
في مشهد اعتاد عليه ملايين المسافرين، يجلس الركاب بجوار النوافذ خلال الرحلات الليلية على أمل مشاهدة السماء المرصعة بالنجوم من ارتفاعات شاهقة، لكنهم غالبا ما يصابون بخيبة أمل عندما لا يجدون سوى ظلام دامس أو انعكاسات مزعجة على زجاج النافذة.
هذا اللغز الذي حيّر الكثيرين كشف سره عالم الفيزياء النظرية إيثان سيغل، مؤكّدا أن السبب الرئيسي لا يعود إلى غياب النجوم، بل إلى ظروف الإضاءة داخل الطائرة وما يرافقها من عوامل أخرى.
يوضح سيغل أن الإضاءة الاصطناعية داخل المقصورة هي العائق الأول أمام رؤية النجوم، إذ تتسبب في انعكاس الضوء على الزجاج، ما يجعل النظر إلى الخارج شبه مستحيل، ويشبّه الأمر بجلوسك داخل منزلك ليلاً مع تشغيل الأضواء، إذ يصبح الخارج مظلما تماما في عينيك، بينما يستطيع من يقف في الظلام بالخارج رؤية كل ما يدور في الداخل، وفقا لصحيفة ديلي ميل.
وأضاف سيغل، أن الطائرات تمنح الركاب فرصة لرؤية بعض من أفضل مشاهد السماء المتاحة للبشر، نظرا للتحليق على ارتفاعات عالية بعيدا عن غلاف التلوث الضوئي الكثيف للأرض، إلا أن هذه الفرصة تضيع بسبب أضواء الطائرة نفسها، إضافةً إلى تأثيرات أخرى مثل التلوث الضوئي القادم من المدن حتى على ارتفاعات شاهقة، فضلاً عن ضوء القمر الذي قد يطغى على ضوء النجوم ويجعلها أقل وضوحا.
ويرى سيغل أن هذه الظاهرة تقدم مثالا بسيطا لفهم مبادئ الإضاءة والرؤية: “يجب أن يكون المكان الذي تنظر منه أكثر ظلاما من المكان الذي تنظر إليه، وإلا فلن ترى شيئا تقريبا”، على حد قوله.
ويشير إلى أن من يطمح للاستمتاع بالسماء أثناء السفر بالطائرة يحتاج إلى بعض الحيلة والتخطيط.
ولزيادة فرص رؤية النجوم، ينصح سيغل الركاب باختيار مقاعد النافذة بعيدا عن جناح الطائرة لتجنب انعكاس الضوء من المحركات، وكذلك اختيار الجهة المعاكسة لموقع القمر في السماء، إذ يخفّف ذلك من تأثير ضوئه الساطع، كما أن إطفاء أنوار المقصورة أو تخفيفها – إن أمكن – يعد خطوة مهمة للحصول على رؤية أفضل.
وبينما قد يظن البعض أن الطيران ليلا فوق السحب يضمن مشاهدة مشهد سماوي رائع، يكشف العلم أن النجوم لا تغيب أبدا عن السماء، بل تخفيها عيوننا خلف ستار من الضوء الاصطناعي.