– الطلب المصرفي على الأموال أخذ في الارتفاع وكذلك الفائدة
– صعود الفائدة المرتقب لنهاية 2022 يجعل التحرك مبكراً مقبولاً مصرفياً
– بنوك مضطرة للحفاظ على قاعدة عملائها وأخرى تُرتّب أوضاعها بأسعار استثنائية
– مصارف تُخطّط للاستفادة من تحوّلات المسار الاقتصادي المرتقبة بالتوسع ائتمانياً
– 5 في المئة سعراً متوقعاً لفائدة ودائع الأفراد نهاية العام أو بمعدل قريب منها
– 75 نقطة زادت مرة واحدة بفائدة أجل الـ 3 أشهر قياساً بتسعيرها السابق
– 1.12 في المئة هامش زيادة التسعير الفائز عن المقدم من بنوك كبرى منافسة
– 3.375 في المئة أحدث فائدة سندات وتورق على إصدار 3 أشهر بـ 200 مليون دينار
يبدو أن البنوك الكويتية بدأت مرحلة جديدة من حرب استقطابات الأموال الحكومية، لكن هذه المرة لن تكون أموالاً رخيصة مثلما هو مكوّن في الصورة النمطية عند البعض، حيث التحول نحو استقطاب ودائع بتكلفة غير مسجلة منذ نحو 15 عاماً، وسط منافسة قوية بين البنوك.
وفي هذا الخصوص، كشفت مصادر مصرفية مسؤولة لـ«الراي» أن أحد البنوك التي تعمل وفقاً للشريعة الإسلامية فاز أخيراً بوديعة طرحتها مؤسسة حكومية بنظام المزايدة السرية على مبلغ بـ80 مليون دينار لمدة 6 أشهر.
إلا أن المتغير بخلاف المنافسة المصرفية المشتعلة، حيث شاركت جميع المصارف في المزايدة على الوديعة عبر تقديم عروض أسعار في أظرف مغلقة، أن تسعير هذه الأموال شهد قفزة كبيرة ليصل السعر الفائز إلى 4.5 في المئة، مقترباً من معدل التسعير التاريخي للأموال الحكومية الذي كانت تحصل عليه الجهات الحكومية في 2007 ولفترة بسيطة بواقع 5 في المئة، فيما سجل آخر سعر تداول على هذه القيمة وللفترة نفسها نحو 3.75 في المئة، أي أن السعر ارتفع 75 نقطة مرة واحدة.
فائدة متداولة
ويحمل اتجاه الفائدة الجديد الذي بدأت البنوك منحه للجهات الحكومية أكثر من متغير مهم في مسار تسعير الأموال في الكويت، فمن ناحية يعكس صعوداً مؤثراً بمعدلات الفائدة، خصوصاً إذا عُلم أنه قبل شهرين كانت الفائدة المتداولة على الأموال الحكومية عند نحو 4 في المئة على ودائع السنة، ما يعني أنها ارتفعت 0.5 في المئة وهو رقم صعب في صناعة السياسة الائتمانية، مع الإشارة إلى أن هذا التسعير كان ممنوحاً على أجل أطول من ذلك. كما أن الملاحظ أن المنافسة المفتوحة مصرفياً في السابق وتسعير الـ4 في المئة كانا موجّهين أكثر نحو الأموال الأكثر استقراراً لجهة آجالها، وتحديداً من 6 أشهر وما فوق، لكن هذه المرة انتقلت المنافسة إلى دائرة جديدة تتعلق بودائع الأشهر الثلاثة، ما يعني أن الطلب المصرفي على الأموال الحكومية آخذ في التزايد.
ونتيجة لذلك التكهن من المرتقب أن يشهد التسعير خلال الأشهر المقبلة ارتفاعاً إضافياً سيتم تغذيته مصرفياً بحاجة بعض البنوك إلى ترتيب أوضاع السيولة لديها بمزيد من الأموال المريحة.
وذكرت المصادر أن أسعار الودائع عموماً شهدت منذ أشهر تحركاً ملموساً للدرجة التي أعلنت فيها بنوك أنها بدأت منح فائدة بـ4 في المئة كحد أدنى على ودائع الأفراد، إلا أن انتقال التسعير العالي إلى الودائع الحكومية سريعاً وبما يتخطى المعدلات الممنوحة للأفراد والشركات، يشي بمزيد من الطلب المصرفي على الودائع والمرجح للزيادة.
توظيف الأموال
ومن الواضح أنه سيكون للبنوك الإسلامية النصيب الأكبر من هذه الودائع، إلا أن التحدي الآخر أمام البنوك يتمثل في كيفية توظيف هذه الأموال، إذا لم تتحرك وتيرة الأعمال التشغيلية، لا سيما الكبرى منها بمعدلات كبيرة، وكافية لامتصاص الأموال المتوافرة للإقراض.
ومصرفياً لفتت المصادر إلى أن هناك أكثر من اعتبار يدفع الفائدة على الودائع عموماً إلى الارتفاع، يمكن حصرها في التالي:
1 – أعلن بنك الكويت المركزي أمس تخصيص آخر إصدار لسندات وتورق أصدرها بقيمة إجمالية 200 مليون دينار لأجل 3 أشهر وبمعدل عائد 3.375 في المئة، وهو الإصدار الأول الذي يمنحه الناظم الرقابي بهذا المعدل على هذه الفترة، حيث كان آخر إصدار للفترة نفسها في 19 سبتمبر الماضي بمعدل 2.625 في المئة، ما يعني أنه صعد بـ1.5 في المئة.
وبالطبع، يعني هذا المسار أن إصدار «المركزي» المقبل لـ6 أشهر قد يتخطى فائدة الـ3.75 التي منحها الأسبوع الماضي على هذا الأجل، مدفوعاً بارتفاع كلفة الأموال التي تستقطبها البنوك.
2 – ضمن التحركات العالمية لتغيير اتجاهات الفائدة نحو الصعود المتتالي، رفع «المركزي» أسعار أسعار الخصم منذ مارس الماضي 6 مرات ليصل إلى 3 في المئة، ما أعطى زخماً قوياً لأسعار الفائدة على القروض التي قفزت أخيراً لمستويات تاريخية.
3 – من المرتقب أن يرفع مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي الفائدة مرة جديدة في اجتماعه المقبل 2 نوفمبر، وفي حال تتبع «المركزي» مساره ولو تدريجياً وبواقع ربع نقطة سترتفع أسعار الودائع 0.25 في المئة، باعتبار أن «المركزي» يلزم البنوك بأن تكون حركة فائدتها على الودائع بالمعدل نفسه الذي تسير عليه مع القروض، أخذاً في الاعتبار أن هناك رفعاً ثانياً متوقعاً قبل نهاية العام، ما يعني مزيداً من التوقعات المتفائلة باحتمالية صعود الفائدة لتصل إلى 5 في المئة، أو أقله قريبة من هذا المعدل.
4 – مع التوقعات المتزايدة بارتفاع أسعار الفائدة قريباً ولأكثر من مرة حتى نهاية السنة، لتصل لنحو 5 في المئة للأفراد أو أقله قريبة من ذلك، يكون مقبولاً مصرفياً التحرك مبكراً للفوز بحصة مناسبة من الأموال الحكومية بتسعير مشابه.
5 – ربما يكون البنك الفائز يحتاج بشكل مصرفي خاص لهذه الأموال في ترتيب سلم السيولة لديه، ولذلك قبل بأن يدفع هذه الفائدة، علماً بأن بنوكاً كبرى عرضت في المزايدة نفسها أسعاراً عند 3.375 في المئة. وإذا كانت جميع البنوك الكويتية تملك رساميل قوية ومصدات كافية، إلا أنها تحتاج للودائع في ترتيب السيولة.
6 – بعض البنوك تخطط للتوسع ائتمانياً في الفترة المقبلة للاستفادة من التحولات التي قد يشهدها المسار الاقتصادي قريباً مع تشكيل حكومة ومجلس أمة جديدين يعوّل عليهما كثيراً.
وباعتبار أن الودائع تصنف محلياً على أنها من أفضل مصادر البنوك للتمويل، قد يلجأ البعض إلى زيادة استقطابه للودائع الحكومية أملاً في زيادة حصته السوقية من القروض.
7 – قد تكون بعض البنوك مضطرة لزيادة أسعار الفائدة على ودائعها حفاظاً على قاعدة عملائها التي باتت أكثر اهتماماً باتجاهات الفائدة محلياً، حيث لا تمانع شريحة كبيرة الانتقال من حساب مصرفي لآخر إذا عُرض عليها سعر فائدة أعلى، فيما تجد أخرى نفسها مدفوعة لترتيب أوضاعها بأسعار استثائية.
ودائع الحكومة والمؤسسات العامة
بلغت الودائع الحكومية في البنوك المحلية نهاية أغسطس الماضي نحو 3.824 مليار دينار مرتفعة بنحو 37.5 في المئة مقارنة بمستواها نهاية العام الماضي البالغ 2.782 مليار، فيما سجلت زيادة بـ32.8 في المئة على أساس سنوي مقارنة بمستواها في أغسطس 2021 البالغ 2.88 مليار دينار.
أما بالنسبة للمؤسسات العامة فبلغت ودائعها نهاية أغسطس 2022 نحو 7.163 مليار دينار، متراجعة بنحو 1.39 في المئة منذ بداية العام، وذلك من 7.264 مليار نهاية ديسمبر الماضي، في حين سجلت ارتفاعاً بنحو 1.89 في المئة مقارنة بمستواها في أغسطس من العام الماضي البالغ 7.03 مليار دينار.
جريدة الراي