خليجي زين 26: الكويت تجمع الخليج بروح الوحدة والترابط

بقلم: الدكتورة سهيلة الصباح
في مشهد رياضي يليق بتاريخها العريق في احتضان الفعاليات الكبرى، نجحت الكويت في تنظيم النسخة السادسة والعشرين من كأس الخليج العربي لكرة القدم، التي أقيمت خلال الفترة من 21 ديسمبر 2024 إلى 4 يناير 2025.
البطولة التي تحمل اسم “خليجي زين 26”، لم تكن مجرد حدث رياضي، بل تجسيداً عملياً لمعاني الوحدة والترابط بين شعوب الخليج العربي.
و“خليجي زين 26” لم تكن مجرد بطولة تنافسية لكرة القدم؛ بل منصة اجتمع من خلالها الأشقاء الخليجيون تحت راية الرياضة والمحبة. ومشاركة المنتخبات الثمانية (الكويت، والسعودية، والبحرين، وعمان، وقطر، والإمارات، والعراق، واليمن) أظهرت للعالم عمق العلاقات الخليجية الممتدة، حيث امتلأت مدرجات استاد جابر الأحمد الدولي واستاد جابر المبارك بالجماهير التي جاءت من كل حدب وصوب لدعم فرقها وعيش الأجواء الحماسية.
وقد توج المنتخب البحريني بلقب البطولة بعد فوزه في المباراة النهائية على شقيقه العماني بنتيجة 2-1 في لقاء مثير، ليحرز البحرينيون لقبهم الثاني في تاريخ المسابقة. وأظهرت البطولة مستويات تنافسية عالية، إذ شهدت مواجهات نارية ونتائج غير متوقعة، لترسخ مكانتها كأحد أهم الأحداث الرياضية في المنطقة.
وكانت الكويت، التي استضافت البطولة للمرة الخامسة، عند مستوى التحدي. حظي حفل الافتتاح بحضور رفيع المستوى على رأسه حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وسمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح. كذلك، تزينت شوارع الكويت ومرافقها بألوان البطولة، وعاشت البلاد أجواء احتفالية جعلت كل زائر يشعر أنه في وطنه.
كما لعبت مناطق المشجعين، التي أنشأتها شركة زين، دوراً كبيراً في إثراء تجربة الحضور. ومن الأنشطة التفاعلية إلى المسابقات والعروض الثقافية، كانت هذه المناطق نقطة تجمع مثالية للجماهير، ما عزز من الأجواء الاحتفالية وجعل البطولة تجربة لا تُنسى.
إضافة إلى ذلك، لعبت وسائل الإعلام المحلية والخليجية دوراً محورياً في نقل أجواء البطولة إلى الجماهير في مختلف الدول. وتغطية إعلامية شاملة عبر القنوات التلفزيونية والإذاعية ومنصات التواصل الاجتماعي أتاحت لمحبي كرة القدم متابعة كل لحظة من المباريات والفعاليات المصاحبة، ما عزز من مكانة البطولة كحدث خليجي يجمع الجميع.
ولم تقتصر الجهود على الجانب الإعلامي فقط، بل قدمت اللجنة المنظمة خدمات متكاملة لضمان راحة اللاعبين والمشجعين. من توفير وسائل نقل متطورة لنقل الجماهير بين الملاعب إلى تجهيز مرافق رياضية بأحدث التقنيات، وعكست هذه الاستعدادات مدى حرص الكويت على تقديم بطولة تليق بتاريخها الرياضي.
كما شهدت البطولة مبادرات اجتماعية وثقافية تهدف إلى إبراز التراث الخليجي المشترك، حيث أقيمت معارض وعروض تراثية على هامش المباريات. وهذه الأنشطة لم تُثر إعجاب الزوار فحسب، بل عمقت الوعي الثقافي لدى الجماهير حول الروابط العميقة التي تجمع دول الخليج.
وفي سياق متصل، أشاد اللاعبون والمسؤولون المشاركون في البطولة بمستوى التنظيم والإمكانات المقدمة. والتصريحات التي أعربت عن الامتنان للكويت عكست شعور الجميع بأن البطولة لم تكن مجرد منافسة رياضية، بل كانت رسالة محبة وترحيب وجهتها الكويت إلى كل فرد حضر أو تابع هذا العرس الرياضي.
وجاءت النسخة الحالية تحت اسم “خليجي زين” للمرة الثانية على التوالي، بفضل الشراكة الاستراتيجية بين اتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم وشركة زين. ولم تكتفِ زين بدورها كراعٍ رئيسي للبطولة، بل أسهمت بفعالية في تقديم نسخة متميزة. ومن تصميم شعار البطولة الذي استوحى رموزه من مكونات البيئة الخليجية، إلى إطلاق التميمة “هيدو” التي جذبت اهتمام الصغار والكبار، نجحت زين في ترجمة الهوية الخليجية المشتركة إلى عناصر ملموسة تفاعل معها الجميع. واختير شعار “المستقبل خليجي” ليعبر عن الرؤية الموحدة التي تسعى شعوب الخليج لتحقيقها من خلال التعاون والتكامل في شتى المجالات. ولم تكن هذه الروح بعيدة عن المشهد الرياضي، حيث عززت البطولة من العلاقات بين دول المنطقة وخلقت فرصاً جديدة للتواصل بين الشعوب.
وأكدت “خليجي زين 26” أن الرياضة ليست فقط مجالاً للتنافس، بل وسيلة لتعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية بين الدول. كما أظهرت أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص في إنجاح الفعاليات الكبرى، حيث لعبت جهات مثل زين والخطوط الجوية الكويتية دوراً بارزاً في تقديم تجربة استثنائية للجماهير.
واختُتمت البطولة بمشهد مهيب يعكس نجاحها الباهر، حيث عاشت الجماهير الخليجية لحظات لا تُنسى على أرض الكويت. من التكريم الخاص لأساطير الكرة الخليجية إلى الجوائز القيمة المقدمة للجماهير، وكانت “خليجي زين 26” مهرجاناً رياضياً وثقافياً يعكس وحدة الخليج العربي. ووها هي الكويت، التي لطالما كانت قلب الخليج النابض، تكتب فصلاً جديداً في مسيرتها الرياضية، وتُظهر للعالم أن الرياضة قادرة على جمع الشعوب بروح الوحدة والترابط.