اعتبر بنك الكويت الوطني أن القدرة على شراء السكن من أبرز المشاكل، إذ لا يتناسب ارتفاع أسعار العقارات السكنية مع دخل المواطن العادي، مبيناً أنه رغم توسع المشاريع الإسكانية سواء المخطط لها أو قيد التنفيذ (نحو 10 مشاريع) من قِبل الهيئة العامة للرعاية السكنية، إلا أن هناك عدداً كبيراً من الطلبات المتراكمة للحصول على إسكان حكومي يقدر بنحو 94 ألف طلب في 2021.
وأشار البنك في تقريره العقاري إلى أنه مع استمرار الطلب الجديد على المساكن في تجاوز المعروض، تتزايد الضغوط كل عام، مرجحاً استمرار تحدي نقص العقار السكني، الأمر الذي يتطلب المزيد من المبادرات من أجل التوصل إلى حل جذري.
ولفت التقرير إلى ارتفاع قيمة المبيعات العقارية إلى 891 مليون دينار في الربع الأول من 2022، بنمو 9.2 في المئة على أساس ربع سنوي و6.1 في المئة على أساس سنوي، على خلفية تحسن نشاط القطاعين الاستثماري والتجاري بصفة رئيسية.
ونوه «الوطني» إلى استمرار القطاعين في إظهار مؤشرات على التعافي بعد فترة طويلة من الأداء المتواضع، في حين امتد هذا الاتجاه حتى أبريل، إذ وصلت قيمة المبيعات إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 8 أشهر لتبلغ 391 مليون دينار بنمو 10 في المئة على أساس شهري، و57 في المئة على أساس سنوي.
وكشف التقرير عن استمرار القطاعين التجاري والاستثماري في القيام بدور المحرك الرئيسي للسوق، وعن تزايد أحجام المبيعات غير السكنية بشكل ملحوظ، في حين كانت دلالات ارتفاع أسعار القطاع الاستثماري من أبرز العوامل الرئيسية التي ساهمت في زيادة المبيعات الإجمالية، موضحاً أن هذا الأداء قد يكون مدعوماً بتحسن الآفاق الاقتصادية وانخفاض تقييمات القطاع السكني.
وأفاد بأنه من المقرر أن تساهم التوقعات الاقتصادية الإيجابية وتحسن وتيرة النشاط التجاري، في تمهيد الطريق لتحقيق انتعاش مستدام في القطاعين التجاري والاستثماري، متوقعاً أن يكونا المحرك الرئيسي لقطاع العقار في 2022.
وذكر أنه في المقابل، فإن القطاع السكني، وبعد المكاسب التي حققها عام 2021، قد تتراجع وتيرة نموه هذا العام بناءً على ما رُصد في الآونة الأخيرة، مبيناً أنه من غير المرجح حصول انخفاض ملموس في أسعار العقارات السكنية، في ظل غياب الإصلاحات الحيوية، وعدم ظهور إمدادات جديدة بأحجام هائلة من المنازل أو الأراضي، لمعالجة النقص المستمر الذي يتعرض له المواطنون في السوق السكني.
أدنى معدل
وأشار التقرير إلى تراجع مبيعات القطاع السكني 7 في المئة على أساس ربع سنوي، و20 في المئة على أساس سنوي، لتبلغ 517 مليون دينار الربع الأول من 2022، لتسجل بذلك أدنى معدل نمو على أساس ربع سنوي منذ الربع الثالث من 2020.
ولفت إلى استمرار هذا الاتجاه خلال شهر أبريل، إذ سجلت المبيعات تراجعاً نسبياً بقيمة 147 مليون دينار، عازياً انخفاض المبيعات إلى تراجع عدد الصفقات، انعكاساً للارتفاع الملحوظ الذي شهدته أسعار المنازل والأراضي السكنية والتي وصلت إلى مستويات قياسية.
وكشف عن استمرار مؤشري أسعار المنازل والأراضي في تسجيل مكاسب سنوية قوية في مارس بنحو 7 في المئة على أساس سنوي و22 في المئة على أساس سنوي، على التوالي، رغم أن ضغوط الأسعار على أساس شهري وربع سنوي كانت أكثر تبايناً، مع انخفاض أسعار المنازل بنسبة 4.7 في المئة، وارتفاع أسعار الأراضي 3.9 في المئة على أساس ربع سنوي.
وذكر التقرير أنه مع استمرار تعافي الاقتصاد وتلاشي المخاطر المرتبطة بجائحة «كوفيد-19»، يبدو أن الطلب على القطاع السكني، الذي يحظى عادةً بالأفضلية لمرونته في الأوقات العصيبة، وبفضل قوة الأسس الاقتصادية التي يستند إليها، قد تراجع لصالح القطاعات الأخرى، التي تتميز بتقييمات أكثر جاذبية، مع إمكانية ارتفاعها على خلفية الانتعاش الاقتصادي.
واعتبر أن القطاع السكني قد يتأثر بارتفاع تكاليف التشييد والعمالة، مع تضاعف بعض المعدلات تقريباً منذ بداية العام، في حين قد تتراجع عمليات المضاربة نتيجة زيادة رسوم الوكالات العقارية التي كانت محددة في السابق بقيمة 500 دينار أو 250 ديناراً للعقارات التي تقل أسعارها عن 100 ألف دينار، بمعدل 0.5 في المئة من قيمة الصفقة.
وأفاد بأنه رغم ذلك، فمن المقرر أن تظل أسعار العقارات السكنية مرتفعة في ظل غياب الإصلاحات وزيادة المعروض من الوحدات، ولكنها قد تشهد وتيرة ارتفاع أقل هذا العام نظراً للنمو الاستثنائي الذي شهدته في 2021 وارتفاع أسعار الفائدة، التي يتوقع ارتفاعها بشكل ملحوظ في 2022، تماشياً مع تشديد مجلس الاحتياطي الفيديرالي لسياساته النقدية، ما قد يحد من الطلب على الائتمان والعقارات.
ورأى أن استقالة مجلس الوزراء في أبريل الماضي، وحالة عدم اليقين، قد يؤخران إقرار إصلاحات جوهرية بما في ذلك قانون الرهن العقاري المرتقب، إذ إن إقرار مشروع هذا القانون، إلى جانب زيادة رأسمال بنك الائتمان الكويتي بقيمة 300 مليون دينار في يناير (طالب مجلس الأمة بمبلغ 700 مليون دينار للحد من قيود السيولة) وهو الجهة الحكومية المسؤولة عن صرف القروض السكنية، قد يساهم في تحسين الوصول إلى التمويل وتوزيعه مقابل زيادة الطلب، مبيناً أنه من دون زيادة المعروض من المساكن، قد تؤدي تلك الإجراءات إلى زيادة معدل تضخم أسعار العقارات السكنية.
انتعاش الاستثماري
بلغ إجمالي مبيعات قطاع الاستثمار 272 مليون دينار في الربع الأول من 2022، بنمو 31 في المئة على أساس ربع سنوي، و79 في المئة على أساس سنوي، إذ تعادل تلك القيمة المتوسط ربع السنوي لما قبل الجائحة الذي بلغ حينئذ 279 مليون دينار عام 2019، ما يعكس تعافياً شبه كامل.
ولفت التقرير إلى أن ما دعم نمو المبيعات في الربع الأول، تزايد أحجام الصفقات 6 في المئة على أساس ربع سنوي، و16 في المئة على أساس سنوي، الأمر الذي قد يكون مدفوعاً بتزايد فجوة التقييم مع القطاع السكني، وتحسن الآفاق الاقتصادية، في حين تشير الدلائل المستمدة من عنصر الإيجارات ضمن مؤشر أسعار المستهلكين، والتي اتجهت نحو الارتفاع في النصف الثاني من 2021 إلى ثبات الإيجارات.
نمو «التجاري»
وذكر التقرير أن مبيعات القطاع التجاري، واصلت نموها في الربع الأول من 2022، إذ قفزت بنسبة 95 في المئة على أساس ربع سنوي، و128 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 102 مليون دينار، لتسجل أعلى وتيرة نمو منذ الربع الرابع من 2020، إذ يعكس تعافي الأداء إلى حد ما بدء العودة إلى مستويات ما قبل «كورونا».
وجاء ارتفاع المبيعات رغم انخفاض حجم الصفقات، إذ يعكس ارتفاع متوسط حجم الصفقات مدى كبر حجمها، ويشمل ذلك عقاراً بمساحة 945 متراً مربعاً في القبلة تم بيعه بـ10 ملايين دينار، وآخر بمساحة 4300 متر مربع في حولي بيع مقابل 10 ملايين دينار، وآخر بمساحة 1260 متراً مربعاً في المرقاب مقابل 30 مليون دينار.
وقفزت المبيعات الشهرية في أبريل إلى مستوى قياسي بلغت قيمته 161 مليون دينار، إذ قد يكون هذا حدثاً استثنائياً لن يتكرر على خلفية تزايد عروض الأراضي التجارية الكبيرة في منطقة صباح الأحمد الساحلية، ما أدى إلى رفع عدد الصفقات بمعدل 7 أضعاف على أساس سنوي إلى 49 صفقة، وهو الأعلى منذ يوليو 2019.
وذكر التقرير أنه رغم توقع تراجع النشاط عن هذا المستوى الاستثنائي، إلا أن القطاع التجاري قد يواصل تعافيه تدريجياً بالاتساق مع تحسن أنشطة الأعمال.