
جاء إعلان ثاني اكتشاف ليثيوم في الهند بعد 3 أشهر من الكشف عن احتياطيات ضخمة من المعدن النادر تُقدَّر بنحو 5.9 مليون طن، ليؤكد أن نيودلهي قادرة على إحداث ثورة غير مسبوقة في أسواق الليثيوم العالمية.
فقد عثرت الهند على احتياطيات هائلة من الليثيوم في هضبة كانت تنتج خام التنغستن بكثافة خلال الاحتلال البريطاني للبلاد في بداية القرن الـ20، قد تفوق الكميات التي اكتشفتها في منطقتي جامو وكشمير خلال شهر فبراير/شباط (2023)، وفق هيئة المسح الجغرافي بالبلاد.
وكشف مسؤولو هيئة المسح الجغرافي الهندية عن دلائل على وجود كميات هائلة من الخام الرئيس لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية في هضبة “رنفات” بمنطقة “دغانا” الواقعة بولاية راجستان، حسبما ذكرت صحيفة “ذي إيكونوميك تايمز” المحلية.
والليثيوم معدن غير حديدي، يُستعمل في عديد من الصناعات، مثل أجهزة الحاسوب المحمول، والسيارات الكهربائية، وأجهزة الشحن الكهربائي.
وتستورد الهند كل احتياجاتها من الليثيوم من الخارج، في وقت تسعى به إلى كهربة قطاع النقل، وضمن إطار خطط تحقيق الحياد الكربوني عام 2070، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وكانت وزارة المناجم الهندية قد أعلنت، خلال شهر فبراير/شباط الماضي، العثور على 5.9 مليون طن من احتياطيات خام الليثيوم، لأول مرة في البلاد بإقليم جامو وكشمير المتنازع عليه مع باكستان منذ عقود.
قالت هيئة المسح الجغرافي الهندية، إنها عثرت على ثاني اكتشاف ليثيوم في الهند باحتياطيات هائلة في هضبة رنفات والمناطق المحيطة بها بولاية راجستان، والتي كانت معروفة بإنتاج التنغستن خلال حقبة الاحتلال البريطاني.
واكتشف البريطانيون التنغستن في الهضبة الهندية عام 1914، واعتمدوا عليه في تصنيع الأسلحة المستعملة خلال الحرب العالمية الأولى، التي اشتعلت شراراتها الأولى في العام ذاته.
وبعد استقلال الهند عن بريطانيا عام 1949، استفادت البلاد من التنغستن في صناعة أدوات الجراحات الطبية والقطاع الطبي عامة، إضافة إلى معدّات الطاقة داخل المنطقة، وبلغ عدد العاملين في إنتاجه -حينها- 1500 عامل.
وانتكس إنتاج التنغستن في بداية التسعينيات من القرن الماضي، إلى أن توقفت بالكامل في المدة (1992-1993)، بسبب سياسة الصين لتصدير منتجات رخيصة، وتحولت المنطقة إلى صحراء غير مأهولة، ومنشآتها من المنازل والمباني الحكومية والمدارس وغيرها إلى آثار، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
أهمية ثاني اكتشاف ليثيوم في الهند
يرى مسؤولو هيئة المساحة الجغرافية الهندية أن احتياطيات ثاني اكتشاف ليثيوم في الهند بهضبة رنفات والمنطقة المحيطة في ولاية راجستان ستمكّنها -حال استغلالها- من الاستغناء عن الواردات من الصين، إذ إنها تكفي لتلبية 80% من احتياجاتها.
وتمثّل صادرات الليثيوم من الصين إلى الهند نحو 53.76%، لذلك يُعدّ امتلاك نيودلهي احتياطيات هائلة من الليثيوم بمثابة طوق نجاة، قد يمكّنها من تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الطاقة الخضراء.
ويتّسم الليثيوم بأنه من المعادن الأخفّ في العالم، ذو ملمس ناعم، ما يجعله قابلًا للتقطيع بـ”سكين الخضروات” في أيّ منزل، ويستطيع تخزين الطاقة الكيميائية، وتحويلها إلى كهربائية.
وبسبب الطلب الكبير على الليثيوم مؤخرًا، أُطلق عليه أسم “الذهب الأبيض”.
وفي إطار عملية تحول الطاقة بجميع أنحاء العالم، والتي تتطلب الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة الخضراء سريعًا في كل مناحي الحياة، بدءًا من الطائرات، مرورًا بتوربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية والهواتف المحمولة، وصولًا إلى الأحجام الأصغر من بطاريات الشحن، يواصل الطلب على الليثيوم النمو.