Featuredمقالات

تعيين نواف سلام رئيساً للوزراء لحظة مهمة في تاريخ لبنان

بقلم: طارق يوسف الشميمري

القاضي نواف سلام، رئيس وزراء لبنان المعين حديثاً، شخصية ذات أهمية واحترام كبيرين.

ولد القاضي نواف سلام في 15 ديسمبر 1953 في بيروت، وينتمي لعائلة سياسية عريقة، حيث كان جده سليم سلام مؤسس «الحركة الإصلاحية في بيروت» وانتخب نائباً عن بيروت عام 1912، كما كان والده عبد الله سلام أحد مؤسسي شركة خطوط طيران الشرق الأوسط اللبنانية.

كما تولى عمه صائب سلام، الذي عرف بنضاله من أجل استقلال لبنان عن الإنتداب الفرنسي، رئاسة الحكومة اللبنانية أربع مرات بين 1952 و1973. وتولّى ابن عمه تمام سلام رئاسة الحكومة اللبنانية بين 2014 و2016.

رحلة القاضي سلام الأكاديمية مثيرة ومثيرة للإعجاب بنفس القدر، فقد درس في بعض المؤسسات المرموقة في العالم، وهي جامعة السوربون والعلوم وجامعة هارفارد.

حاصل على درجات متعددة في العلوم الاجتماعية والتاريخ والقانون، وحاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من باريس عام 1992.

ومن الناحية المهنية، تولى القاضي نواف سلام مناص مهمة، فقد بدأ بمنصب أستاذ القانون الدولي في الجامعة الأمريكية في بيروت ثم أصبح ممثل ومندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة من عام 2007 إلى عام 2017. وكانت جهوده الدبلوماسية خلال فترة من التحديات الكبيرة، مثل آثار العدوان الإسرائيلي في عام 2006 وإنشاء المحكمة الخاصة للبنان، كل تلك الجهود المحورية كان له دور بارز ومميز فيها.

انتقال الدبلوماسي السابق نواف سلام بعد ذلك إلى مجال القضاء الدولي، وبالتحديد إلى محكمة العدل الدولية في عام 2017، وهي معلم هام آخر في حياته المهنية، حيث شغل منصب القاضي وأصبح في النهاية رئيس أعلى هيئة قضائية في العالم.

خلال فترة ولايتي في محكمة العدل الدولية، والمحكمة الدولية الدائمة في لاهاي من عام 2013 إلى عام 2020، كنت محظوظاً بإجراء العديد من التفاعلات معه منذ تعينيه في المحكمه عام 2017، وسرعان ما أدركت أنه شخصية رائعة ومتميزة.
رجل يتمتع بنزاهة هائلة حصل على الاحترام لموقفه الراسخ والثابت بشأن العديد من القضايا.

كانت قيادته بارزة في الحكم التاريخي ضد إسرائيل – حيث أيدت المحكمة قضية جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة – واحدة من اللحظات الحاسمة في فترة ولايته.

جاء تعيين نواف سلام رئيساً للوزراء، بعد طرح اسمه للمرة الثانية في المشاورات النيابية الملزمة مع رئيس الجمهورية، إذ طرح اسمه للمرة الأولى في عام 2022 حين رشحه بعض النواب لمنصب رئيس الوزراء، لكن محاولتهم لم تنجح في ذلك الوقت بسبب الوضع السياسي في تلك الفترة، فيما يعكس توليه رئاسة الوزراء حالياً تحولاً جذرياً في توازن القوى في لبنان.

يتضح جلياً بأن رؤية الرئيس نواف سلام للبنان متجذرة في العدالة والأمن والتقدم وتكافؤ الفرص. وقد تعهد بمعالجة المهمة الصعبة المتمثلة في خدمة لبنان، مشدداً على الحاجة إلى جهود إعادة الإعمار وأهمية الشمولية والحوار، ويعكس التزامه بإعادة البناء بعد الحرب الإسرائيلية العام الماضي، فصلاً جديداً في تاريخ لبنان نحو نقله إلى مرحلة الازدهار.

يمثل تولي سلام رئاسة الحكومة لحظة مهمة في المشهد السياسي اللبناني، فحياته المهنية المتميزة وإنجازاته الأكاديمية والتزامه بالعدالة والتقدم تجعله قائداً ملهماً يستعد للإبحار في لبنان بمواجهة التحديات الحالية ونحو مستقبل أكثر إشراقاً.

…………………………………………………

* طارق يوسف الشميمري، شغل منصب مستشار ورئيس اللجنة المالية ورئيس لجنة الميزانية العامة في محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي (PCA) ومراقب في المجلس الإداري ومحكمة العدل الدولية ومستشار بسفارة دولة الكويت في هولندا خلال هذه الفترة من 2013 إلى 2020.

البريد الإلكتروني: tareq@alshumaimry.com

زر الذهاب إلى الأعلى