الماء السائل على المريخ.. هل كانت الاكتشافات السابقة مضللة؟

لطالما أثار الماء السائل على المريخ الفضول والإثارة في أوساط العلماء. لسنوات اعتُقد أن الرادارات المتقدمة كشفت بحيرات مخفية تحت الغطاء الجليدي الجنوبي للكوكب الأحمر، ما فتح أبواب الأمل في إمكانية وجود بيئات صالحة للحياة.
لكن دراسة جديدة نشرت في مجلة Geophysical Research Letters أعادت رسم الصورة بالكامل، مشيرة إلى أن ما اعتُبر دليلا على وجود الماء السائل قد يكون مجرد سوء تفسير لانعكاسات الرادار، ما يطرح تساؤلات جدية حول صحة الاكتشافات السابقة ويعيد المريخ إلى موقعه ككوكب جاف وصعب المنال أكثر مما كنا نظن.
وأثارت قياسات الرادار وخصوصا من رادار MARSIS على مسبار المريخ الأوروبي، احتمالية وجود ماء سائل تحت الغطاء الجليدي الجنوبي للكوكب، وأظهرت هذه القياسات انعكاسات قوية في طبقات الجليد، ما دفع العلماء إلى التكهن بأن المريخ قد يحتضن بيئات رطبة محتملة تحت السطح.
لكن نتائج أحدث من رادار SHARAD على مسبار استطلاع المريخ الأمريكي قد قلبت هذه الفرضية. أظهرت القياسات الجديدة، باستخدام تقنية “اللفافة الكبيرة جدًا” (VLR)، أن نفس المنطقة التي أشار إليها MARSIS قد تحتوي على أرض صلبة وملساء تحت الجليد، وليس ماءً سائلاً كما تم الافتراض سابقًا.
يكمن التباين بين الرادارين في تردداتهما المختلفة وطريقة اختراقهما للغطاء الجليدي. فـ MARSIS يستخدم ترددات منخفضة تسمح له باختراق الجليد بشكل أعمق، ما يعطي انعكاسات قوية أُسيء تفسيرها على أنها مياه سائلة. أما SHARAD، بتردداته الأعلى ودقته الأكبر، أظهرت عند الوصول للعمق نفسه انعكاسات أضعف بكثير، مما يشير إلى أن الانعكاسات لم تكن ناجمة عن ماء سائل، وفقا لموقع” dailygalaxy”.
يقول الباحثون إن هناك تفسيرات بديلة للانعكاسات القوية التي رصدها كلا النظامين. فقد تكون طبقات جليد ثاني أكسيد الكربون، أو تراكمات من الجليد المالح والطين، مسؤولة عن هذه الإشارات، لكنها لا تعني بالضرورة وجود ماء سائل.
المعنى الأهم لهذه الدراسة هو أن المريخ قد يكون أكثر جفافا مما ظن العلماء سابقا، وأن الاكتشافات السابقة التي أشارت إلى وجود بحيرات سائلة تحت الجليد قد تكون نتيجة سوء تفسير انعكاسات الرادار، وليس دليلا قاطعا على وجود بيئات مائية.
وبينما لا تزال إمكانية وجود مياه سائلة مستقرة تحت السطح قائمة من الناحية النظرية، فإن النتائج الجديدة تدعو إلى الحذر وإعادة تقييم الأدلة قبل الإعلان عن أي اكتشافات مائية على الكوكب الأحمر، مؤكدة أن البحث العلمي على المريخ لا يزال مليئا بالمفاجآت والتحديات.













