Featuredمنوعات

بفضل إفريقي عانى من العبودية.. انتشر استخدام الفانيليا

مثل شعب توتوناك (Totonac)، الذي قطن على طول الساحل الشرقي للمكسيك حاليا، أولى الشعوب التي اتجهت لتدجين نبتة الفانيليا وزراعتها بشكل مكثف بهدف اعتمادها خلال الاستخدامات اليومية. وحسب عدد من المصادر التاريخية، استخدمت الفانيليا منذ القرن الثاني عشر كعطر بالمعابد ولإضفاء نكهة جيدة على بعض المشروبات والأطعمة.

ومع غزوهم لأراضي التوتوناك خلال العام 1427، اتجه الأزتيك (Aztecs) لتطوير استخدام الفانيليا واعتمدوها في مشروب خاص بهم قاموا من خلاله بخلط الكاكاو مع الفانيليا.

إلى ذلك، يعود الفضل للكونكيستدور هرنان كورتيس (Hernán Cortés) في ظهور الفانيليا بأوروبا حيث نقل الأخير هذه النبتة، إضافة للكاكاو، نحو إسبانيا بداية من عشرينيات القرن السادس عشر.

وفي الأثناء، واجه الأوروبيون طيلة القرون التالية مصاعب جمة في توطين زراعة الفانيليا بأراضيهم بسبب مصاعب في تلقيحها.

نقل الفانيليا نحو إفريقيا

إلى ذلك، يعود الفضل في انتشار زراعة واستخدام الفانيليا للرجل الإفريقي إدموند ألبيوس (Edmond Albius). ففي حدود العام 1829، ولد الأخير بمنطقة سانت سوزان (Sainte-Suzanne) بجزيرة ريونيون (Réunion) الواقعة قبالة السواحل الشرقية لمدغشقر بجنوب القارة الإفريقية. ومنذ ولادته، عاش إدموند ألبيوس على وقع ويلات العبودية حيث كانت والدته امرأة مملوكة لأحد أصحاب الأراضي بالمنطقة.

ومن جهته، وجد إدموند ألبيوس نفسه مملوكا للرجل الفرنسي، وصاحب إحدى الأراضي بريونيون، فيريول بيلييه بومون (Féréol Bellier Beaumont) منذ نعومة أظافره.

وفي غضون ذلك، جلب المستعمرون الأوروبيون حبوب الفانيليا من القارة الأميركية نحو كل من ريونيون وموريشيوس بعشرينيات القرن التاسع عشر أملا في زراعتها هنالك بسبب حديثهم عن وجود مناخ مشابه لذلك الموجود بالمناطق الممتدة بين المكسيك والبرازيل.

إلى ذلك، عرفت جميع محاولات الأوروبيين فشلا ذريعا حيث كانت الكروم حينها عقيمة بسبب عدم قدرة أي حشرة على تلقيحها. من جهته، عرض عالم الأحياء البلجيكي تشارلز مورين (Charles Morren) سنة 1837 طرقية يدوية لتلقيح الفانيليا. وفي الأثناء، كانت طريقته بطيئة وغير مربحة.

اكتشاف إدموند ألبيوس

وبأراضيه، علم الفرنسي فيريول بيلييه بومون عبده إدموند ألبيوس طريقة تلقيح الأزهار. وبحلول العام 1841، ابتكر إدموند ألبيوس، البالغ من العمر حينها حوالي 12 سنة، طريقة لتخصيب نبتة الفانيليا باستخدام عصا رفيعة أو شفرة لقص العشب وحركات إبهام بسيطة.

فبالإعتماد على العصا الرفيعة أو شفرة قص العشب، يتم رفع الغشاء الذي يفصل المئبر الذكري عن الميسم قبل أن توضع حبوب اللقاح اللزجة من المئبر باستخدم الإبهام على الميسم. استخدمت طريقة إدموند ألبيوس لعقود عديدة من أجل إنتاج الفانيليا. فضلا عن ذلك، لا تزال هذه الطريقة مستخدمة ببعض المناطق ليومنا الحاضر.

ساهمت طريقة تلقيح الفانيليا التي ابتكرها إدموند ألبيوس في تطور إنتاج الفانيليا بالعالم حيث مهدت الأخيرة حينها لتوطين زراعة وإنتاج الفانيليا بمناطق عديدة بعيدة عن القارة الأميركية. فضلا عن ذلك، ساهمت زراعة الفانيليا في تطور بعض المرافق بجزيرة ريونيون.

فعام 1841، لم تكن ريونيون تنتج أية كمية من الفانيليا. وبحلول أواخر القرن التاسع عشر، صدرت الأخيرة سنويا ما لا يقل عن 200 طن من الفانيليا نحو فرنسا.

على الرغم من اكتشافه الهام، لم يحظ إدموند ألبيوس بأي اعتراف أوروبي بسبب لون بشرته. فضلا عن ذلك، عانى هذا الشاب الإفريقي من ويلات العبودية لحدود العام 1848 ونال حريته تزامنا مع إجهاض العبودية بالمنطقة من دون أن يحقق أي أرباح من اكتشافه. وبحلول العام 1880، فارق الأخير الحياة بعد معاناة طويلة مع المرض والفقر.

زر الذهاب إلى الأعلى