رئيس «الأعلى للقضاء» في العراق: إلغاء اتفاقية «خور عبدالله» يعني عملياً نسف 400 اتفاقية أبرمها العراق خلال عقدين

كشف رئيس المجلس الأعلى للقضاء في العراق فائق زيدان عن جوانب قانونية جديدة، تتعلق باتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله الموقعة بين الكويت والعراق، في 2012، والتي صدر حكم من المحكمة الاتحادية العراقية في سبتمبر 2023 بعدم دستوريتها بسبب عدم تصويت غالبية الثلثين أثناء المصادقة عليها في مجلس النواب العراقي.
مصير الاتفاقية الآن بيد مجلس النواب العراقي، الذي أحيل الملف إليه من الرئاسات الثلاث بالعراق، في 8 يوليو الجاري، لكن موقف رئيس المجلس الأعلى للقضاء يؤكد مجدداً أن الاتفاقية قانونية تماماً، وأن المحكمة الاتحادية افتقرت في قرارها الأخير إلى الأساس الدستوري والقانوني.
وجاء موقف زيدان في مقال له نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» الصادرة اليوم تحت عنوان «أمواج خور عبد الله بين قرارين متناقضين»، أورد فيه أنه «إذا ما اعتُمد شرط أغلبية الثلثين الذي تبنّاه القرار الثاني (للمحكمة الاتحادية) في سنة 2023، فإنَّ ذلك ينسحب تلقائياً على أكثر من 400 اتفاقية صُدّق عليها سابقاً بالأغلبية البسيطة، فتُعتبر جميعها باطلة لعدم استيفائها النصاب الجديد. ما يعني عملياً نسف منظومة الاتفاقيات الدولية التي أبرمها العراق خلال العقدين الماضيين».
وأشار إلى أن القرار «ألغى استقرار المراكز القانونية الناشئة عن اتفاق دولي مودَع لدى الأمم المتحدة، مما يُرتّب مسؤولية دولية محتملة على العراق».
وتطرق إلى حكم سابق للمحكمة نفسها، موضحاً أنه «عندما طُعن بعدم دستورية قانون التصديق، أصدرت المحكمة الاتحادية، قرارها المرقم (21/ اتحادية/ 2014) بتاريخ 18 ديسمبر 2014، فميّزت بين قانون تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات، الذي يتطلّب أغلبية الثلثين بموجب المادة (61/ رابعاً) من الدستور، وبين قانون التصديق على اتفاقية معيّنة، الذي يُقر بالأغلبية البسيطة وفقاً للمادة (59/ ثانياً).
وقررت المحكمة ردّ الدعوى لعدم استنادها إلى أساس دستوري أو قانوني، وبذلك ثبّتت شرعية الاتفاقية داخلياً، وحَمَتها من أي طعن لاحق، مانحةً الحكم قوة الأمر المقضي بمقتضى المادة 105 من قانون الإثبات، التي تُضفي على الأحكام الباتّة حجّيّةً فيما فصلت فيه من حقوق، ما دام الخصوم والموضوع والسبب لم يتغيروا».
وبعد أن شرح تفاصيل وأسس «العدول» في التشريع العراقي، اعتبر زيدان أن «المحكمة، في قرارها المؤرخ 4 سبتمبر 2023، لم تتراجع عن مبدأ، بل نقضت حكمها القطعي الصادر في 18 ديسمبر 2014 في شأن اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، ووصفت النقض بالعدول، مع أنَّ المادة 45 نفسها تنصُّ على أنَّ العدول يرِد على المبدأ لا على الحكم».
وأضاف: «بهذا التَّصرف، تجاوزتِ المحكمة حجّيّة الأمر المقضي، وأحدثت فراغاً تشريعياً واضطراباً دبلوماسياً، لأنَّ الحكم الملغى كانَ يؤسس لالتزام معاهدي مودَع لدى الأمم المتحدة. وعليه، فإنَّ أيَّ قرار يُطلق عليه (عدول) خارج هذه الضوابط، وخصوصاً إذا مسّ حكماً نهائياً أو صدر عن جهة لا تملك الاختصاص، يُعدّ لغواً قانونياً لا يُعتدّ به، ويُلحق ضرراً مباشراً بمبدأ سيادة القانون وبثقة المتقاضين».
وختم زيدان: «يتبيّنُ من هذا المسار أنَّ القرار الأول في سنة 2014 اتّسم بالانسجام مع النصوص الدستورية وقواعد القانون الدولي، فحقّق اليقين القانوني داخلياً وخارجياً، بينما افتقر القرارُ الثاني في سنة 2023 إلى الأساس الدستوري والقانوني، وأثار تداعياتٍ قانونيةً ودوليةً لا يُستهان بها».
الراي