Featuredتنزانيافيديو

بالفيديو .. موسيقى الطرب السواحيلية إفريقية بنكهة عربية (زنجبار)

الطرب هو لون موسيقي شائع في تنزانيا و كينيا و قد تأثر بالتراث الموسيقي في منطقة البحيرات العظمى الإفريقية و شمال إفريقيا و الشرق الأوسط و شبه القارة الهندية.

ينتشر بالأخص في زنجبار في قالب فني خاص يسمى “موسيقى الطرب الأفريقية”، وهو قالب يشبه إلى حد كبير الموسيقى العربية، ويعود الفضل فيه لسلطان زنجبار برغش بن سعيد البوسعيدي الذي أدخل موسيقى الطرب التي كان يهواها إلى زنجبار و قد ترك منذ القرن التاسع عشر إرثا مسموعا لثقافة موسيقية ثرية .

يعتمد هذا النوع من الطرب بشكل أساسي على ثلاث ألات موسيقية أساسية وهي العود والطبل و القانون و بعض آلات النفخ الإفريقية، و من الآلات الأخرى الكمان و الأكورديون و غيره .

ويعود التشابه الكبير بين نوعي الطرب الشرقي والزنجباري إلى نهاية القرن التاسع عشر، عندما أرسل السلطان برغش بن سعيد بن سلطان -ثالث السلاطين العُمانيين الذين حكموا جزيرة زنجبار- مجموعة من العاملين في بلاطه إلى مصر لتعلّم العزف على الآلات الشرقية، بدلاً من إحضار عازفي مصر لإحياء المناسبات .

أهم فناني الطرب
ستي بنت سعد أم الطرب

مطربة زنجبارية تعد من رائدات لون الطرب الموسيقي في شرق أفريقيا، ومن رموز الموسيقى والغناء السواحيلي. يحلو للبعض تشبيهها بمعاصرتها المصرية أم كلثوم فلها صوت قوي و عميق و مفعم بالأحاسيس . و قد تأثر بفنها العديد من الفنانين المعروفين و على رأسهم الفنانة الأصيلة (بن كيدوده)

تفردت ستي بنت سعد بكونها من أوائل النساء اللاتي برزن في موسيقى الطرب، كما كانت أول امرأة في شرق أفريقيا تسجّل ألبومًا غنائياً، وكانت من أوائل من أدّوا هذا اللون من الغناء بالسواحيلية بعد أن كان سابقوها يؤدونه بالعربية .

بلغت ستي بنت سعد أوج نجوميتها في الفترة من سنة 1928 إلى وفاتها سنة 1950، وسجلت في هذه الفترة حوالي 150 أسطوانة غرامفون، وجابت بلدان شرق إفريقيا في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، وغنت في كل من كينيا وتنجانيقا وزنجبار، وزارت بومباي ـ التي كانت عاصمة الهند آنذاك ـ لتسجيل ألبومها، لعدم وجود إمكانات تسمح بذلك في بلادها في ذلك الوقت.

فتحت ستي بنت سعد الباب للمزيد من النساء لغناء الطرب، بعد أن كان هذا اللون من الغناء مقصوراً على الرجال فقط قبل ظهورها، كما و أقامت حفلات في بلاط السلطان، وغنت القوالب العربية باللغة السواحلية، وكانت هذه الخطوة بمثابة بداية تحوّل الطّرب من اللغة العربية إلى اللغة السواحيلية و التي هي اللغة الوطنية في تنزانيا.

صور مرسومة تعبر عن حفلات السلطان التي كانت تحييها الفنانة القديرة ستي بن سعد

أكاديمية زنجبار الموسيقية ( أكاديمية دول داو للموسيقى)

هي المدرسة الموسيقية الأولى و الوحيدة في زنجبار ، و هي مدرسة للموسيقى تروج وتحافظ على التقاليد الموسيقية للجزر التابعة للشريط السواحيلي على امتداد المحيط الهندي. وتقوم الأكاديمية منذ عام 2002 بالترويج والمحافظة على المزيج الفريد للثقافة العربية، والهندية و الإفريقية الخاص بزنجبار من خلال الموسيقى .

تم افتتاح هذه المدرسة منذ أكثر من تسع عشرة عاماً تقريباً و هي تضم ما يقارب ثمانين طالباً يزيد عددهم أو يقل حسب الظروف ، وهي مؤسسة غير ربحية إذ لا تتعدى أقساطها الشهرية 13 دولار أمريكي شهرياً ، و هي تتلقى الدعم من الجهات المانحة الدولية ، و بعض البعثات الدبلوماسية .



فرقة تاراجاز العصرية الشهيرة

لاحظ شباب زنجبار أهمية التواصل مع الماضي لتحديد ملامح مستقبلهم، وتعبر الموسيقى المبتكرة حالياً عن تلك الرغبة التي تم التعبير عنها من خلال ربط القديم بالحديث ، فقام طلاب و معلمي الأكاديمية بتكوين فرقة موسيقية تعزف مزيجاً من الموسيقى يتكون من موسيقى الطرب التقليدية و موسيقى الجاز المعاصرة و أطلقوا عليها اسم (تاراجاز) ، و تضم هذه الفرقة شباباً موهوبين من زنجبار شغوفين بالموسيقى ، و هم يؤكدون من خلال موسيقاهم التي لاقت شعبية كبيرة أن الموسيقى هي لغة العالم التي تعبر حواجز اللغة و الثقافة و الأرض .

وفي النهاية فإن موسيقى الطرب هذا المزيج الموسيقي الفريد ما هو إلا وجه آخر لثقافة المجتمع الزنجباري التي تجمع بين الهوية الأفريقية وتاريخ العرب ، و هو يتعدى حدود الموسيقى ليصل إلى تأصيل فكرة أن قيمة زنجبار والشواطئ السواحيلية أكبر بكثير من مجرد جزيرة جميلة تتمتع بشواطئ جذابة و فنادق فاخرة ، بل هي مكان يتفجر بالموهية و الإبداع و يصر على مد جسور الماضي إلى الحاضر و الحفاظ على الأصالة المتوارثة عن الأجداد .

زر الذهاب إلى الأعلى