«فيتش»: ميزانية الكويت تبقى «الأقوى».. رغم تقلبات النفط الحادة
أكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية أمس، تصنيفها الائتماني السيادي للكويت عند المرتبة «AA-» مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى أن نقاط القوة الرئيسية في التصنيف الائتماني للكويت تكمن بميزانياتها المالية والخارجية القوية بشكل استثنائي.
وأضافت الوكالة أن نقاط الضعف الرئيسية بالتصنيف تتضمن حالة الجمود المؤسسي المتكررة والقيود السياسية على الإصلاحات التي من شأنها معالجة التحديات المالية والهيكلية الناجمة عن الاعتماد الكبير على النفط، بالإضافة إلى دولة الرفاهية السخية والقطاع العام الكبير.
ميزانية قوية
وقالت الوكالة إنه من المرجح بقاء ميزانية الكويت بين أقوى الميزانيات التي تصنفها الوكالة، رغم التقلبات الحادة بأسعار النفط منذ 2014، متوقعة أن يصل صافي الأصول السيادية الخارجية التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار إلى نحو 470% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات 2022-2024، وهو الأعلى بين جميع الدول السيادية المصنفة من قبل الوكالة.
ويتم الاحتفاظ بمعظم الأصول الأجنبية في صندوق احتياطي الأجيال القادمة، الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار، والتي تدير أيضا أصول صندوق الاحتياطي العام، فيما تتوقع الوكالة انخفاض إجمالي الدين الحكومي لأقل من 10% من الناتج المحلي بالسنة المالية 22/2023، فيما يبلغ متوسط إجمالي الدين الحكومي لدى أقرانها في التصنيف «AA» ما نسبته 49%.
ومع ذلك، وبافتراض إقرار قانون الدين العام، وإصلاح مالي محدود، وانخفاض أسعار النفط، تتوقع الوكالة أن يتضاعف الدين الحكومي إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 24/2025 وأن يرتفع إلى أكثر من تلك النسبة في السنوات اللاحقة.
التحديات الهيكلية
قالت وكالة «فيتش» إن النفقات الجارية تشكل أكثر من 70% من إجمالي الإنفاق الحكومي بالميزانية، بما في ذلك الرواتب والدعوم الحكومية، حيث يعمل قرابة 80% من المواطنين الكويتيين في القطاع العام.
ولفتت إلى أن سعر التعادل في الميزانية (باستثناء دخل الاستثمار) سيبقى مرتفعا عند 80 دولارا للبرميل، وسيشكل العجز الأولي غير النفطي 80% من الناتج المحلي غير النفطي، وتشير تلك النسبة إلى عجز الموازنة العامة بعد استبعاد الإيرادات النفطية منسوبا إلى الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات غير النفطية، وهو أكبر بكثير من أقرانه في المنطقة، حسب تقديرات الوكالة.
الدين العام
أشارت الوكالة إلى أن الكويت لم تتمكن من إصدار دين منذ عام 2017، بسبب عدم وجود قانون جديد للدين العام، لافتة إلى أن الحكومة الجديدة صرحت بأن هذا القانون لايزال يمثل أولوية لها، وتتوقع الوكالة التوصل إلى اتفاق بشأن القانون خلال السنة المالية 23/2024، بالرغم من صعوبة التيقن من ذلك.
وذكرت أن الحكومة ستظل قادرة على الوفاء بالتزامات خدمة الدين المحدودة في السنوات القادمة اعتمادا على الأصول الموجودة لديها، حتى في حال عدم تمرير قانون الدين العام، ومع ذلك، فإن الصعوبات في تمرير القانون أجبرت الحكومة على الاعتماد على تدابير مؤقتة، وهو أمر غير معتاد بالنسبة لمستوى تصنيف الكويت.
فائض الميزانية
تتوقع وكالة فيتش أن تسجل الموازنة العامة للكويت (بعد إضافة دخل الاستثمارات الحكومية) فائضا بنسبة 12.2% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 22/2023، مدفوعا ذلك بفضل ارتفاع كميات إنتاج النفط وأسعاره إلى نحو 95 دولارا للبرميل.
وتتوقع الوكالة انخفاض الإيرادات النفطية في السنتين الماليتين 23/2024 و24/2025 بافتراض أن متوسط أسعار النفط يساوي 79 و61 دولارا للبرميل في تلك السنتين، وبافتراض استقرار مستويات إنتاج النفط على نطاق واسع عند نحو 2.7 مليون برميل في اليوم، وسيؤدي هذا إلى تضييق فائض الميزانية إلى 5.9% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 23/2024.
الاعتماد على النفط
أشارت الوكالة إلى أن نتائج الميزانية العامة للكويت شديدة الحساسية للتغيرات في أسعار ومستويات إنتاج النفط، حيث إن تغير متوسط سعر برميل النفط بنحو 10 دولارات للبرميل (صعودا أو هبوطا) عن مستوى الافتراضات الأساسية للوكالة في عام 2023 من شأنه أن يغير رصيد الموازنة العامة بنحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي (صعودا أو هبوطا)، وذلك مع ثبات العوامل الأخرى. كما أن زيادة إنتاج النفط بنحو 100 ألف برميل يوميا سيحقق فائضا في رصيد الموازنة العامة بنحو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفيما يخص مبادئ الحوكمة، ذكرت الوكالة أن الكويت حصلت على درجة ملاءمة لمعايير الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية والبيئية (ESG)، حيث حصدت الدرجة «5» لكل من الاستقرار السياسي وحقوق وسيادة القانون والجودة المؤسسية والتنظيمية ومراقبة الفساد. وتحتل الكويت مرتبة متوسطة عند 51 (من 100) في تصنيف مؤشرات الحوكمة – البنك الدولي (WBGI).
العجز سيعود للميزانية في 2024/2025
توقعت وكالة فيتش أن تعود ميزانية الكويت لتسجيل العجز في السنة المالية 24/2025، كما تفترض الوكالة انخفاضا هامشيا في الإنفاق الحكومي الاسمي إلى أقل من 23 مليار دينار، مدعوما بالانخفاض التلقائي في دعم الوقود وضبط الإنفاق العام من خلال بعض بنود الميزانية في ظل انخفاض النفط.
كذلك تتوقع الوكالة أن يصل عجز الميزانية العامة (من دون حساب دخل الاستثمارات الحكومية) إلى نحو 2% و10% من الناتج المحلي الإجمالي في السنتين الماليتين 23/2024 و24/2025 على التوالي، كما تتوقع أن تصل نسبة خدمة الدين إلى أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يتوافق إلى حد كبير مع الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة.
عوامل تؤثر سلباً على التصنيف السيادي
أشارت وكالة فيتش إلى أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر سلبا، سواء بشكل فردي أو جماعي، على التصنيف الائتماني السيادي، وذلك على النحو التالي:
٭ السمات الهيكلية: ظهور بوادر لزيادة الضغط على سيولة صندوق الاحتياطي العام في ظل عدم إقرار قانون جديد للدين العام، أو تشريع يسمح بالنفاذ إلى أصول صندوق الأجيال القادمة، أو قيام الحكومة بتدابير استثنائية لضمان استمرارها في الوفاء بالتزاماتها، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر خدمة الدين.
٭ الأوضاع المالية والخارجية: التدهور الكبير في الأوضاع المالية والخارجية نتيجة استمرار انخفاض أسعار النفط أو عدم القدرة على معالجة الاستنزاف الهيكلي للمالية العامة.
إستراتيجية تمويل مستدامة.. تدعم التصنيف إيجابياً
بينت الوكالة أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر إيجابا، سواء بشكل فردي أو جماعي، على التصنيف الائتماني السيادي، تتمثل في ظهور بوادر على قدرة الدولة على مواجهة التحديات المالية طويلة الأجل.
وعلى سبيل المثال، ظهور إجراءات لتنفيذ خطة واضحة للحد من العجز في الميزانية العامة للدولة تكون قادرة على الصمود أمام انخفاض أسعار النفط، فضلا عن اعتماد استراتيجية تمويلية حكومية شفافة ومستدامة.
الانباء