الكويت تنتفض في وجه المتعاطفين مع العدوان الصهيوني
استدعاء السفير التشيكي وإنهاء خدمات معلمة أميركية... وسط سخط شعبي وبرلماني

– «الخارجية» للسفير: تصرفاتك مرفوضة وتتعارض مع طبيعة وظيفتك الديبلوماسية
– دفوراك معتذراً: لم يكن في نيتي التعبير عن عدم الاحترام تجاه الضحايا الأبرياء
– «التربية» تعاملت مع المعلمة وفق القانون الذي يمنع أعضاء السلك التعليمي تداول الشأن السياسي
امتداداً للتعاطف الرسمي والشعبي مع الشعب الفلسطيني الشقيق تجاه ما يتعرّض له من إجرام آلة القتل الصهيونية، شهدت الكويت تحركاً رسمياً، أمس، تجاه ما بدر من بعض الجهات من تعاطف مع العدوان على المقدسات في الأقصى وعمليات القصف في غزة، حيث استدعت وزارة الخارجية سفير التشيك مارتن دفوراك الذي أبدى دعمه للاحتلال عبر صفحته على «إنستغرام» فيما سارعت وزارة التربية إلى إنهاء خدمات معلمة أميركية في إحدى المدارس الخاصة كتبت «أنا أقف مع إسرائيل».
فقد أعربت وزارة الخارجية، في بيان لها، عن رفضها القاطع واستهجانها الشديد لما بدر عن السفير دفوراك، على حسابه الشخصي في موقع إنستغرام.
وأوضحت أن «ذلك التصرف المرفوض، وما يشكله من إساءة بالغة للمشاعر في دولة الكويت على المستويين الرسمي والشعبي، لا يتناسب وطبيعة الوظيفة الديبلوماسية ويتعارض مع الأعراف الديبلوماسية ونصوص اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية».
وأشارت إلى أنها استدعت السفير، صباح أمس، وتم خلال اللقاء الإعراب عن الرفض القاطع لتلك التصرفات التي تتعارض وطبيعة وظيفته الديبلوماسية، وقد أعرب السفير عن أسفه البالغ لدولة الكويت حكومة وشعبا، مشيرا إلى أن ما وقع فيه يعد خطأ غير مقصود، مؤكدا أنه سلوك شخصي، ولا يمثل موقف حكومته تجاه الوضع المؤسف في فلسطين، وأنه قد تم سحب الصورة التي أثارت الاستياء، وأن سفارته قد أصدرت بياناً أكدت خلاله أن ذلك التصرف لا يمثل موقف حكومة جمهورية التشيك بل هو تصرف شخصي.
وختمت الوزارة بأنها مستمرة بقيامها بالإجراءات اللازمة، من منطلق عدم السماح بتجاوز الأعراف الديبلوماسية أو نصوص اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية بين الدول، ولا تقبل الخوض في ما هو خارج المهام الموكلة لأي بعثة ديبلوماسية في الكويت.
وكانت مصادر ديبلوماسية قد أكدت لـ«الراي» أنه بناء على تكليف من وزير الخارجية استدعى مساعد وزير الخارجية لشؤون المراسم السفير ضاري العجران صباح أمس السفير التشيكي، لإبلاغه بالاستياء الرسمي والشعبي من الصورة التي نشرها على حسابه في موقع إنستغرام، موضحة أنه التقاه في وزارة الخارجية أمس، وتم إصدار بيان منه للاعتذار لكافة المواطنين الكويتيين والفلسطينيين والمسلمين بشكل عام، عما بدرمنه.
من جهتها، وبموقف حازم لا تهاون فيه، أنهت الإدارة العامة للتعليم الخاص في وزارة التربية خدمات معلمة أميركية تعمل في إحدى المدارس الخاصة، بعد أن كتبت على موقعها الشخصي في مواقع التواصل الاجتماعي «I stand with Israel».
هذه العبارة أثارت استياء الوزارة وإدارة المدرسة وأولياء الأمور ما دفع إدارة التعليم الخاص إلى فتح تحقيق في الموضوع، حيث طلب وكيلها الدكتور عبد المحسن الحويلة إفادة من إدارة المدرسة، وبعد التأكد تم إصدار قرار بفصل المعلمة من سلك التعليم وإنهاء خدماتها من المدرسة المشار إليها.
وأكد مصدر مسؤول لـ«الراي» أن «المعلمة سوف تأخذ مستحقاتها، إن كان لها مستحقات، وترحل حيث لا يجوز لها التدخل في الشأن السياسي، خصوصاً أن الكويت دولة ليست مطبعة مع الكيان الصهيوني، والتعامل مع المعلمة تم وفقاً للاجراءات القانونية، حيث إن هناك تعميماً يمنع أعضاء الهيئة التعليمية منعاً باتاً من تداول الشأن السياسي سواء داخل الحرم المدرسي أو على منصات التواصل الاجتماعي».
بدوره، سارع السفير التشيكي لدى البلاد مارتن دفوراك إلى تدارك موقفه، وقدم اعتذاراً لجميع الكويتيين والفلسطينيين والمسلمين على موقعيه في «تويتر» و«انستغرام»، جاء فيهما «إنني أشعر بالأسف الشديد لوضع العَلم الإسرائيلي على صفحتي الشخصية الخاصة، والتي أثارت غضباً وسخطاً مفهومين، بين العديد من الأشخاص، في ما يتعلّق بالوضع الحالي المأسوي للغاية في قطاع غزة.
فقد كنت غير حساس للغاية تجاه مشاعر العديد من أصدقائي الكويتيين والمسلمين المقربين، وأريد أن أعتذر لهم، وكذلك لجميع الكويتيين والفلسطينيين، وأي شخص آخر يشعر بالحزن من ذلك»، مضيفاً «لم يكن في نيتي مطلقاً أن أعبر عن أي شكل من أشكال عدم الاحترام تجاه الضحايا الفلسطينيين الأبرياء والمصابين الذين نشهد خسارتهم حالياً مع أسفي البالغ لذلك».
وأكد أنه طوال مدة خدمته في السفارة في الكويت، سعى دوماً إلى إقامة أفضل العلاقات الممكنة بين جمهورية التشيك والكويت، خصوصاً بين شعبي البلدين، متابعاً «لم أقم أبداً، في أي من أفعالي، بالتعبير عن أي شكل من أشكال الكراهية أو التعصب تجاه المسلمين أو العرب أو أي مجموعة عرقية أو دينية أخرى، وكانت أهداف حياتي دائماً هي التسامح والمصالحة، ولقد كنت فخوراً وسعيداً للغاية لأننا، جنباً إلى جنب مع زملائي الكويتيين ونظرائي، ونجحنا في تطوير ورعاية الصداقة طويلة الأمد بين بلدينا، وأنا أكثر ندماً على أن صورة في ملف التعريف الخاص بي قد تضع مساعينا في خطر».
واختتم «لهذا السبب أعتذر مرة أخرى لأي شخص شعر بالإهانة أو جرحت بلا قصد مشاعره، وأعد بأنني سأستمر في بذل كل ما في وسعي لضمان العلاقات الجيدة بين الكويت وجمهورية التشيك، تماماً كما أفعل. فعلت طوال مدة خدمتي هنا. أنا واثق من أن روابطنا الأخوية لن تتضرر، وأشكر كل من يقبل اعتذاري».
وامتداداً للموقف الرسمي الرافض للعدوان على غزة والمقدسات، شهدت شوارع الكويت انتشار لوحات إعلانية في مناطق عدة بمحافظة الاحمدي تحتوي على عبارات تضامن مع الشعب الفلسطيني والتأكيد على الثوابت الكويتية تجاه القضية.
غضب نيابي ومطالبة بطرد السفير
رفض عدد من نواب مجلس الأمة ما قام به السفير التشيكي، بعد وضعه للصورة التي تدل على تضامنه مع الكيان الصهيوني، حيث طالب النائب الدكتور عبدالكريم الكندري وزارة الخارجية باعتبار السفير شخصاً غير مرحّب به، لافتاً إلى أن «إعلان السفير تضامنه مع الكيان الصهيوني هو عمل استفزازي ويتنافى مع مهامه الديبلوماسية المنوط بها، الأمر الذي يستوجب على وزارة الخارجية اعتباره شخصاً غير مرحّب به في الكويت».
واعتبر النائب الدكتور عبدالعزيز الصقعبي «الدعم العلني للكيان الصهيوني المجرم من قبل سفير تستضيفه الكويت، بوجود مرسوم الحرب ضد العصابات الصهيونية اعتبره استفزازاً بشعاً لمشاعر الكويتيين وتحدياً للموقف الرسمي»، مطالباً وزارة الخارجية اتخاذ إجراءات حازمة وعملية تجاه هذا العمل المخالف للأعراف الديبلوماسية.
وقال النائب عبدالله المضف «كوني مواطناً ونائباً وعضواً في اللجنة الخارجية البرلمانية، أدعو وزارة الخارجية إلى سرعة اتخاذ إجراء حازم بحق سفير جمهورية التشيك بعد قيامه باستفزاز وإهانة مشاعر الشعب الكويتي.
ليعلم أن قضية فلسطين ليست قضية رأي هي ثوابت وخطوط حمراء يجب على الكل احترامها».
المصدر: جريدة الراي