
نجح مهندسو ناسا في إعادة تشغيل محركات احتياطية في “فوياجر 1″، أبعد جسم صنعه البشر عن الأرض، بعد أن ظلت خاملة لعقدين، في خطوة هامة لإنقاذ المسبار من فقدان الاتصال بالأرض للأبد.
واعتبر العلماء هذه الخطوة الاستثنائية ضرورية لأن المحركات الرئيسية للمسبار المسؤولة عن توجيه هوائي نحو الأرض، تتدهور بسبب تراكم الرواسب، ما هدد بقطع الاتصال بعد 47 عاما من الإنجازات العلمية.
وزادت الأزمة عندما أعلنت ناسا أن الهوائي الأرضي المرسل للأوامر سيتوقف عن العمل لشهور بدءا من مايو الماضي لإجراء ترقيات، ما كان سيجعل أي محاولة لإصلاح العطل مستحيلة.
وكان الوقت يلاحق فريق ناسا بلا هوادة. فالهوائي الأرضي العملاق في كاليفورنيا – بوابة الاتصال الوحيدة مع المسبار العجوز – كان على وشك الإغلاق لعدة أشهر لإجراء تحديات ضرورية. هذه النافذة الضيقة جعلت كل دقيقة ثمينة، إذ أن أي تأخير يعني فقدان فرصة التواصل مع “فوياجر 1” لفترة طويلة.
واستعان المهندسون بحل قديم يعود لعام 2004، عندما واجهوا مشكلة مماثلة. وتمثلت الفكرة الجريئة في إعادة إحياء نظام احتياطي “ميت” منذ عقدين من الزمن. لكن هذه المرة، كانت المخاطر أعلى والتحديات أكبر، حيث أن العملية بدت أشبه بمحاولة إصلاح ساعة جيب قديمة عن بعد، حيث كل حركة يجب حسابها بدقة متناهية. وأي خطأ في التوقيت أو الحسابات قد يؤدي إلى كارثة.
وركز الفريق على كيفية تشغل السخانات القديمة دون أن تتسبب في ارتفاع خطير لضغط الوقود.
وعمل الفريق في ظل ظروف عصيبة، حيث كان عليه انتظار 46 ساعة كاملة (23 ساعة لإرسال الأمر و23 أخرى لاستقبال الرد) لمعرفة نتيجة كل محاولة. وهذه الفجوة الزمنية الطويلة جعلت كل قرار مصيريا.
ثم جاء ذلك اليوم التاريخي في 20 مارس. عندما وصلت البيانات المؤكدة أن السخانات تعمل بشكل صحيح. والمحركات العتيقة، التي ظلت خاملة منذ عام 2004 والتي ظن الجميع أن عمرها الافتراضي انتهى منذ زمن، عادت للحياة مرة أخرى.
ووصف تود باربر، قائد فريق الدفع في مختبر الدفع النفاث، تلك اللحظة بأنها “تتويج لأشهر من العمل الدؤوب”، معترفا أن الفريق كان قد أعلن وفاة هذه المحركات منذ زمن بعيد.
ولا تقتصر أهمية هذا الإنجاز على الجانب التقني فقط. فـ”فوياجر 1” الذي غادر النظام الشمسي عام 2012، وشقيقه “فوياجر 2” يمثلان اليوم نافذة البشرية الوحيدة على الفضاء البينجمي. والبيانات التي يرسلها المسباران من تلك المسافات السحيقة تقدم للعلماء معلومات لا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى.
ورغم التحديات التقنية المتزايدة، بما في ذلك تناقص الطاقة تدريجيا وإغلاق بعض الأجهزة العلمية للحفاظ على الطاقة، فإن عطاء “فوياجر” لم ينضب بعد.