جدوى اقتصادية وأمنية في تخفيض «المؤبد» إلى 20 عاماً

كشف قرار وزارة الداخلية القاضي بتشكيل لجنة لفحص حالات النزلاء في السجن المركزي المحكومين بعقوبات الحبس المؤبد والنظر في تخفيضها إلى السجن 20 عاماً، عن عدة جوانب من شأنها تحقيق عوائد مالية وأمنية وقضائية على الدولة وتعود بالنفع في خدمة هؤلاء السجناء. والقرار الجديد يخفض عقوبة الحبس عن المحكومين بالسجن المؤبد إلى 20 عاماً بدلاً من البقاء في السجن مدى الحياة، إذا اجتازوا الشروط والضوابط التي وضعتها وزارة الداخلية والمتضمنة في هذا القرار.
وينطوي القرار على العديد من الآثار على الدولة، منها المالي والاجتماعي، وأبرزها تخفيض التكلفة المالية التي تتكبدها الخزانة العامة على قطاعات السجون والحراسة حال تخفيض أعداد المحكومين بالسجن المؤبد، إذ أظهرت التقارير في العام 2022 أن تكلفة السجين شهريا 450 ديناراً، وسنوياً 5000 دينار بسبب رعاية المؤسسات العقابية للنزلاء، التي تتطلب توفير كل وسائل المعيشة من مأكل ومشرب وتطبيب ووسائل ترفيه ورعاية داخلية للسجناء، ومثل تلك الرعاية سوف تكون مستمرة للمحكومين بعقوبة السجن المؤبد طوال الحياة، فيما الدولة لا تحقق أي عائد من بقاء المحكوم في السجن، خصوصاً أن أعمال الشغل التي تقضي بها الأحكام القضائية على النزلاء وفق القانون لا توفر عملاً مادياً يقوم به النزلاء داخل المنظومة العقابية.
وتكمن الحاجة إلى سرعة تنفيذ القرار في أن بقاء المحكومين في السجن مدى الحياة، بخلاف ما يكلف الدولة من مبالغ مالية على بقائهم داخل المحبس، يعني تحمّلها توفير الحراسة الأمنية للمنظومة العقابية على نحو مستمر ودعم نقاط التفتيش البشرية والإلكترونية بداخلها ضماناً لحماية النزلاء.
ومن التحديات التي تواجه المنظومة العقابية في المؤسسات هي قضية ارتفاع أعداد المحكومين داخل السجون لاسيما الأجانب منهم، التي تستدعي من قطاعي وزارة الداخلية والنيابة العامة الأخذ بطريق اقتصاد القضايا الجنائية والصلح بما ينعكس على منظومة العدالة، من جهة، والعقابية والردع من جهة أخرى.
ومن بين الخطط المعروضة في مجال الصلح الجنائي مع المتهمين والمحكومين اعتماد إبعاد المتهمين والمحكومين الأجانب عن البلاد في القضايا التي تزيد عقوباتهم التي يتهمون بها أو يحكمون بها على السجن خمس سنوات دون أن تكون من الأحكام أو التهم في القضايا الجسيمة مع مطالبة دولته بوضعه تحت الرقابة اللاحقة وعدم تصديره للخارج للعمل وإبلاغ الإنتربول بارتكاب الأجنبي لإحدى الجرائم في دولة الكويت، ما من شأنه أن يوفر الكلفة على المنظومة الأمنية والقضائية والعقابية، والكثير من الالتزامات، وللمحكوم العودة إلى مجتمعه لا سيما وسط عدم استفادة الدولة من بقاء المحكوم عليه الأجنبي في البلاد حال صدور العقوبات البسيطة بحقه.
ويمنح الصلح الجنائي مع المتهمين والمحكومين حال إقراره اتفاق المتهمين والمحكومين مع جهات التحقيق كالنيابة العامة وإدارة التحقيقات على الصلح دون عرضهم على القضاء مقابل موافقتهم على القرار الذي قد تصدره جهات التحقيق في القضايا المرتبطة بحق المجتمع وبرد المبالغ المستولى عليها في قضايا المال العام مع الموافقة على العزل من الوظيفة العامة والتعهد بعدم ارتكاب الجريمة مجدداً، وهو ما من شأنه التخفيف على منظومة القضاء والمؤسسات العقابية، وتخفيف المبالغ التي تصرفها الدولة على المحكومين نظير بقائهم طوال مدة الحكم، علاوة على أن «التخفيف» سوف يمنح المؤسسات العقابية القدرة على توفير برامجها الإصلاحية للمحكومين في القضايا التي تتطلب إصلاحهم ودعمهم وإعادتهم إلى المجتمع مجدداً وفق البرامج الهادفة لإصلاح المحكومين.
وكان قد صدر في ملحق خاص للجريدة الرسمية (الكويت اليوم) مطلع الأسبوع الجاري قرار وزارة الداخلية رقم 397 لسنة 2025 بشأن تشكيل لجنة سباعية تسمى «لجنة متابعة أوضاع المحكومين بالحبس المؤبد».
وتتكون اللجنة من وكيل من النيابة العامة، لا تقل درجته عن محامٍ عام «رئيساً»، وتضم في عضويتها ممثلين عن النيابة والمدير العام للإدارة العامة للأمن الوقائي أو من ينوب عنه، والمدير العام للإدارة العامة للمباحث الجنائية أو من ينوب عنه، والمدير العام للإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية أو من ينوب عنه، والمدير العام للإدارة العامة لتنفيذ الأحكام أو من ينوب عنه.
وتباشر اللجنة اختصاصاتها بفحص ملفات المحكوم عليهم بالحبس المؤبد ممن سجنوا مدة «20» سنة على الأقل، وتقرير مدى أهليتهم للإفراج عنهم في حالة توافر الشروط، كما تتولى رفع تقرير بحالتهم إلى كل من وزير الداخلية والنائب العام.
وحدد القرار ثلاثة شروط للإفراج عن هؤلاء المحكومين، هي أن يكون هناك ما يدعو إلى الثقة في تقويم المحكوم عليه نفسه، وأن يكون حسن السيرة والسلوك داخل السجن، وألا يشكل إطلاق سراحه خطراً على مقتضيات الأمن العام.
ويجوز للنائب العام أن يأمر بوضع المفرج عنه تحت الرقابة الآلية «السوار الإلكتروني» لمدة لا تزيد على خمس سنوات وتقرير الشروط التي يلتزم بها المفرج عنه، وتنبيهه إلى أن أي مخالفة لهذه الشروط تكون سبباً في إلغاء الإفراج، على أن يصدر قرارات الإفراج الشرطي عند توافرها في المحكوم عليهم بالمؤبد ممن تقرر اللجنة صلاحية الإفراج عنهم.
الجريدة