قصة البهارات في تنزانيا ، قصة قديمة لها جذور متعمقة في أصالة هذا البلد و تاريخه العريق ، قصة تعود لقرون عديدة حيث كانت تنزانيا ما زالت تخطو خطواتها الأولى في الزراعة و الاهتمام بخيرات الأرض و ما تنتجه من طيبات قد لا تُعرف قيمتها إلا بعد حين.
في هذا المقال سوف نتعرف على أنواع التوابل الموجودة في تنزانيا ، و كذلك بداية زراعتها و انتشارها و الأماكن التي تُزرع فيها ،والصعوبات التي تواجه المزارعين و تجار البهارات ،وأهميتها الاقتصادية للبلاد ، و كل ما يخص التوابل عموماُ .
تنتشر مزارع البهارات و التوابل في أرجاء كثيرة في تنزانيا ، قلة من الناس يعرفون أن تنزانيا تزرع العديد من التوابل العطرية الغريبة و النادرة أيضاً و ذات الجودة العالية.
بعض التوابل التي تشتهر بها تنزانيا هي جوزة الطيب؛ القرنفل؛ القرفة؛ الفلفل الأسود والأبيض والأخضر، الزنجبيل؛ وتوابل الهيل والكركم
و لكن من المعروف بأن أرخبيل زنجبار هو جنة توابل إفريقيا و المحيط الهندي ،وهو كنز تنزانيا الثمين و مخزونها الذي لا ينضب من أنواع فريدة من التوابل ، قد لا تتواجد إلا في هذه البقعة الخصبة من الأرض و التي حباها الله بمزايا لا تُعد و لا تُحصى ، و منها وفرة التوابل .
الفلفل الحلو والحار(الحرّيف) في تنزانيا
جنباُ إلى جنب مع البهارات المميزة يوجد في تنزانيا منتج رئيسي يُصنف من ضمن التوابل ؛ و هو بهارات البابريكا و الفلفل الحاروالحلوالمستخرجة من حبات الفليلفلة المختلفة الأشكال و الألوان و تشمل بشكل أساسي القرنة الحمراء أو الصفراء أو الخضراء التي تضيف نكهة مميزة للوجبات بفضل مركبها المكثف (الكابسيسين) و تختلف نكهة هذه التوابل حسب نوعها و لونها و موطنها و طريقة ريّها و كذلك مستوى نضوجها .
تتوافر منتجات الفلفل بأنواعه المختلفة في جميع أسواق تنزانيا و لكن تكثر زراعتها في دار السلام و منطقة تانغا؛ حيث توجد مزارع كبيرة لزراعة وإنتاج أنواع مختلفة من هذه التوابل اللذيذة.
زنجبار جنة التوابل
لا يمكننا الحديث عن التوابل و عدم ذكر زنجبار فهي جنة التوابل و المركز الرئيسي لإنتاج التوابل المميزة ليس فقط في تنزانيا و لكن في إفريقيا برمتها ،و الساحل الشرقي للمحيط الهندي .
بدأت قصة البهارات في زنجبار منذ قرون عديدة مع التجار الذين كانوا يزورون الجزيرة بهدف التجارة من بلدان عديدة من ماليزيا و الهند و أندونيسيا ، و البرتغال و بفضل المناخ الدافئ للجزيرة وخصوبة الأرض ، فقد ازدهرت زراعة البهارات فيها و لم تقتصر على البهارات القديمة المعروفة بل أُدخل على هذه الجزيرة المعطاء أنواعاُ جديدة من التوابل نجحت فيها بشكل ملفت .
القرنفل هو المنتج المميز في زنجبار وأرخبيلها ، فقد تمت زراعته بدايةً في عهد السلطان العُماني في القرن التاسع عشر، في ذلك الوقت أصبح سعر القرنفل يعادل تقريباُ سعر الذهب . و لغاية الآن تتميز زنجبار بإنتاجها المميز للقرنفل عالي الجودة و تصدر كميات كبيرة منه سنوياُ حيث أن القرنفل لا يستخدم فقط لأغراض الطبخ و طهي الطعام ، بل يتعدى ذلك إلى استخدامات طبية و جمالية عديدة.
وفرة التوابل في زنجبار و تنوعها و جودتها العالية، يجعل من موضوع حصر جميع الأنواع و الأصناف المنتجة فيها أمراً صعباً، ولكن يمكن ذكر الأصناف الرئيسية فيها، والتي تنتج بشكل كبير ويصدر منها سنوياُ كميات وفيرة غير الاستهلاك المحلي .
إضافة للقرنفل يمكننا ذكر القرفة و جوزة الطيب و الفانيليا النادرة ، و لا يمكننا تجاهل الهيل و الكركم والفلفل و الزعفران الثمين .
جهود حكومة تنزانيا في دعم البهارات
و فيما يخص الترويج لتوابل تنزانيا من قبل الحكومة من أجل تسويقها و الحفاظ على استمرارية زراعتها و إنتاجها ، فإن حكومة تنزانيا تسعى جاهدةً من أجل تحقيق مطالب المزارعين التي هي بالمجمل تحقيق لمصالح البلاد و إنعاش اقتصادها من الصادرات و المنتجات المحلية من التوابل و قد استجابت الحكومة أثناء مناقشة خطة التنمية المقترحة للأعوام 2021/2020 لمناشدات الكثير من المزارعين و تجار التوابل البسطاء الذين أبدوا مخاوفهم من تراجع قيمة التوابل في البلاد وخاصةً أرخبيل زنجبار،
و قد حثت الحكومة وزارة الزراعة و الثروة الحيوانية على اتخاذ خطوات واضحة نحو إنعاش سوق التوابل و الترويج له قبل أن تتراجع إمكانيات ازدهاره و تطوره و إنتاجه في البلاد.
تستورد الكثير من بلدان العالم التوابل من تنزانيا و زنجبار بالتحديد و تتزاحم شركات الاستثمار للفوز بصفقات التوابل المميزة بأنواعها المختلفة، و الجدير بالذكر أن أسعار التوابل كأسعار البورصة تنخفض
و ترتفع حسب السوق و المواسم .
و من الملاحظ أن سعرها يزداد بشكل كبير قُبيلة شهر رمضان المبارك و عيد الأضحى .
و في النهاية ،لا يطيب الطعام إلا بإضافة نكهات مميزة فيه ، تغني طعمه و تعزز نكهته، و التوابل هي صاحبة الفضل في ذلك.
لذلك لا بد من تجربة هذه التوابل الغنية من تنزانيا أرض العطاء.