التحول بقطاع الطاقة في أوزبكستان: انتقال تدريجي إلى آليات السوق

تُنفّذ أوزبكستان إصلاحات واسعة النطاق في قطاع الطاقة مننذ عام ٢٠١٧ تهدف إلى زيادة الكفاءة، وتحديث البنية التحتية، والانتقال إلى آليات السوق. بين عامي ٢٠١٧ و٢٠٢٤، اعتُمدت تدابير تشريعية ومؤسسية رئيسية، شملت ٨ قوانين وأكثر من ٩٠ قرارًا رئاسيًا ووزاريًا، مما وضع الأساس التنظيمي لتحول جذري في القطاع.
ارتفع إنتاج الكهرباء في البلاد بنسبة ٣٨٪، من ٥٩ مليار كيلوواط/ساعة عام ٢٠١٦ إلى ٨١.٥ مليار كيلوواط/ساعة عام ٢٠٢٤. وفي الوقت نفسه، ارتفع نصيب الفرد من توليد الكهرباء بنسبة ١٨٪، ليصل إلى ٢٢٠٠ كيلوواط/ساعة. وعلى مدى السنوات السبع الماضية، شغّلت أوزبكستان ١١ ألف ميجاواط من سعة توليد جديدة – أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الحجم المُضاف خلال السنوات الخمس والعشرين السابقة.
على الرغم من النمو الاقتصادي السريع، نجحت أوزبكستان في خفض استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج الاقتصادي. فبين عامي 2017 و2024، نما الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 55%، بينما انخفضت كثافة الطاقة بنسبة 7.4%. وبدأ الاقتصاد يعمل بكفاءة أكبر، حيث تبنت قطاعات الصناعة والخدمات والزراعة مناهج أكثر عقلانية في استخدام الموارد.
يشير هذا التوجه إلى أن الاقتصاد يُنتج قيمة أكبر باستخدام طاقة أقل، حيث يبلغ معدل الاستهلاك الحالي 56.8 كيلوواط/ساعة لكل مليون وحدة من القيمة المضافة.
وفي موازاة ذلك، تم تحديث أكثر من 54,800 كيلومتر من شبكات التوزيع و17,200 محطة تحويل فرعية، مما أدى إلى تحسين إمدادات الكهرباء في أكثر من 8,000 منطقة سكنية في جميع أنحاء البلاد. وللمقارنة، لم يتم تحديث سوى 9,300 كيلومتر من خطوط الكهرباء و4,800 محول بين عامي 1991 و2016.
وتم إيلاء اهتمام خاص لتطوير الطاقة المتجددة. بحلول نهاية عام 2024، تم تشغيل 14 محطة للطاقة الشمسية و3 محطات لطاقة الرياح، بطاقة إجمالية مُركّبة تبلغ 4100 ميجاوات، في 10 مناطق بأوزبكستان. وفي ذلك العام، بلغ إنتاج الكهرباء الخضراء 4.9 مليار كيلوواط/ساعة.
تحسين كفاءة موارد الطاقة واستخدامها الرشيد من خلال تحرير التعرفة
كان تحرير التعرفة استمرارًا مهمًا لإصلاحات الطاقة، بهدف إرساء آليات سوق مستدامة وجذب الاستثمارات لتلبية الطلب المتزايد. لتقييم أثر هذا الإصلاح، أجرى مركز البحوث الاقتصادية والإصلاحات (CERR) دراسةً لتحليل سلوك الأسر في ظل سياسة التعرفة الجديدة، التي أدخلت معيارًا للاستهلاك الاجتماعي في مايو 2024.
غطت الدراسة 3516 أسرة على مستوى البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تم تحليل بيانات الاستهلاك من 3.5 مليون مشترك في الغاز و8 ملايين مشترك في الكهرباء، مما قدّم رؤىً حول تغيرات استخدام الطاقة واستجابة الجمهور لسياسة التسعير الجديدة.
وأظهرت النتائج أنه من مايو إلى ديسمبر 2024، انخفض استهلاك الكهرباء بنسبة 10.6% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023، ما يعادل توفيرًا قدره 1.3 مليار كيلوواط/ساعة.
ومن الجدير بالذكر أن عدد الأسر التي تستهلك أكثر من 10,000 كيلوواط/ساعة شهريًا انخفض بشكل حاد من حوالي 80,000 أسرة في عام 2023 إلى 15,000 أسرة فقط في عام 2024.
ومن المثير للاهتمام أن غالبية المواطنين استمروا في استخدام الطاقة ضمن الحدود المألوفة. وظلت نسبة المشتركين الذين يستهلكون ما يصل إلى 200 كيلوواط/ساعة شهريًا مستقرة – 71% في عام 2023 و72% في عام 2024.
لوحظت اتجاهات مماثلة في استهلاك الغاز الطبيعي: ففي عام ٢٠٢٤، استخدم ٥٨٪ من المشتركين ما يصل إلى ٥٠٠ متر مكعب، مقارنة بـ ٥٤٪ في عام ٢٠٢٣. ولم تُحدث زيادة التعرفة تغييرات جذرية في أحجام الاستهلاك الأساسية.
وشهدت المناطق التي كانت مستويات الاستهلاك فيها مرتفعة سابقًا، مثل سمرقند وطشقند وأنديجان ونمنجان، أكبر انخفاض في الاستهلاك، مما يشير إلى تحول نحو استخدام أكثر كفاءة للطاقة بين الأسر.
وفي الوقت نفسه، تحسنت جودة إمدادات الطاقة. ووفقًا للاستطلاع، أفاد ما يقرب من نصف المشاركين بتحسن إيجابي في إمكانية الحصول على الكهرباء والغاز الطبيعي والغاز المسال.
وأشار ٤٧٪ من الأسر إلى تحسن في إمدادات الكهرباء، مع ارتفاع مستوى الرضا بشكل خاص في مناطق سورخاندريا (٧٨٪)، وسيرداريا (٧٠٪)، ونمنجان (٦٧٪).
لاحظ 39% تحسنًا في إمكانية الحصول على الغاز الطبيعي، مع تسجيل أعلى المستويات في خوارزم وسرخندريا (كلاهما 68%)، وجيزاخ (60%).
وأفاد 45% بتحسن في إمدادات الغاز المسال، لا سيما في سيرداريا (73%)، وسرخندريا (62%)، ونمنجان (59%). تشير هذه النتائج إلى اتساع نطاق الوصول إلى خدمات الطاقة الأساسية نتيجةً للإصلاحات الجارية.
وكان أحد التطورات الرئيسية هو التبني الواسع النطاق لحلول كفاءة الطاقة على مستوى الأسر. أفاد أكثر من 90% من المجيبين بتنفيذ تدبير واحد على الأقل لخفض تكاليف الطاقة.
وكان التدبير الأكثر شيوعًا هو التحول إلى إضاءة LED، حيث اعتمدته 87% من الأسر. وفي بعض المناطق (جمهورية كاراكالباكستان، وخوارزم، وناوي، وطشقند) تجاوز هذا الرقم 90%.
قامت 44% من الأسر بتحسين عزل النوافذ والأبواب من خلال تركيب تجهيزات بلاستيكية، لا سيما في قشقداريا (84%)، وبخارى (69%)، وخوارزم (54%).
اشترى 31% أجهزة موفرة للطاقة، وكانت أعلى النسب في جيزك (60%)، ونوائي (59%)، وجمهورية قرقل باغستان (54%).
بالإضافة إلى ذلك، هناك اهتمام متزايد بحلول الطاقة المتجددة.
قامت 64,000 أسرة في جميع أنحاء البلاد بتركيب ألواح شمسية بسعة إجمالية تبلغ 223.4 ميجاوات. ويبلغ إنتاجها السنوي حوالي 313 مليون كيلوواط/ساعة، وهو ما يعادل توفير 104 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي.
أعرب أكثر من نصف الأسر التي لديها تركيبات شمسية عن رضاها عن النتائج واهتمامها بتوسيع قدرتها على توليد الكهرباء. ويُظهر التحليل أن الطلب المحتمل على الألواح الشمسية بين السكان يبلغ حوالي 1.9 مليون أسرة، مما يفتح آفاقًا لتطوير سوق محلية تزيد قيمتها عن 2.3 مليار دولار. في الوقت نفسه، لا تزال نسبة كبيرة من استهلاك الطاقة تأتي من مصادر تدفئة أقل كفاءة، بما في ذلك غلايات الغاز القديمة ومواقد الوقود الصلب، مما يُبرز الحاجة إلى تحديث البنية التحتية السكنية وتوفير حوافز لتبني التقنيات الحديثة.
في موازاة ذلك، تتزايد إمكانات الاستثمار في تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني. وتشير التقديرات إلى أن مخزون الشقق السكنية في أوزبكستان يمكن أن يوفر أكثر من 60 مليون دولار سنويًا من خلال العزل الحراري للواجهات، وتحديث أنظمة التدفئة، واستبدال النوافذ والأبواب القديمة.
تحسين كفاءة الطاقة: الفوائد الاقتصادية والأثر البيئي
وفقًا لتقديرات البنك الدولي، توجد إمكانات مماثلة في مباني القطاع العام، بما في ذلك المدارس ومرافق الرعاية الصحية، حيث يمكن للاستثمارات المستهدفة في التحديث الحراري أن تقلل استهلاك الطاقة بنسبة تتراوح بين 20% و50%، وتتيح إمكانية توفير ما يصل إلى 7.1 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء سنويًا.
بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، ستساهم هذه التدابير في خفض كبير في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بما يصل إلى 780 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. تُدير أوزبكستان بالفعل سوقًا لتداول الكربون، وقد نجحت في بيع حصص الانبعاثات الفائضة لدول أخرى. ومن شأن تطبيق هذه الإجراءات أن يزيد حجم هذه المبيعات، مما قد يُدرّ إيرادات سنوية تصل إلى 50 مليون دولار.
تضمن الإصلاحات الجارية انتقالًا تدريجيًا نحو نظام طاقة مستدام وفعال، قائم على التحديث وكفاءة الطاقة ومبادئ السوق.