إدمان الأطفال على الألعاب الإلكترونية خطر على الصحة العقلية والجسدية
بقلم: الشيخة سهيلة الصباح
تعتبر الألعاب الإلكترونية من أبرز مظاهر الثورة التكنولوجية الحديثة التي اجتاحت حياتنا اليومية وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من ثقافتنا المعاصرة، ورغم الفوائد الترفيهية والتعليمية التي تجلبها الألعاب الإلكترونية إلا أن الإدمان عليها وخاصة بين الأطفال أصبح يشكل تهديداً كبيراً لصحتهم النفسية والجسدية ويؤثر على نموهم الاجتماعي والسلوكي.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن نسبة متزايدة من الأطفال يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات منغمسين في عوالم افتراضية تجذب انتباههم وتفصلهم عن الواقع.
وفيما يلي نستعرض بعض أبعاد هذه المشكلة والحلول التي يمكن اعتمادها لمواجهتها.
إن الإدمان على الألعاب الإلكترونية يؤدي إلى عزلة الطفل عن بيئته الاجتماعية حيث يقضي الطفل ساعات طويلة أمام الشاشات مما يحد من تفاعله مع الأسرة والأصدقاء، كما يسبب هذا الإدمان اضطرابات نفسية كالقلق والاكتئاب نتيجة الضغوط التي يسببها محاولة تحقيق الإنجازات داخل اللعبة بالإضافة إلى الإحباط عند الفشل.
وعلى الصعيد الصحي، قد يؤدي الإفراط في ممارسة الألعاب إلى مشاكل مثل ضعف النظر وآلام الرقبة والظهر بسبب الجلوس بشكل غير صحيح لساعات طويلة، كما أن قلة الحركة الناتجة عن الجلوس لفترات طويلة تزيد من خطر الإصابة بالسمنة، وهي مشكلة متنامية بين الأطفال الذين يفضلون ألعاب الفيديو على الأنشطة البدنية.
وعلى الصعيد التعليمي، أثبتت الأبحاث أن إدمان ألعاب الفيديو يؤثر سلباً على التحصيل الدراسي، حيث يفقد الأطفال القدرة على التركيز في دراستهم بسبب قضاء معظم وقتهم في اللعب، مما يؤدي إلى تراجع أدائهم الأكاديمي.
وتعتمد الألعاب الإلكترونية على عوامل تشجع على الإدمان، مثل تقديم المكافآت الافتراضية، وإطلاق تحديات جديدة، والتفاعل المباشر مع لاعبين آخرين. وهذه العوامل تجعل من الصعب على الأطفال التوقف عن اللعب، وهو ما يعمق المشكلة إذا غابت الرقابة الأبوية والتوجيه المناسب.
لذلك تلعب الأسرة دوراً أساسياً في مواجهة هذه الظاهرة من خلال تحديد أوقات اللعب، وتشجيع الأنشطة البديلة مثل الرياضة والقراءة، ومراقبة نوعية الألعاب التي يلعبها الأطفال للتأكد من خلوها من المحتوى الضار. كما أن بناء علاقة حوار مع الطفل لفهم احتياجاته وتقديم الدعم النفسي له دور محوري في الحد من التأثير السلبي لهذه الألعاب.
من ناحية أخرى، تقع على عاتق المؤسسات التعليمية مسؤولية التوعية بمخاطر الإدمان على الألعاب الإلكترونية، من خلال تنظيم الأنشطة التوعوية ودمج الأنشطة الترفيهية والتعليمية التي تعتمد على التكنولوجيا بشكل متوازن وآمن.
ونأمل أن تكثف الجهات المعنية السياسات التي تحد من تأثير الألعاب الإلكترونية، مثل فرض حدود زمنية على الألعاب الإلكترونية، وتعزيز البرامج التعليمية التي تستخدم التكنولوجيا بطرق مبتكرة لتحفيز الأطفال على التعلم والتفاعل اجتماعياً.
ومن هذا المنطلق فإن معالجة هذه الظاهرة تتطلب تعزيز الرقابة الأسرية للحد من آثارها السلبية، ورغم الإمكانات الهائلة التي توفرها التكنولوجيا لتنمية مهارات الأطفال وتعليمهم، إلا أن الاستخدام الواعي والمتوازن يظل هو المفتاح لبناء جيل قادر على الاستفادة من هذه الأدوات بما يخدم نموه ويعزز سلامته النفسية والجسدية.