من الإصلاحات إلى الحوار العالمي: أوزبكستان تُقدّم نموذجا جديدا للحماية الاجتماعية في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية

تبرز أوزبكستان بسرعة كدولة رائدة في مجال الحماية الاجتماعية، مُثبتةً كيف يُمكن للإصلاحات المنهجية والإرادة السياسية والسياسات المُركّزة على الإنسان أن تُغيّر حياة الملايين في غضون سنوات قليلة. في عالمٍ يبحث عن حلول جديدة لأوجه عدم المساواة القديمة، تبرز أوزبكستان بتقدمٍ ملموسٍ مدعومٍ بالابتكار والتعاون الدولي.
على مدار العامين الماضيين، نجحت البلاد في خفض معدل الفقر من 35% إلى 6.6%، وخفضت البطالة إلى النصف، ووسّعت نطاق الوصول إلى الخدمات الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية للفئات المُستضعفة – من الأطفال والنساء إلى الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن. هذه الإصلاحات ليست إدارية فحسب، بل هي إنسانيةٌ بامتياز، تتماشى مع مبادئ الشمول والكرامة وتكافؤ الفرص.
تُشكّل هذه الجهود جزءًا من الرؤية الأوسع للرئيس شوكت ميرضيائيف لتحويل أوزبكستان إلى دولةٍ اجتماعية، حيث تهدف كل سياسةٍ إلى حماية الكرامة الإنسانية وتعزيز تكافؤ الفرص. الإصلاح ليس إداريًا فحسب، بل هو مُركّزٌ بعمق على الإنسان، ومُصمّمٌ للوصول إلى الفئات الأكثر ضعفًا من خلال حلول متكاملة وسهلة المنال.
تحويل مشهد الحماية الاجتماعية
يعكس نموذج أوزبكستان الجديد مبدأ “عدم إغفال أحد”. على مدار العامين الماضيين، طبّقت البلاد سلسلةً من الإصلاحات العميقة والمترابطة:
الحد من الفقر: أدّى النمو الاقتصادي الشامل إلى خفض نسبة الفقر من 35% إلى 6.6%، بينما انخفضت نسبة البطالة من 10% إلى 5.5%.
الشمول الاقتصادي: يُوفّر برنامج “من الفقر إلى الرخاء” سبع فرص: وظائف، تعليم، رعاية صحية، سكن، تنمية مجتمعية، وحوار مع الدولة.
الحوكمة الرقمية: يُتيح سجل إلكتروني للأسر المحتاجة الآن ربط المواطنين بـ 120 نوعًا من المزايا الاجتماعية، بينما يضمن نظام البطاقات الاجتماعية الشفافية والراحة لمستحقي المعاشات التقاعدية والاستحقاقات.
حماية الأطفال والأسر
أصبحت أوزبكستان أول دولة في آسيا الوسطى تنضم إلى التحالف العالمي لإنهاء العنف ضد الأطفال. يُقرّ القانون الجديد لحماية الأطفال من جميع أشكال العنف (2024) رسميًا بالعنف الجسدي والجنسي والنفسي، والإهمال، والاستغلال، والتنمّر، كجرائم. ولضمان نموّ الأطفال في بيئة أسرية، أنشأت الحكومة 255 دارًا لرعاية الأطفال، بينما أُلغيت المؤسسات السكنية الكبيرة. وتلقّى أكثر من 30,000 شابّ محروم من رعاية الوالدين دعمًا اجتماعيًا، ووُفّرت مساكن لـ 3,200 منهم.
تُمكّن الحصص والمنح الخاصة الآن 2,700 شابّ يتيم من الالتحاق بالجامعات، و2,000 شابّ من الالتحاق بوظائف الخدمة العامة.
ولضمان نموّ كل طفل في بيئة أسرية، أُلغيت المؤسسات السكنية الكبيرة، ونُقل الأطفال إلى دور رعاية أسرية. ونتيجةً لذلك، وفي العامين الماضيين فقط، أصبح هناك 255 دار رعاية أسرية تعمل في جميع أنحاء البلاد. وتلقّى أكثر من 30,000 شابّ محروم من رعاية الوالدين دعمًا اجتماعيًا، بمن فيهم 3,200 حصلوا على مساكن. بالإضافة إلى ذلك، مكّنت الحصص والمنح الخاصة 2700 شاب يتيم من الالتحاق بالجامعات، و2000 شاب من بدء مسيرتهم المهنية في الخدمة العامة.
توسيع نطاق الوصول إلى التعليم الجيد
أحدثت إصلاحات التعليم نقلة نوعية في مفهومي التعلم المبكر والشمول.
تم توفير 1.5 مليون مقعد جديد في رياض الأطفال، مما رفع نسبة تغطية مرحلة ما قبل المدرسة من 27% (2017) إلى 78% (2024) – وهو رقم قياسي في المنطقة.
يلتحق أكثر من 96% من الأطفال الآن ببرامج تحضيرية، بهدف الوصول إلى نسبة 100% بحلول عام 2026.
رياض أطفال متنقلة في حافلات تخدم الأطفال في المناطق النائية.
ارتفع عدد رياض الأطفال من 5200 في عام 2017 إلى 38000 في عام 2024.
زادت نسبة التحاق الأطفال ذوي الإعاقة بالمدارس من 60% إلى 82%، وتوسعت الفصول الدراسية الشاملة عشرة أضعاف – من 200 إلى 1973 مدرسة.
تضاعف عدد الطلاب ذوي الإعاقة في التعليم العالي، ويتفوق شباب أوزبكستان عالميًا – حيث يفوز الطلاب الأوزبك الآن بـ 195 ميدالية سنويًا في الأولمبياد الدولية، مقابل 15 ميدالية فقط في عام 2017.
تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين
تحرز أوزبكستان تقدمًا سريعًا في مجال المساواة بين الجنسين والإدماج السياسي.
زادت نسبة تمثيل النساء في البرلمان من 16.4% إلى 34%، وفي الهيئات الحكومية من 30% إلى 41%.
تقدمت البلاد 48 مركزًا في مؤشر البنك الدولي للمرأة والأعمال والقانون، لتحتل المرتبة 91 عالميًا.
في عام 2023، جرّمت أوزبكستان العنف المنزلي، لتصبح أول دولة في آسيا الوسطى تفعل ذلك.
تجاوزت نسبة التحاق الإناث بالتعليم العالي 50%، وتحتل أوزبكستان الآن المرتبة 38 عالميًا في تمثيل المرأة البرلماني – متقدمة 92 مركزًا في خمس سنوات.
الصحة الشاملة والرياضة والتنمية البشرية
زاد تمويل الرعاية الصحية ستة أضعاف، مع زيادة قدرها اثني عشر ضعفًا في دعم الأمهات والأطفال. انخفض معدل وفيات الأطفال خمسة أضعاف منذ عام 1995، وارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 75 عامًا. أوزبكستان
انضمت أوزبكستان إلى المبادرة العالمية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة سرطان الأطفال، وتغطي برامج الفحص 100% من المواليد الجدد.
تُعدّ الرياضة أولوية وطنية: فقد احتلت أوزبكستان المرتبة الثالثة عشرة عالميًا في دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية لعام 2024، بينما تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم لكأس العالم لكرة القدم 2026. وتضاعفت مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الأنشطة الرياضية التكيفية ثلاث مرات خلال عام واحد.
النمو البيئي والأخضر
يتجلى التزام أوزبكستان بالاستدامة في برنامج “ياشيل ماكون” (المساحة الخضراء) – الذي يزرع 200 مليون شجرة سنويًا.
في منطقة بحر الآرال، توسّع الغطاء الحرجي بالفعل إلى 35%، مما حوّل إحدى أسوأ الأزمات البيئية في العالم إلى نموذج للمرونة.
محرك التغيير: الوكالة الوطنية للحماية الاجتماعية
وراء هذا التحول تقف الوكالة الوطنية للحماية الاجتماعية (NASP) – وهي مؤسسة واحدة وحّدت عمل ست وزارات في نظام خدمات واحد متماسك. يقدم برنامج NASP الآن أكثر من 100 خدمة اجتماعية من خلال 208 مراكز “إنسانية” تابعة له في جميع أنحاء البلاد، مما يضمن الوصول لجميع الفئات المحتاجة – من الأطفال إلى الأشخاص ذوي الإعاقة وضحايا العنف المنزلي.
ما يميز هذا النموذج ليس فقط نطاقه، بل أيضًا نهجه في إدارة الحالات، حيث تتلقى كل أسرة دعمًا شخصيًا. ويعكس هذا النموذج رسالة أوزبكستان المتمثلة في جعلها “دولة اجتماعية” حقيقية، حيث تُشكل الحماية والكرامة أساس السياسات العامة.
يقول عثمان شريف حاجييف، نائب مدير NASP: “مهمتنا واضحة: بناء نظام لا يُهمل فيه أحد”. “لا يقتصر الأمر على تقديم الخدمات فحسب، بل يشمل أيضًا إطلاق العنان لإمكانات الناس”.
مشاركة التجربة مع العالم
عُرضت هذه الإنجازات – ونموذج الإصلاح الذي يقف وراءها – على المجتمع الدولي خلال مشاركة أوزبكستان في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في الدوحة، قطر.
من خلال معرضها الوطني بعنوان “بلد الأبواب المفتوحة”، سلّطت أوزبكستان الضوء على كيفية إعادة صياغة الحلول المبتكرة والشاملة لمشهدها الاجتماعي. إلى جانب ذلك، استضافت البلاد فعالية جانبية رفيعة المستوى بعنوان “الميل الأخير أولاً: الابتكارات وتقديم خدمات متمحورة حول الإنسان”، جمعت خبراء من قطر وتركيا وبلجيكا والمغرب واليونيسف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي لمناقشة كيفية وصول الخدمات الاجتماعية إلى الفئات الأكثر ضعفاً بفعالية أكبر.













