Featuredاخبار محلية

ناصر المحمد: الكويت حريصة على أن تبقى منارة للثقافة والفنون في هذه المنطقة من العالم

أكد سمو الشيخ ناصر المحمد أن الحضارة المعاصرة قد حققت للشعوب الكثير من الإنجازات، أهمها وأكثرها تأثيراً في التاريخ البشري، أنها صنعت نظام سلم عالمي بعد الحرب العالمية الثانية.

جاء ذلك في كلمة للمحمد ألقاها باللغة الفرنسية خلال رعايته وحضوره الاحتفالية التي أقيمت في مقر إقامة السفيرة الفرنسية كلير لوفليشر، مساء أمس، بمناسبة اليوم العالمي للفرنكوفونية، بحضور ممثل المنظمة الفرنكوفونية في الشرق الأوسط ليفون أميرجانيان، وعدد من رؤساء البعثات الديبلوماسية المعتمدين لدى البلاد وعدد من الشيوخ والمسؤولين.

وقال المحمد في كلمته «يسعدني أن أحيي الحاضرين في هذا الحفل جميعاً، من الناطقين بالفرنكوفونية والمحبين لها، كما يسعدني أن أتوجه بالشكر والتقدير لكل من ساهم في تنظيم هذه الأمسية الرائقة، للحفاظ على الوتيرة السنوية للاحتفال باليوم العالمي للفرنكوفونية بالكويت، وهي مناسبة نحتفل بها كل عام منذ العقد الماضي، ونلتقي بلفيف من أعضاء السلك الديبلوماسي والسياسيين والأدباء والفنانين ورجال الإعلام».

حضارة معاصرة

وأضاف أن «الاحتفاء بالفرنكوفونية هو احتفاء بالحضارة المعاصرة، فقد كانت الفرنسية منذ أربعة قرون وحتى اليوم واحدة من أهم اللغات العالمية الحيّة، إذ أمدّت الفكر والفلسفة والعلوم والفنون والقانون والديبلوماسية بآلاف المواد الثقافية سنويا، ومازالت المؤسسات الأكاديمية ومراكز الفكر (Think Tank) ومراكز البحث العلمي (Centre de recherche scientifique) ودور نشر الكتب والمسارح والسينما والتلفزيون، تتلقى الإنتاج الثقافي لهذه اللغة من دون انقطاع.

ولقد كانت أوروبا تنظر إلى الفرنكوفونية كلغة النبلاء والصالونات، ولهذا ارتبطت بالصقل والرقي والديبلوماسية (raffinement, sophistication et diplomatie)، وهي مازالت تشع بأناقتها على مفردات الأزياء والتسريحات والعطور، وتضفي برونقها على المفروشات والأثاث والديكور والاكسسوارات، وتمنح قواعد الولائم والحفلات وفنون الطبخ وآداب المائدة تعبيراتها المهذبة، فالفرنكوفونية هي اللغة الأكثر أناقة بين اللغات العالمية المعاصرة».

وذكر أن «الاحتفاء بالفرنكوفونية يذكرنا بالمنجزات العلمية والتكنولوجية للحضارة المعاصرة، تلك التي فتحت بوابة السماء لتنقلاتنا واتصالاتنا وأبحاثنا، والتي اختصرت المسافات عبر المحيطات والصحاري والأدغال، والتي تحكمت بالطاقة، فأضاءت الظلام، وتحكمت بالحر والبرد، والتي صنعت الثورة الخضراء ليتضاعف إنتاجنا الغذائي عشرات المرات بشكل غير مسبوق، والتي خففت آلام ملايين المرضى، وقضت على الأوبئة الفتاكة. كما أنها من الناحية الفنية والأدبية قدمت للعالم فنونا جيدة غير مسبوقة، فقد طورت العديد من آلات الموسيقى، وابتكرت السيمفونيات والأوبرا والباليه، وارتقت بأدب الرواية والرحلات والمسرح، واخترعت التصوير الفوتوغرافي والسينما كأداتين للتوثيق والترفيه، ونقلت الفن الراقي من صالونات القصور إلى الأسواق والشوارع».

سلم عالمي

وتابع المحمد: «رغم كل هذه الإنجازات، إلا اني أريد أن أسلط الضوء على المنجزات الأهم والأكثر تأثيراً في التاريخ البشري، وأعني المنجزات الإنسانية والسياسية، إذ استطاعت الحضارة المعاصرة أن تصنع نظام سلم عالمي بعد الحرب العالمية الثانية.

لقد وضعت مفهوم السيادة للدول، وحق تقرير المصير للشعوب، وحقوق الإنسان للأفراد، ووضعت قانوناً دولياً يرمي إلى الحد من آثار النزاعات المسلحة، ويحدد القواعد القانونية التي تحكم علاقات الدول والفاعلين الدوليين كالمنظمات الدولية، وأنشأت هيئة الأمم المتحدة لدعم هذا القانون، وجعلت من مهام هذه المنظمة تعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان، والحريات الأساسية للجميع، ومراعاتها دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.

كما أنها أسست محكمة العدل الدولية لتكون مسؤولة عن الفصل في أي نزاع دولي يُقدم إليها من قبل الأطراف المتنازعة، وأقامت المحكمة الجنائية الدولية كأول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري. إن هذا الإنجاز هو الأهم والأعظم في الحضارة المعاصرة، ويحقّ للثقافة الغربية أن تفخر بتلك القيم الإنسانية التي صنعت نظام السلم العالمي المعاصر».

وأشار إلى أن «الحضارة الغربية نجحت بعد الحرب العالمية الثانية أن تصنع منظومة قيمية رائعة Système de valeurs، تمكنت من خلالها من إيجاد نظام عالمي حَفِظ السلم الدولي، وجنب البشرية حروباً كانت وشيكة بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الشيوعي، في وقت كان سباق التسلح والتنافس على اقتناء أسلحة الدمار الشامل على أشدهما. لقد نجح هذا النظام في وقف كل التوترات بين الدول النووية خلال منتصف القرن الماضي».

الكويت والقيم

وقال المحمد إن «النظام العالمي أثبت التزامه بمواثيقه وقيمه على امتداد السنوات الماضية. ونحن في الكويت منحازون لتلك القيم الإنسانية والسياسية التي جاءت بها الحضارة المعاصرة، ونؤكد على أهمية بقائها واستمرارها، ونناشد الغرب برمته للحفاظ على قيمه الرائعة التي أثرى فيها الثقافة الإنسانية، والتمسك بمعاييرها دون الإخلال بتلك المعايير، خاصة ونحن نمر في ظروف عصيبة، تعصف بها النزاعات الدموية والحروب في مناطق أوروبية وشرق أوسطية، فالحفاظ عليها في ظروفنا الراهنة يمكنه أن يمنح البشرية قرناً آخر من السلم والأمن الدوليين».

الفرنكوفونية تتقدّم في الكويت

وذكر المحمد أن «الفرنكوفونية تتقدّم بالكويت، فمنذ أن بدأ تدريس اللغة الفرنسية بالكويت عام 1966 وهي تحتل مرتبة اللغة الثالثة التي تدرس بمدارس الكويت. وكما ذكرت سعادة سفيرة فرنسا أن عدد متعلمي اللغة وصل إلى نحو 30 ألف متعلم كل عام في الأنظمة التعليمية المختلفة في الكويت، وهذا يعتبر انجازاً كبيراً تحققه الفرنكوفونية، والذي نأمل أن يكلل بنجاح انضمام الكويت إلى المنظمة الدولية للفرنكوفونية».

وأضاف: «أودّ أن أشدد على حرص دولة الكويت على أن تبقى منارة للثقافة والفنون في هذه المنطقة من العالم، وأن تبقى ذراعاها مفتوحة أمام أفضل ما تنتجه ثقافات العالم، لنتعلم منها ونستفيد. وأتمنى أن نرى مزيداً من التعاون الثقافي بين الكويت والدول الفرنكوفونية خلال السنوات القادمة».

ما يحدث في غزة مرفوض… إنسانياً ودينياً

قال سمو الشيخ ناصرالمحمد إن «ما يحدث حالياً في غزة وما ينتج عنه من خسارة لا تُعوّض من شهدائنا الأبرار، أمر ترفضه جميع الشعوب وتندد به جميع الطوائف من يهود ومسيحيين ومسلمين. ونحن لا نرى نهاية لهذه المأساة ووضع حدّ لخسارة المزيد من شهدائنا سوى إحلال السلام في هذه المنطقة والذي لن يكون سوى بالالتزام بقرارات مجلس الأمن، وآخرها القرار رقم 2728 والصادر في 25 مارس 2024، الداعي إلى وقف إطلاق النار وكل الأعمال القتالية في قطاع غزة».

وأوضح أن «الرجوع إلى حدود يونيو 1967 وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة تكون عاصمتها القدس الشرقية، يضمن عودة السلام إلى المنطقة ويعزّز التعايش بين الأديان ويضمن احترام جميع الكتب السماوية، بداية بالتوراة والإنجيل وانتهاء بالقرآن الكريم الذي نادى إلى احترام جميع الأديان السماوية».

لقراءة الخبر من المصدر أضغط على الرابط
https://www.alraimedia.com/article/78





زر الذهاب إلى الأعلى