الصين

“بريكس” ترسم مسارها في القمة التاريخية.. والرئيس الصيني يقدم خمسة مقترحات

تسارعت الخطا وتحركت الأقدام في جميع أنحاء المركز الإعلامي في قمة بريكس المنعقدة في قازان، يوم الأربعاء، حيث هرع الصحفيون من جميع أنحاء العالم لتغطية هذه القمة التي تُعقد لأول مرة بشكل حضوري منذ توسع المجموعة.

في خضم حالة عدم اليقين العالمية، شرعت بريكس في كتابة فصل جديد، ما عزز تأثيرها المتنامي على الساحة العالمية. قدّم الرئيس الصيني شي جين بينغ، في كلمة ألقاها أمام القادة في نطاق موسع، خمسة مقترحات: بناء مجموعة بريكس ملتزمة بالسلام، والابتكار، والتنمية الخضراء، والعدل، والتبادلات الشعبية الأوثق.

وقال شي: “يتعين علينا البناء على هذه القمة المهمة للانطلاق من جديد والمضي قدما بقلب واحد وعقل واحد. إن الصين على استعداد للعمل مع جميع دول بريكس لفتح أفق جديد في التنمية عالية الجودة لتعاون بريكس الكبرى”.

كما شهدت قمة هذا العام تقدما كبيرا آخر من خلال قرار دعوة عدد من الدول كدول شريكة، ما دفع التنمية لدى المجموعة بشكل أكبر.

وقال بون ناغارا، وهو مدير وزميل بارز في مركز أبحاث مبادرة الحزام والطريق لمنطقة آسيا-الباسيفيك، إن الاهتمام المتزايد من جانب الدول التي تسعى للانضمام إلى تعاون بريكس كل عام يثبت أن المجموعة مهمة وضرورية في عالم اليوم المضطرب.

وأضاف ناغارا أن: “الصين ساهمت بشكل كبير، بقيادة الرئيس شي، في نجاح بريكس من خلال نهج تقدمي ومستنير”.

خلال اجتماعات الأربعاء، تبادل القادة وجهات النظر بشأن تعاون بريكس والقضايا الدولية الرئيسية تحت عنوان “تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين”، مع التركيز على الأمن والتنمية المستدامة وتغير المناخ على الصعيدين العالمي والإقليمي، فضلا عن الإصلاحات في الحوكمة الاقتصادية العالمية.

وكان من أبرز ما ركزت عليه القمة الدعوة إلى زيادة التمويل لدعم التنمية المستدامة في الدول النامية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بريكس تهدف إلى “تعزيز نظام دولي متعدد الأقطاب”، خاصة من خلال تمويل “مبتكر وفعال” لهذه الدول.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ترأس قمة قازان، إن “الاتجاه نحو اضطلاع بريكس بدور ريادي في الاقتصاد العالمي، سيتعزز فقط”.

وحذر بوتين من المخاطر المستمرة بسبب التوترات الجيوسياسية وتصاعد العقوبات الأحادية والحمائية، مؤكدا أن ثمة “مهمة رئيسية تكمن في تعزيز استخدام العملات الوطنية لتمويل التجارة والاستثمار”.

كما أن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي شارك في القمة عبر رابط فيديو نظرا لإصابته في الرأس، أكد على نفس الفكرة، حيث قال: “الأمر لا يتعلق باستبدال عملاتنا، ولكن علينا العمل لضمان أن ينعكس النظام متعدد الأقطاب الذي نسعى إليه، في النظام المالي الدولي”.

وقد أحرزت بريكس بالفعل خطوات مع بنك التنمية الجديد الذي يتخذ من شانغهاي مقرا له. واتفقت دول بريكس يوم الأربعاء على دعم البنك في تنفيذ استراتيجيته العامة للفترة من 2022 حتى 2026 وتوسيع التمويل بالعملات المحلية.

وفي إعلان صدر في القمة الـ16 للبريكس، اتفقت الدول الأعضاء بالمجموعة أيضا على العمل بشكل مشترك من أجل بناء بنك التنمية الجديد ليصبح نوعا جديدا من البنوك التنموية متعددة الأطراف في القرن الـ21، ودعم توسيع عضويته بشكل أكبر، وتسريع مراجعة طلبات العضوية من دول بريكس وفقا لاستراتيجيته العامة وسياساته ذات الصلة.

كما شجع الإعلان دول بريكس على تعزيز التعاون المالي والترويج لتسوية المعاملات بالعملات المحلية.

وخلال القمة، أكد القادة أيضا على ضرورة وجود نظام عالمي أكثر عدلا لصالح الجنوب العالمي. وقال الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا إن بريكس هي تشكيلة شاملة قادرة على تغيير مسار الجنوب العالمي. وأضاف: “للقيام بذلك، يجب أن نحقق الإمكانات الكاملة لشراكتنا الاقتصادية، لضمان التنمية المستدامة للجميع وليس للبعض فقط”.

وأضاف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان: “فترة الأحادية في طريقها للانتهاء”، داعيا إلى نظام عالمي أكثر إنصافا. كما شدد العديد من المتحدثين على ضرورة تحمل المسؤوليات المتفاوتة في معالجة تغير المناخ، داعيين إلى أن تتواءم جهود الدول النامية في خفض الانبعاثات مع قدرات هذه الدول.

كانت بريكس، المعروفة في البداية باسم “بريك” عندما صاغها جيم أونيل كبير الاقتصاديين السابق في بنك جولدمان ساكس، تمثل في الأصل اقتصادات الأسواق الناشئة للبرازيل وروسيا والهند والصين. وانضمت جنوب إفريقيا في عام 2010، لتشكل رسميا مجموعة بريكس.

في مقابلة حديثة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، أقر أونيل بضرورة أن يتعاون صانعو السياسات في إنشاء نظام أمثل يعود بالنفع على الجميع، قائلا : “أعتقد أنه بمرور الوقت، سنجد توازنا جديدا تكون فيه الدول أكثر ارتياحا لما تفعله دول أخرى”.

وبخلاف الأعضاء الجدد الذين انضموا إلى بريكس بعضوية كاملة في الأول من يناير 2024، فإن أكثر من 30 دولة، بما في ذلك تايلاند وماليزيا وتركيا وأذربيجان، قد تقدمت رسميا بطلبات للانضمام إلى بريكس أو أعربت عن اهتمامها بذلك. كما تسعى العديد من الدول النامية الأخرى إلى تعاون أعمق مع المجموعة.

ويرى مراقبون أن بريكس تمثل منصة حيوية للدول النامية لمواصلة النمو. وأشار أحمد العلي، وهو باحث سياسي واستراتيجي في مركز الخليج للأبحاث في دبي، إلى أن بريكس تهدف إلى تعزيز نظام دولي أكثر إنصافا وفعالية وعقلانية.

وأضاف العلي أن المجموعة ستلعب دورا حاسما في تعزيز فرص التنمية والنمو لدول الجنوب العالمي، مع ضمان استدامة التقدم الاقتصادي والاجتماعي.

وعبر سيثمبيسو بنغو، وهو زميل أبحاث بارز في قسم علم الاجتماع بجامعة جوهانسبرغ، عن نفس الرأي، حيث قال: “إن آلية بريكس تقدم إمكانيات حقيقية لجعل العالم مجتمعا أكثر نزاهة بين الأمم، مع إمكانيات دعم وتعاون متبادلين نحو تحقيق أهدافنا في التحديث والتنمية.

شينخوا

زر الذهاب إلى الأعلى