الكويت في عامها الــ 64… ماضٍ مشرف وحاضر زاهر ومستقبل واعد
بقلم : طارق يوسف الشميمري

بمناسبة الذكرى الـ64 للعيد الوطني والذكرى الـ34 ليوم التحرير، نتقدم ككويتيين بخالص التهاني والتبريكات إلى صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح، وإلى الشعب الكويتي الكريم، ونسأل الله أن يديم على الأمة وشعبها نعمة الأمن والأمان.
في اجتماعه الدوري الأسبوع الماضي قدم مجلس الوزراء أطيب التهاني والتبريكات إلى صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي العهد والشعب الكويتي الكريم بمناسبة ذكرى العيد الوطني ويوم التحرير، ودعا المجلس الله العلي القدير أن يحفظ الكويت وقيادتها وشعبها وأن ينعم على الأمة بالأمن والرخاء والتقدم وترحم المجلس على شهداء الوطن وسأل الله أن يسكنهم فسيح جناته.
كما عبر السفراء ورؤساء البعثات والمنظمات الدولية في دولة الكويت عن مشاعرهم النبيلة للقيادة والشعب الكويتي بهذه المناسبات السعيدة وكان سيل رسائل التهنئة وتدفق مشاعر الألفة تجاه دولة الكويت في ذكرى اليوم الوطني ويوم التحرير يعكس مدى الدفء والتقدير الذي يكنه المجتمع الدولي للكويت قيادة وشعبا.
كما أن المشاعر الصادقة التي عبر عنها الجميع هي شهادة على عمق واتساع الدعم والاحترام للقيم والمبادئ النبيلة التي تجسدها دولة الكويت في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، ومبادراتها الإنسانية التي تقدم الإغاثة للمتضررين في الأزمات بجميع أنحاء العالم من خلال الإنسانية التي كانت سمة مميزة للتقاليد الكويتية زادت بعد اكتشاف النفط واستقلال البلاد.
أصبحت الكويت دولة مستقلة بالكامل في 19 يونيو 1961 ألغت مع المملكة المتحدة معاهدة الحماية البريطانية الكويتية لعام 1899 التي منحت الكويت وضعت الحماية تحت بريطانيا العظمى ، وقاد ذلك سمو الشيخ عبد الله السالم الصباح الحاكم الحادي عشر (1965-1950) وهو أول حاكم للكويت بعد الاستقلال ، وبعدها قررت دولة الكويت في عام 1964 تقديم الاحتفال السنوي باليوم الوطني من 19 يونيو إلى 25 فبراير في كل سنه .
في العقود الأولى من الاستقلال، جعلت ثروة البلاد النفطية الكويت واحدة من أكثر الدول تقدمًا في العالم العربي، حيث قدمت مبادرات اجتماعية وثقافية وسياسية جعلت الكويت حالة نادرة بين أقرانها في المنطقة وتبنت الكويت شكلاً ديمقراطيًا للحكم بدستور وحق تصويت حر وحياة برلمانية نابضة بالحياة.
في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، اشتهرت دولة الكويت بقيمها الاجتماعية ووجهات نظرها التقدمية ومواقفها غير التقليدية، وسرعان ما أصبحت البلاد مركزًا ثقافيًا إقليميًا اشتهرت بحرية التعبير ووسائل الإعلام وتم الاحتفاء باعتبار دولة الكويت رائدة في النهضة الأدبية والفنية في المنطقة في حين اجتذبت تقدمها في مرافق مثل التعليم والرعاية الصحية الناس من جميع أنحاء العالم وبالأخص منطقه الخليج والمنطقه العربية.
وعلى الصعيد المحلي، عمل الحكام الرواد على إنشاء دولة الرفاهية بعد الاستقلال وقاموا بتلبية احتياجات المواطنين من خلال توفير التعليم المجاني والرعاية الصحية وتوظيف الدولة المضمون لهم وفي الوقت نفسه أدى السعي إلى سياسات مالية حكيمة إلى إنشاء أول صندوق ثروة سيادي في العالم، وهو صندوق الاستثمار الكويتي فقد تنوعت أرباح الدولة الوفيرة من صادرات النفط إلى استثمارات مستقبلية آمنة في مختلف القطاعات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم.
لقد كان نمو دولة الكويت وتطورها منذ استقلالها أمراً فريدا ، فمن دورها الاستراتيجي قبل الاستقلال كمركز للتجارة البحرية ومحطة للتجارة الخليجيه والعربيه والعالميه، ثم تحولت بعد الاستقلال إلى دولة رفاهية حديثة ومصدر عالمي رائد للنفط وقائد إقليمي في المبادرات الاجتماعية والسياسية ومروج للسلام والنمو الاقتصادي والتنمية.
إن الاحتفال باليوم الوطني ويوم التحرير تعكس تراثنا الثقافي الغني، وتوفر لنا ككويتيين فرصة لإعادة الاتصال بتاريخنا المشترك، وإعادة إحياء الفخر بهويتنا الوطنية ، كما تعمل الأعياد الوطنية على تعزيز روح الوحدة والتنوع والتعايش بين جميع البشر، وتعمل كمناسبة لتكرار التزامنا بالمبادئ والمثل الأساسية تجاه دولتنا .
وبينما نحتفل بالمناسبة السعيدة لليوم الوطني الرابع والستين ويوم التحرير الرابع والثلاثين، دعونا نعترف أيضاً بفخرنا كمواطنين بمساهمات دولة الكويت في السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي ، فقد برزت دولة الكويت كمنارة للدبلوماسية وتعزيز التعاون والحوار في منطقة الخليج وخارجها.
لقد اكتسبت دولة الكويت احترامًا على الساحة الدولية بفضل جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية، والمشاركة في جهود الوساطة، وتعزيز السلام والأمن في المنطقة وعدم التدخل في الشوؤن الداخليه للدول .
إن ذكرى اليوم الوطني ويوم التحرير هي أيضًا مناسبة لتكريم أسلافنا وأجدادنا على جهودهم في تأمين استقلال البلاد، وتكريم الشهداء على التضحيات التي قدموها لتحرير دولة الكويت بعد الغزو والاحتلال في عامي 1990 ، 1991.
وعلى الرغم من الصعوبات التى مرت بهم فقد قاوم اخواننا وأجدادنا الاحتلال وبدعم من تحالف دولي، حرروا البلاد ورفعوا علم الحرية فوق دولة الكويت وعلى مر التاريخ أظهرت دولة الكويت باستمرار قدرتها على الصمود في مواجهة التحديات، فقد أصبح الاقتصاد أقوى بعد أزمة سوق المناخ في أوائل الثمانينيات، وأعيد بناء البلاد بعد الغزو والاحتلال العراقي الغاشم في عامي 1990 والتحرير سنه 1991 وتغلبت على الأزمة المالية العالمية في عامي 2008 وسنه 2014، وصمدت في وجه جائحة كوفيد-19 في عامي 2020 حتى عام 2021.
وفي الآونة الأخيرة بمواجهة عدم الاستقرار السياسي الذي أخّر البلاد من تحقيق رؤيتها المستقبلة الكاملة، فقد أكد مجلس الوزراء التزام الحكومة بتحقيق مستقبل مشرق للكويت وشعبها على مدى العقد المقبل من خلال خطة التنمية ورؤية الكويت لعام 2035 والتي تدعو الي تنويع الاقتصاد، وضمان الاستقرار المالي، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص، وتوفير فرص العمل للشباب وضمان النمو الشامل والمستدام ، بالإضافة إلى تقديم سياسات وخططًا تعطي الأولوية للتحول نحو التنمية المستدامة والتمكين الرقمي والاقتصاد القائم على المعرفة، وتطوير المدن الذكية المتقدمة تكنولوجياً والمستدامة وذلك للمواطنين والشركات ولتحقيق هذه النهضة الاقتصادية تهدف دولة الكويت إلى التغلب على فجوات البنية التحتية وإدخال الإصلاحات المالية، وتعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، كما تسعى دولة الكويت من خلال خططها الاستراتيجية الطموحة إلى تعزيز النزاهة وزيادة المساءلة وتحسين بيئة العمل والإدارة لتتماشى مع التحول الرقمي في البلاد ، بالإضافة إلى ذلك فإن الاستثمار في رأس المال البشري وتنفيذ الخطط لتحقيق الأهداف المستدامة والحفاظ على الشراكات الاستراتيجية للبلاد والتفاعلات متعددة الأطراف مع المجتمع الدولي هي أحد أهم أولويات رؤية دولة الكويت .
إن الاحتفالات السنوية بمناسبة اليوم الوطني ويوم التحرير بمثابة تذكير لنا جميعًا بأننا بحاجة إلى المثابرة وبذل كل الجهود لتحقيق هدفنا المشترك المتمثل في تطوير أمة مزدهرة ومستدامة وعادلة وشاملة وإن خطط تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستدامة تحتاج بالتأكيد إلى دعم جميع المواطنين، فعندما واجهت دولة الكويت بعض الشدائد في الماضي انتهت وزالت بالانسجام من خلال وحدة ودعم الشعب وثباته على القيادة والأمة وإننا بحاجة إلى الحفاظ على هذه الوحدة والانسجام من أجل مستقبل أكثر إشراقا وضمان استمرار علم الحرية مرفرفا عاليا فوق دولة الكويت بالسابق والآن وإلى الأبد.