
أصبح الخبز حديث الساعة في المغرب، ومحطّ تساؤلات تناسلت عبر القنوات التلفزية والصحف المحلية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الوقت الذي طمأن فيه المتحدث باسم الحكومة مصطفى بايتاس، المغاربة حول مخزون القمح، تبادرت إلى الأذهان تساؤلات حول استقرار سعر الخبز، الذي يرافق معظم الأطباق المغربية، على موائد الأغنياء كما الفقراء.
وما زاد من توجس شرائح واسعة من المغاربة، هو تزامُن إعلان الهند تعليق صادراتها من الحبوب مع الجفاف الذي هوى بالمحصول المغربي إلى حوالي 32 مليون قنطار برسم الموسم الفلاحي 2022/2021.
وبحسب وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فإن الانخفاض يقدر بنسبة 69 في المئة مقارنة بالموسم السابق الذي سجل إنتاجا من بين الإنتاجات القياسية.
وأوضحت الوزارة، في بلاغ لها اطلعت عليه “سكاي نيوز عربية”، أن هذا الإنتاج تم الحصول عليه من خلال مساحة مزروعة بلغت 3.6 مليون هكتار من الحبوب برسم هذا الموسم.
الثالث بالاستهلاك عربيا
قال الخبير الاقتصادي رشيد ساري “إن المغرب يحتل المرتبة الثالثة من حيث استهلاك الحبوب على المستوى العربي بعد مصر والجزائر، كما أنه يدخل ضمن الدول العشر الأولى الأكثر استهلاكا للحبوب عالميا، وبحسب المعطيات المتوفرة فإن الاستهلاك الفردي للحبوب بكل أنواعها في المغرب يجاور 200 كيلوغراما سنويا، وهو رقم يعتبر كبيرا جدا، لأنه يمثل ثلاثة أضعاف الاستهلاك العادي”.
وجوابا على سؤال “سكاي نيوز عربية” حول احتمال حدوث أزمة خبز في المغرب، أكد ساري على ضرورة أخد مجموعة من المعطيات بعين الاعتبار، أولها أن المغرب يعيش سنة فلاحية جافة، والمنتوج الوطني لن يتعدى 32 مليون قنطار، أي أننا سنضطر لاستيراد حوالي 70 مليون قنطار. كما أن الحرب الروسية الأوكرانية جعلت أكبر موردي الحبوب يعلقون صادراتهم، وهو ما سيضع بلادنا أمام عدة إكراهات، من بينها عجز الميزانية وإمكانية التضخم الفلاحي.
ودعا المحلل الاقتصادي ضمن تصريحه لـ”سكاي نيوز عربية”، إلى ضرورة إعادة النظر في الاستراتيجية الفلاحية للبلاد، لا سيما الزراعات التي تستنزف الموارد المائية، كالطماطم والحمضيات والبطيخ الأحمر، والتي يوجه جزء كبير منها للتصدير.
الحكومة تواصل الدعم
في سياق متصل، وتعليقا على النقاش الدائر حول الخبز وارتباك مصادر التموين عبر العالم، قال الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، “إن المملكة تتوفر على مجموعة من الآليات لتجديد المخزون الوطني من القمح وتعزيزه في شتى المراحل، في ظل الارتفاع الذي تشهده أسعار هذه المادة في الأسواق العالمية، وذلك في سياق الظرفية الموسومة بالنزاع الروسي الأوكراني.”
وفي هذا الصدد، أوضح بايتاس خلال ندوة صحافية أعقبت الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، أن الدعم الحكومي الموجه لهذه المادة الحيوية لتصل إلى المطاحن بسعر 260 درهما للقنطار (26 دولارا)، عرف ارتفاعا كبيرا، فبعدما كان في حدود 71 درهما في يناير المنصرم، ارتفع اليوم ليقارب 200 درهم في كل قنطار.
مخزون استراتيجي
إذا كان المغرب يتوفر حاليا على احتياطي من الحبوب يعادل حاجيات أربعة أشهر، فإن عددا من المراقبين يطالبون الحكومة بالتعجيل بوضع مخزون استراتيجي يحمي السوق الداخلية من الصدمات، ويضعها في منأى من السجالات والصراعات الاقتصادية الخارجية.
في هذا الصدد، قال الخبير المالي والاقتصادي الطيب أعيس، في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، إن “سياسة المغرب الاستباقية مكنته من وضع خطة لتوفير مخزون من المواد الأساسية، وذلك منذ سنوات، حيث قام بسن قوانين تلزم الفاعلين في القطاعات التي تمس المواطن، فعلى سبيل المثال، يتوفر المغرب حاليا على مخزون حبوب يعادل أربعة أشهر، يشرف عليه المكتب الوطني للحبوب والقطاني. والشيء نفسه ينطبق على المحروقات التي تُلزمها الحكومة بتوفير احتياطي كاف يعادل شهرين من الاستهلاك”.