أذربيجاناقتصاد

أذربيجان تعزز دورها العالمي في مجال النقل والطاقة بمشاريع رئيسية

إن الموقع الجغرافي المميز لأذربيجان ومواردها الوفيرة مكنها منذ فترة طويلة من العمل كحلقة وصل حيوية بين أوروبا وآسيا. واليوم، يجري تعزيز هذا الدور كجسر من خلال تعزيز التعاون مع البلدان المجاورة.

ومن المبادرات الرئيسية في هذا الجهد طريق النقل الدولي عبر قزوين، المعروف أيضًا باسم الممر الأوسط. ويسهل هذا الطريق الاتصال بين الصين وكازاخستان وأذربيجان وجورجيا وتركيا ومختلف الدول الأوروبية، من خلال عبور بحر قزوين وربط هذه المناطق بسلاسة.

يعد تطوير العلاقات الثنائية مع الصين أولوية رئيسية في السياسة الخارجية لأذربيجان. في 3 يوليو من هذا العام، تم اتخاذ خطوة مهمة باعتماد إعلان مشترك لإقامة شراكة استراتيجية بين أذربيجان والصين، خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون في أستانا.

يسلط هذا الإعلان الضوء على التزام البلدين بالتعاون في مشروع الممر الأوسط. وتنص الوثيقة على أن الصين ملتزمة بالمشاركة الفعالة في بناء وتشغيل طريق النقل الدولي عبر قزوين (الممر الأوسط).

ويؤكد على الجهد المشترك لتعزيز التشغيل المستمر والتطوير المتسارع لطرق قطارات الشحن بين الصين وأوروبا، وكذلك الممر الجنوبي. ويؤكد الإعلان أيضًا استعداد الصين للعمل بشكل وثيق مع أذربيجان والدول الأخرى على طول الطريق لتعزيز التعاون الإقليمي وتعزيز الإنتاج وأمن سلسلة التوريد وضمان الاستقرار. ويعكس هذا التوافق رؤية مشتركة بين الصين والمصالح الغربية فيما يتعلق بمشروع الممر الأوسط.

وفي عام 2013، طرحت الصين مبادرة “حزام واحد، طريق واحد”، وهي استراتيجية تنمية اقتصادية شاملة مصممة لتعزيز البنية التحتية وتعزيز الروابط بين دول أوراسيا. كانت أذربيجان أول دولة في القوقاز تؤيد هذه الخطة الطموحة، حيث وضعت نفسها كمركز لوجستي رئيسي وتقاطع وجسر في استراتيجية “حزام واحد، طريق واحد”.

وتشكل مشاريع البنية التحتية البارزة، مثل خط السكة الحديد باكو-تبليسي-كارس (BTK) وميناء باكو التجاري البحري الدولي، أهمية بالغة للمبادرة والتعاون الإقليمي. وقد أدى خط السكك الحديدية BTK، الذي يوفر خط السكك الحديدية الأكثر مباشرة بين أوروبا والصين، إلى تقليل أوقات العبور بشكل كبير، مما سمح للبضائع من الصين بالوصول إلى أوروبا عبر أذربيجان في أسبوعين فقط. تلتزم كل من أذربيجان والصين برفع مستوى تعاونهما في الممر الأوسط واستكشاف فرص جديدة وتوسيع الشراكة بينهما.

إن خط السكة الحديد باكو-تبليسي-قارس لا يفيد أذربيجان وجورجيا وتركيا فحسب، بل يخلق أيضاً آفاقاً اقتصادية جديدة لمنطقة أوراسيا الأوسع.

خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس إلهام علييف إلى الصين في ديسمبر 2015، تم التوقيع على اتفاقية هامة: “مذكرة التفاهم بين حكومة جمهورية أذربيجان وحكومة جمهورية الصين الشعبية بشأن الترويج المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير”.

إن موقع أذربيجان الفريد كعضو في ممرات النقل “الشرق-الغرب” و”الشمال-الجنوب” يمكّنها من توفير فرص الاتصال للبلدان الواقعة في الشمال والجنوب، مما يسهل مشاركتها في هذا المشروع الكبير.

ويبرز الممر الأوسط، الذي بدأ تشغيله منذ عام 2014، باعتباره الطريق الأكثر كفاءة وأمانًا لنقل البضائع بين الصين وأوروبا. وتمتد من الصين عبر كازاخستان، وبحر قزوين، وأذربيجان، وجورجيا، وتركيا إلى الدول الأوروبية، وقد أثبتت قيمتها في مجال الخدمات اللوجستية العالمية.

وفي عام 2023، تم نقل ما يقرب من 2.8 مليون طن من البضائع عبر الممر الأوسط، مما يمثل زيادة بنسبة 86 بالمائة عن العام السابق. وتشير التوقعات لعام 2024 إلى أن حجم البضائع سيتجاوز 4 ملايين طن، مع توقع مرور حوالي 250 قطار حاويات عبر الممر بحلول نهاية العام.

علاوة على ذلك، في النصف الأول من عام 2024 وحده، شهد نقل البضائع على طريق النقل الدولي عبر قزوين زيادة بنسبة 65 في المائة، ليصل إلى 2.1 مليون طن.

ونظراً للمناخ الجيوسياسي الحالي والتطورات الإقليمية، فقد برز الممر الأوسط باعتباره الطريق الأكثر مباشرة وكفاءة الذي يربط أوروبا وآسيا عبر آسيا الوسطى وبحر قزوين. وهذا الطريق لا يعزز أهميته الاستراتيجية فحسب، بل يفتح أيضا فرصا فريدة لتعميق التعاون بين البلدان عبر منطقة واسعة. ونتيجة لذلك، أصبح دور أذربيجان في مشاريع الاتصال الإقليمية، مثل ممرات النقل بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب، ذا أهمية متزايدة.

وتلعب أذربيجان، التي تقع عند تقاطع حاسم على الطريق بين الغرب والشرق، دوراً محورياً في المشروع الحاسم المتمثل في ربط الصين وأوروبا، وهما من أكبر الاقتصادات في العالم. وفي خضم التحديات العالمية والإقليمية، بما في ذلك الاضطرابات في البحر الأحمر والأسود وقناة السويس، يبرز الممر الأوسط باعتباره الرابط الأكثر موثوقية وكفاءة بين أوروبا وآسيا، ويمر عبر آسيا الوسطى وبحر قزوين.

وتم اعتماد خطة شاملة لتطوير البنية التحتية البحرية للممر الأوسط للفترة 2024-2028. تحدد هذه الخطة إنشاء مجموعة رئيسية للنقل البحري والخدمات اللوجستية تتمحور حول موانئ أكتاو وكوريك.

وتهدف المبادرة إلى تعزيز قدرة الحاويات وتوسيع محطات الشحن وتعزيز لوجستيات النقل الدولي. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يسعى إلى تبسيط العمليات الإدارية، وتقليل العوائق التي تحول دون الكفاءة وتسهيل العمليات بشكل أكثر سلاسة.

يمثل النقل التجريبي الافتتاحي للبضائع من الصين إلى أوروبا عبر طريق الصين-كازاخستان-أذربيجان-جورجيا عبر مينائي كوريك وباكو علامة بارزة.

وتجري حاليًا عمليات التجريف في مياه ميناء كوريك لضمان الملاحة الآمنة. تعد هذه العمليات جزءًا من مبادرة أوسع لتطوير طريق النقل الدولي عبر قزوين (TITR) وستلبي الطلب المتزايد على نقل البضائع على هذا الطريق.

وتتم عملية التجريف بمعدات حفر عميقة متقدمة مقدمة من الشركة الأوروبية الكبرى “جان دي نول”. يغطي عقد EPC مع هذه الشركة جميع المراحل بدءًا من التصميم وحتى استكمال أعمال التجريف. ستعمل هذه التحسينات على تعزيز قدرة المحطة ووظائفها.

في الوقت الحالي، تبلغ الطاقة الاستيعابية لميناء كوريك 6 ملايين طن (4 ملايين طن لمحطة السكك الحديدية و2 مليون طن لمحطة السيارات) ويمكنه استيعاب ما يصل إلى 250 شاحنة. ويتم التخطيط لمشاريع تحسين مماثلة لميناء أكتاو.

وفي الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، شهد نقل البضائع عبر TITR زيادة بنسبة 62 بالمائة، حيث وصل إلى 2.5 مليون طن مقارنة بـ 1.6 مليون طن في نفس الفترة من عام 2023.

وتعمل أذربيجان أيضًا على تعزيز دورها باعتبارها “جسرًا للطاقة” من خلال مشروع تعاوني مهم مع دول أوروبا الوسطى. وتعمل أذربيجان، بالشراكة مع جورجيا ورومانيا والمجر، على تطوير ممر الطاقة بين بحر قزوين والبحر الأسود وأوروبا. ويهدف هذا المشروع إلى تصدير 4 جيجاوات من الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، من المخطط نقل 1 غيغاواط من “الطاقة الخضراء” عبر طريق ناختشيفان-تركيا-أوروبا.

ومن المبادرات المحورية الأخرى “طريق الحرير الرقمي”، الذي يهدف إلى تحويل أذربيجان وكازاخستان إلى مراكز نقل واتصالات دولية رئيسية. أحد العناصر الرئيسية لهذا المشروع هو بناء طريق سريع لكابلات الألياف الضوئية تحت بحر قزوين، وهي بنية تحتية حيوية من شأنها تعزيز الاتصال الرقمي في جميع أنحاء المنطقة.

وفي هذا السياق يُشار إلى أنه في 28 سبتمبر 2022، وقعت شركة AzerTelecom وشركة Kazakhtelecom مذكرة شراكة استراتيجية. وتتمحور هذه الاتفاقية حول المشروع الطموح لمد خط اتصالات الألياف الضوئية عبر بحر قزوين، مما يعزز تطوير الاتصال الرقمي الإقليمي.

إن موقع أذربيجان الاستراتيجي ومواردها الوفيرة جعلها منذ فترة طويلة بمثابة حلقة وصل حاسمة بين أوروبا وآسيا. ومع استمرار نمو أهمية الممر الأوسط، فإن تعزيز التعاون مع الدول المجاورة ومشاريع البنية التحتية المحورية يعزز دور أذربيجان كمركز رئيسي للخدمات اللوجستية والطاقة. وتظهر المبادرات الرئيسية، مثل تطوير طريق النقل الدولي عبر قزوين وممر الطاقة بين بحر قزوين والبحر الأسود وأوروبا، التزام أذربيجان بتوسيع الاتصال الإقليمي وتسهيل التجارة العالمية.

ويؤكد النقل التجريبي الناجح للبضائع والتحسينات المستمرة في البنية التحتية البحرية، بما في ذلك مشاريع التجريف في ميناء كوريك، على القدرة والكفاءة المتزايدة للممر الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، فإن إنشاء شراكات استراتيجية، مثل الاتفاقية بين AzerTelecom وKazakhtelecom، يسلط الضوء على النهج الاستباقي الذي تتبعه أذربيجان لتعزيز الاتصال الرقمي.

ومع تطور الديناميكيات العالمية والإقليمية، تستعد أذربيجان لمواصلة دورها المحوري في مشاريع النقل والطاقة الدولية، ودفع النمو الاقتصادي وتعزيز التعاون الإقليمي بشكل أعمق.

زر الذهاب إلى الأعلى