أكبر حدث فلكي في هذا العقد.. موعد كسوف الشمس الكلي
في حدث سماوي استثنائي يُنتظر أن يكون الأجمل والأكبر خلال هذا العقد، ستُظلم سماء أستراليا ونيوزيلندا في 22 يوليو 2028 حين يُلقي الكسوف الكلي للشمس بظلاله الساحرة على مساحات شاسعة من نصفي الكرة الجنوبي.
سيشهد ملايين الأشخاص لحظةً يخفت فيها ضوء النهار، وتتحول السماء إلى لوحة كونية مهيبة لا تُشبه أي مشهد آخر على وجه الأرض.
هذا التناسق الدقيق في الكون، حيث يصطف القمر بين الشمس والأرض محدثاً الكسوف، يعكس عظمة الخالق سبحانه وتعالى الذي أبدع هذا النظام السماوي وجعل لنا الأرض مكاناً للحياة والتأمل.
ووفقا لتقديرات وكالة ناسا وموقع “TimeandDate” الفلكي، سيغطي الكسوف الكلي مسارا يمتد من المحيط الهندي مرورًا بجزر كوكوس وجزيرة الكريسماس، وصولًا إلى القارة الأسترالية ثم إلى نيوزيلندا. وسيكون هذا المشهد الفريد أول كسوف كلي تُشاهده مدينة سيدني منذ أكثر من 170 عامًا، وتحديدًا منذ عام 1857، ولن يتكرر مرة أخرى حتى عام 2858.
رحلة الظلال عبر القارة
يبدأ الكسوف مع شروق الشمس فوق أمواج المحيط الهندي، ليشق طريقه نحو الشرق عبر مسار يبلغ عرضه 230 كيلومترًا تقريبًا. سيمر الظل أولاً فوق جزر كوكوس، ثم يعبر جزيرة الكريسماس، قبل أن يصل إلى السواحل الغربية لأستراليا.
ومن هناك، سيمتد عبر ولايات كوينزلاند ونيوساوث ويلز، مارًا فوق سيدني، ثم يعبر بحر تسمان متجهًا إلى نيوزيلندا حيث يختم رحلته قبيل غروب الشمس.
وفي حين ستشهد سيدني كسوفا كليا يستمر نحو 3 دقائق و44 ثانية، فإن المناطق النائية في الشمال الأسترالي ستنعم بتجربة أطول تصل إلى أكثر من خمس دقائق من الظلام النهاري الكامل، وهي مدة نادرة في الظواهر الفلكية.
سيدني.. ظلام الظهيرة بعد قرن ونصف
للمرة الأولى منذ القرن التاسع عشر، ستتحول سيدني إلى مركز عالمي لعشاق الفلك والمصورين، إذ سيغطي الظل الكلي معالمها الشهيرة مثل دار الأوبرا وجسر هاربور في مشهد سينمائي لا يُنسى.
ويتوقع الخبراء أن تجذب المدينة ملايين الزوار، ما يجعلها واحدة من أكثر المدن ازدحامًا خلال الحدث. إلا أن خبراء الأرصاد يحذرون من أن الغيوم الساحلية قد تحجب الرؤية في بعض المناطق، بينما ستوفر المناطق الداخلية فرصًا أفضل لسماء صافية تمامًا.
الأماكن المثالية لمشاهدة الكسوف
بالنسبة لمن يسعون إلى أفضل رؤية للظاهرة دون غيوم أو تشويش ضوئي، تُعد المناطق النائية في شمال وغرب أستراليا الخيار الأمثل.
أفضل الوجهات
كونونورا (Kununurra) في منطقة كيمبرلي: تُعد واحدة من أنسب المواقع بفضل انخفاض احتمال وجود غيوم إلى أقل من 11% في هذا الوقت من العام.
أليس سبرينغز (Alice Springs) في الإقليم الشمالي: تُوفر سماءً صافيةً على مدار العام تقريبًا، وتعد موقعًا مفضلاً لهواة التصوير الفلكي.
بنغل بنغلز (Bungle Bungles) في منتزه
بورنولولو الوطني، وهو موقع تراث عالمي لليونسكو، حيث سيمتد الكسوف الكلي لأكثر من 3 دقائق وسط خلفية من التكوينات الصخرية المهيبة.
وفي منطقة كارلو كارلو، المعروفة باسم كرات الشيطان، سيمر الكسوف مباشرة فوق الرأس عند الساعة 12:48 ظهرًا بتوقيت أستراليا الشرقي، ما يجعلها واحدة من أندر التجارب التي يمكن مشاهدتها بالعين المجردة.
نيوزيلندا
أما في نيوزيلندا، فسيكون للحدث نكهة مختلفة. فمع عبور الظل إلى الجزيرة الجنوبية قبيل غروب الشمس، ستبدو السماء كأنها تنقسم بين ليل ونهار في لحظة واحدة.
مدن مثل كرايستشيرش ودنيدن ستشهد المراحل الأخيرة للكسوف الكلي، حيث ينزلق قرص الشمس خلف الأفق بينما يبتلع الظلام أطراف السماء.
سيكون ذلك أول كسوف كلي يعبر نيوزيلندا منذ عقود طويلة، ما يمنحه قيمة رمزية وتاريخية كبيرة لعشاق الفلك في البلاد.
لحظة نادرة لهواة التصوير والفلك
يصف الخبراء هذا الحدث بأنه “فرصة القرن” للمصورين وعلماء الفلك. فالمشهد لا يقتصر على اختفاء الشمس فحسب، بل يشمل أيضًا ظهور الهالة الشمسية المضيئة التي تحيط بقرص الشمس أثناء تغطيته بالكامل، وهي لحظة لا يمكن رؤيتها إلا خلال الكسوف الكلي.
ستظهر النجوم والكواكب المشرقة في وضح النهار، بينما يلفّ الهدوء الأجواء وكأن الأرض نفسها تحبس أنفاسها.
ويؤكد علماء الفلك أن الكسوف الكلي لعام 2028 سيكون من أطول وأوضح الكسوفات التي تشهدها المنطقة في التاريخ الحديث، إذ سيجمع بين مدة استثنائية، ومسار واسع، وفرص عالية للسماء الصافية في معظم مناطق الرصد.
نصائح للمشاهدة الآمنة
رغم جمال المشهد، يحذر الخبراء من النظر المباشر إلى الشمس بدون حماية مناسبة، حتى خلال المراحل الجزئية من الكسوف، إذ يمكن أن يتسبب ذلك في أضرار دائمة للعين.
لذلك، يُوصى باستخدام نظارات مخصصة لمراقبة الكسوف أو استخدام الفلاتر الشمسية المعتمدة.
هذه الظواهر الكونية المذهلة تذكرنا بعظمة الله سبحانه وتعالى وإبداعه في خلق الكون، الذي صمّم نظامًا دقيقًا يسمح لنا بمشاهدة مثل هذه اللحظات الرائعة على الأرض.
