال “مؤتمر جميع الأديان” الذي عُقد في الفاتيكان في 30 نوفمبر 2024. ترأس قداسته المؤتمر، الذي ركّز على موضوع “الأديان معًا من أجل إنسانية أفضل”، وهي رسالةٌ بالغة الأهمية للوحدة في عالمنا المنقسم. خلال المؤتمر، أشاد البابا فرنسيس بالمساهمات القيّمة للفلاسفة الهنود القدماء في المشهد الروحي والفلسفي العالمي، وأعرب عن تقديره لها.

على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة المحيطة به، كنتُ محظوظًا بمصافحته وتبادل بعض الكلمات. كان حضوره هادئًا ولكنه مؤثر، وقد تأثرتُ حقًا بالتزامه الراسخ بالسلام العالمي. بينما كنتُ أعرب عن دعمي لجهود حفظ السلام الدولية وأُعرب عن تضامني، ردّ عليّ بحرارة وتواضع. وبابتسامة رقيقة، قال: “تذكروني في صلواتكم”.

كانت لحظةً لا تُنسى حقًا، لحظةً سأعتزّ بها طوال حياتي.

حظيتُ بشرفٍ نادرٍ بحضور هذا التجمع المهم في الفاتيكان، وهو شرفٌ مُنح لي بدعوةٍ شخصية. وبصفتي شخصًا عاديًا، أشعر بالتواضع والامتنان العميق لهذه الفرصة. وخلال حديثنا القصير، وجّه تحياته الحارة أيضًا إلى شعب الكويت.

قال البابا فرنسيس ذات مرة، مُبتعدًا عن كلماته المُعدّة مسبقًا ليتحدث من القلب: “الأديان كاللغات المختلفة للوصول إلى الله، لكن الله هو الله للجميع”. “بما أن الله هو الله للجميع، فنحن جميعًا أبناء الله”.

قبل لقائه، كنتُ أفترض أن البابا فرنسيس، زعيم 1.4 مليار كاثوليكي، سيُركّز بشكل أساسي على العالم المسيحي. لكنّه أثبت، قولاً وفعلاً، أنّه راعٍ للبشرية جمعاء، متجاوزاً الحدود الدينية برسالةٍ متجذّرة في الرحمة والكرامة والسلام.

ومن الأمثلة الجليلة على ذلك دفاعه الدؤوب عن أهل غزة. فمع تصاعد العنف في المنطقة، رفع البابا فرنسيس صوته مراراً وتكراراً من أجل السلام، حاثّاً المجتمع الدولي على حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

ومنذ 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، دأب البابا على الاتصال يومياً برعية العائلة المقدسة في غزة لإجراء مكالمات هاتفية قصيرة وحميمة الساعة السابعة مساءً. وكان يطرح أسئلةً بسيطةً مثل: “كيف حالك؟” و”ماذا أكلت؟”، كلماتٍ رقيقةً مفعمةً بالدفء الإنساني، أسعدت أكثر من 600 مسيحي ومسلم لجأوا إلى الكنيسة والمدرسة المجاورة. وفقًا لوكالة أنباء الفاتيكان، اختُتمت كل مكالمة ببركة، وإشارة الصليب، وشكرًا من القلب باللغتين الإسبانية والإيطالية، “موتشاس غراسياس، تانتي غراتسي”.

ببالغ الحزن، أنضم إلى العالم في حزني على رحيل قداسة البابا فرنسيس عن عمر يناهز 88 عامًا. كان صوتًا أصيلًا للمهمشين، ومصلحًا ذا رؤية، ومثالًا ساطعًا لما تعنيه القيادة بتواضع ومحبة. سيبقى إرثه خالدًا في قلوب الملايين من مختلف الأديان والقارات.

زر الذهاب إلى الأعلى