عملية تأهيل التربة في الكويت.. الأكبر عالمياً

قال مسؤول في شركة نفط الكويت إن الشركة تقوم حالياً بأكبر عملية لتأهيل التربة في العالم، لتطهير نحو 10 ملايين متر مكعب من التربة من مخلفات الغزو العراقي عام 1990 وتأهيلها من جديد لعودة الحياة الطبيعية.
أشار رئيس فريق معالجة وتأهيل التربة في شركة نفط الكويت، د. محمد القحطاني، لـ«رويترز»، إلى أن الشركة أنجزت حالياً نحو %35 من أعمال المشروع، متوقعاً الانتهاء من تطهير وتأهيل التربة في كل مناطق عمليات الشركة بحلول عام 2027.
وأضرمت قوات الغزو العراقي النار في نحو 730 بئراً نفطية خلال انسحابها من الكويت عام 1991، متسببة في واحدة من كبرى الكوارث البيئية في العالم، إذ استمر إطفاء الآبار المشتعلة شهورا بعد تحرير الكويت.
وأوضح القحطاني أن الحرائق النفطية، التي «وصلت آثارها إلى جبال إيفرست»، نتجت عنها تسربات نفطية في الأرض، وخلفت ما يوصف بالبحيرات النفطية، التي جف بعضها وبقي البعض الآخر، كما خلفت أيضا طبقات من الأسفلت الخفيف فوق سطح الأرض.
وبيَّن أن الشركة قامت خلال السنوات التالية لإطفاء الآبار بتنظيف بعض الأماكن «لضرورات العمل، وبقيت التربة (الملوثة) مكدسة في أماكن محددة حتى لا ينتشر التلوث».
وأبرمت شركة نفط الكويت عقوداً قيمتها 1.73 مليار دولار منذ 2013 وحتى سبتمبر الماضي، لإعادة تأهيل التربة في حقول النفط من آثار الغزو العراقي، طبقا لوثيقة حصلت عليها رويترز.
التأهيل والتنظيف
وأضاف القحطاني أن شركة نفط الكويت، بعد أن أمّنت المبالغ المالية من الأمم المتحدة، باشرت العمل مع المقاولين في عمليات التأهيل والتنظيف.
وطبقا للوثيقة، المؤرخة في الرابع من أكتوبر، قال وزير النفط سعد البراك إن هذه العقود، التي تتعلق «بالتأهيل والمعالجة والحفر والنقل والردم، تغطي جميع المناطق المتضررة والمساحات المراد تأهيلها داخل حقول النفط».
وأضاف البراك أن مساحة الأراضي الملوثة والمتضررة داخل الحقول النفطية جراء الغزو العراقي تقدر بنحو 114 كيلومتراً مربعاً، مشيراً إلى أنه تمت إزالة ما يقارب 16 كيلومتراً مربعاً من التربة الملوثة إلى المرادم أو مراكز إعادة تأهيل التربة حتى تاريخه.
ولفت القحطاني إلى أن «أغلبية» نسب تلوث التربة بالكويت أقل من %7، بينما تصل في بعض المناطق إلى %15، كما أن هناك تفاوتاً في عمق التلوث من مكان لآخر، بين 60 سنتيمتراً في مناطق و5 أمتار في مناطق أخرى.
تحدي البحيرات
أكد القحطاني أن التعامل مع البحيرات النفطية شكَّل تحدياً حقيقياً، إذ بلغ طول إحداها 600 متر وعرضها 500 متر، مشيراً إلى أن تطهير هذه البحيرات من المتفجرات استلزم وقتاً وجهداً، حيث لا يجدي معها الغوص ولا حتى استخدام المراكب.
وأضاف أن الشركة اعتمدت طريقتين لتأهيل التربة، الطريقة العضوية وطريقة الغسل، مع ترك الحرية للمقاول لإدخال تكنولوجيا جديدة وطرق جديدة، بشرط إثبات نجاعتها عملياً في تقليل التلوث إلى أقل من %1 في التربة.
وتقوم الطريقة الحيوية على استخدام أنواع من البكتريا، موجودة طبيعياً بالكويت، وهي قادرة على تكسير جزيئات البترول بالتربة، حيث يتم مساعدتها على التكاثر والنمو والقيام بدورها. أما طريقة الغسل فيتم من خلالها نقل كميات التربة الملوثة وغسلها بواسطة منظفات ومذيبات للمواد النفطية، تحت درجات حرارة عالية نسبيا ومحسوبة بدقة حتى لا تفسد خواص التربة.
وأوضح القحطاني ان عملية غسل التربة تنتج عنها تربة معالجة، وتربة غير قابلة للمعالجة، وسوائل ملوثة بالبترول والمنظفات، وقال: «الكميات الصلبة غير القابلة للتنظيف تذهب للمدافن، المدفن الواحد يستوعب مليون متر مكعب. هناك مدفنان ونبني ثلاثة حالياً.. المقاولون يتسابقون على المعالجة لأنها تعطيهم ربحاً أكبر (من عمليات الدفن)»، مشيراً إلى أن السوائل الملوثة تتم معالجتها وإعادتها لدورة تنظيف من جديد، والنسبة غير القابلة للمعالجة يتم إرسالها لمصنع النفايات الخطرة بالكويت.
التحدي الأكبر.. المتفجرات
أوضح القحطاني أن التحدي الأكبر الذي يواجه الفريق هو إزالة المتفجرات ومخلفات الحرب من المناطق الملوثة، حيث يتم مسحها بالتعاون مع القوات المسلحة، وضمان خلوها من المتفجرات. وقال: «نتعامل مع عدم اليقين. حسب نزول البترول داخل الأرض. أماكن حفرنا لغاية 5 أمتار وأماكن فقط لغاية ستين سنتيمترا. وكل متر أحفره أبدأ العملية (إزالة المتفجرات) من جديد».
ولدى الشركة برنامج لزراعة التربة بنباتات فطرية من البيئة ذاتها وإعادة الحياة الطبيعية إليها من جديد، يشمل نحو %30 من المساحة المؤهلة وتترك النسبة الباقية للعوامل الطبيعية. وأوضح القحطاني أن هذه النباتات ستقوم بتلطيف درجة الحرارة المرتفعة بالكويت، مشيراً إلى عودة بعض الحيوانات والطيور بشكل طبيعي لمناطق تم تطهيرها «وهذه علامة طيبة أن الأرض أصبحت نظيفة».
تعويض الأفراد والشركات والحكومات
استكمل العراق في 2022 دفع 52.4 مليار دولار لتعويض الأفراد والشركات والحكومات، الذين أثبتوا أنهم تعرضوا لأضرار بسبب غزوه للكويت واحتلاله لها في 1990.
وكانت لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، التي شكلها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعد تحرير الكويت، تلقت جزءاً من عوائد مبيعات النفط العراقي، ووافقت على 1.5 مليون طلب استوفى الشروط وحصل أصحابها على 52.4 مليار دولار.
وبلغت قيمة أكبر مطالبة وافقت عليها اللجنة 14.7 مليار دولار، وهي لمصلحة مؤسسة البترول الكويتية، التي تتبعها شركة نفط الكويت، نظير الأضرار الناجمة عن إضرام القوات العراقية النيران في آبار النفط.
القبس