Site icon Q8-Press

AI-Sana: الشرارة التي تضيء مستقبل كازاخستان كأمة ذكاء اصطناعي

عبدالحميد حميد الكبي

في خضم الثورة الرقمية العالمية، تتقدم كازاخستان بخطى واثقة نحو مستقبل ذكي من خلال برنامج “AI-Sana”، المبادرة الطموحة التي أُطلقت في 11 ديسمبر 2024 خلال يوم العروض التقديمية للذكاء الاصطناعي (AI Demo Day) في أستانا هاب، بقيادة الرئيس قاسم جومارت توكاييف ووزارة العلوم والتعليم العالي.

حيث يحمل اسم “AI-Sana”، الذي يعني “الوعي” أو “الفكر” أو “الذكاء” باللغة الكازاخية، دلالات عميقة تعكس التركيز على تنمية الوعي والفكر في مجال الذكاء الاصطناعي. هذا الاسم يجسد الرؤية الوطنية لإنعاش الاقتصاد الوطني وتثبيت مكانة كازاخستان كمركز إقليمي للابتكار.

ليس هذا البرنامج مجرد مبادرة تدريبية، بل استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى بناء “أمة ذكاء اصطناعي”، كما وصفها الرئيس توكاييف، من خلال تمكين الشباب، تسريع الشركات الناشئة، ودمج التكنولوجيا في قطاعات حيوية مثل الطاقة، الزراعة، إدارة المياه، والرعاية الصحية.

أهمية برنامج AI-Sana: رافعة للاقتصاد المعرفي تلبية احتياجات اقتصاد المستقبل
في عالم يتسارع نحو الذكاء الاصطناعي، يبرز “AI-Sana” كاستجابة حاسمة لتحديات كازاخستان الاقتصادية، التي تعتمد تقليدياً على النفط والمعادن (60% من الإيرادات).

تضم كازاخستان 25.5 ألف عالم، 46% منهم تحت سن الأربعين، و425 منظمة بحثية، مما يشكل قاعدة قوية للابتكار.

ومع ذلك، ظلت الفجوة بين البحث العلمي والتطبيق العملي تحدياً. لذلك يعمل “AI-Sana” على سد هذه الفجوة من خلال تدريب جيل جديد وتسريع الشركات الناشئة لتطوير حلول AI في قطاعات حيوية.

على سبيل المثال، يمكن لتطبيقات AI زيادة الإنتاجية الزراعية بنسبة 15-20% عبر تحليل البيانات البيئية، أو خفض تكاليف الطاقة عبر الصيانة التنبؤية، مما يوفر ملايين الدولارات سنوياً.تمكين الشباب وخلق فرص عمل
يعالج “AI-Sana” تحدي البطالة بين الشباب، الذين يشكلون نصف القوى العاملة العلمية، من خلال تدريب 650 ألف طالب في 2025، مع مرحلة ثانية تشمل 100 ألف طالب بالتعاون مع خبراء من جامعة ستانفورد.

ويهدف البرنامج إلى تشكيل 1,000-1,500 فريق ناشئ في AI بحلول نهاية العام، مما يخلق آلاف فرص العمل عالية الجودة ويُتوقع أن يساهم بـ5 مليارات دولار في صادرات الخدمات الرقمية بحلول 2029.

دعم التنمية المستدامة

يتماشى “AI-Sana” مع أهداف التنمية المستدامة، خاصة في تعزيز التعليم والابتكار، ويدعم رؤية كازاخستان 2050 للانضمام إلى أفضل 30 اقتصاداً عالمياً.

من خلال إنتاج منتجات كثيفة المعرفة، يقلل البرنامج الاعتماد على النفط ويواجه تحديات إقليمية مثل نقص المياه والتغير المناخي، مما يجعله محركاً للتنمية الشاملة.

الدور الاستراتيجي نظام إيكولوجي للمعرفة والابتكار يندرج “AI-Sana” ضمن مفهوم تطوير الذكاء الاصطناعي 2024-2029، الذي يصنف AI كقوة حاسمة في الاقتصاد والحكم. يبني البرنامج نظاماً إيكولوجياً متكاملاً يجمع بين الجامعات الرائدة (27 جامعة مثل جامعة ساتباييف، جامعة زيتيسو، وجامعة كاراغاندا الصناعية)، مراكز الأبحاث، شركاء الصناعة (مثل Samruk Kazyna)، والوكالات الحكومية. ينفذ عبر ثلاث مراحل: تدريب مكثف، تنمية كفاءات ريادة الأعمال، وتسريع الشركات الناشئة (بهدف إنشاء 1,500 مشروع) عبر حاضنات مثل Astana Hub.يعتمد البرنامج على قانون “سياسة العلوم والتكنولوجيا”، الذي يحدد مستويات الجاهزية التكنولوجية (TRL) لدعم المشاريع من الفكرة إلى السوق، مع حوافز ضريبية وتمويل مشترك (252.5 مليار تنغي في 2025، أي 514.9 مليون دولار)، وزيادة الإنفاق على العلوم إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2029.

إقليمياً، يمتد البرنامج إلى المناطق عبر صلاحيات الهيئات المحلية منذ يناير 2025، مما يعزز التنمية المتوازنة.دولياً، يتعاون “AI-Sana” مع شركاء مثل NVIDIA لبناء مراكز بيانات GPU لتدريب نماذج AI الكبيرة، وهواوي، ومنصات تعليمية مثل Coursera، بالإضافة إلى تطوير نموذج KazLLM (148 مليار توكن، أُطلق في ديسمبر 2024) بواسطة معهد الأنظمة الذكية والذكاء الاصطناعي (ISSAI) في جامعة نزارباييف.

هذا النموذج اللغوي الكبير (LLM) مفتوح المصدر، مدرب على أكثر من 100 مليار توكن (وحدات بيانات نصية تشمل كلمات أو أجزاء منها)، يدعم اللغة الكازاخية ويُعد خطوة حاسمة نحو استقلالية تكنولوجية. كما يشمل تعاوناً مع المملكة العربية السعودية لإطلاق صندوق استثماري مشترك بقيمة 100 مليون دولار لدعم الشركات الناشئة في “DeepTech”، مما يسهل دخول أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ينسق البرنامج مع مجلس تطوير AI (أُنشئ في 2025) لدمج AI في القطاع الخاص، مدعوماً بمنصة رقمية مركزية تقلل الإجراءات البيروقراطية بنسبة 50% عبر “Smart data ukimet”.
لذلك شهد تقدم ملموس في 2025منذ إطلاقه في ديسمبر 2024، حقق “AI-Sana” إنجازات مذهلة في أقل من عام. وفقاً لتقرير الرئيس توكاييف في اجتماع مجلس تطوير AI (أكتوبر 2025)، حصل أكثر من 440 ألف طالب على شهادات AI، مقارنة بـ400 ألف في برامج أخرى مثل AI-Qyzmet وAI-People. كما أُطلقت برامج تجريبية في الجامعات الوطنية، أسفرت عن إنشاء 10 مختبرات AI، 5 ورش عمل، و3 شركات ناشئة في 2024-2025، مع تمويل 208 مشاريع تسويقية بربح يصل إلى 118.4 مليار تنغي.حصرياً، في مارس 2025، أُقيمت جلسة لوحة في AlmatyFair.ai، حيث قدم نائب الوزير دينارا شيغلوفا إنجازات البرنامج في دمج AI في التعليم، مع مشاركة جامعة كوركيت آتا كـ”جامعة رئيسية” لتدريب 100 ألف طالب في المرحلة الثانية بالتعاون مع جامعة ستانفورد.
كما ساهم معهد المعادن بجامعة ساتباييف في تصدير تكنولوجيا سيلينيوم بربح 1.3 مليار تنغي، مستخدماً AI لزيادة القيمة المضافة. في 2025، خضع 1,400 عالم لتدريبات دولية، وتم تمويل 2,300 مشروع علمي، مع زيادة الإنتاجية في البرمجة بنسبة 2-3% للشركات المحلية مقارنة بالعالمية، وفقاً لدراسة ستانفورد. هذه الإنجازات، مدعومة بمنصة رقمية مركزية أُطلقت في مارس 2025، أدت إلى أتمتة 5,000 طلب منح سنوياً، مما يعكس كفاءة البرنامج في بناء القدرات البشرية
.مستقبل (AI-Sana) آفاق طموحة نحو 2029يُتوقع أن يشهد “AI-Sana” توسعاً هائلاً، مع إطلاق برنامج AI-Corporate بنهاية 2025 للشركات الحكومية الكبرى مثل Samruk Kazyna، وإنشاء جامعة بحثية متخصصة في AI بحلول 2026، كما أعلن الرئيس توكاييف في اجتماع المجلس. خلال 2025-2026، سيتم إطلاق 17 مركزاً علمياً إقليمياً، مع التركيز على البنية التحتية الرقمية مثل مراكز NVIDIA وAlem AI الدولي.
دولياً، ستكتمل الشراكات مع السعودية وغيرها لنقل التكنولوجيا، مع جذب استثمارات تصل إلى 1 مليار دولار عبر صناديق رأس المال.بحلول 2029، يهدف البرنامج إلى تدريب 100 ألف متخصص IT، وإنتاج نماذج لغوية متقدمة، مع زيادة حصة AI في الناتج المحلي إلى 1%. سيتم تطبيق أنظمة AI لأتمتة الخدمات الحكومية، وتطوير تشريعات أخلاقية لمواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي، مما يضمن تنمية مستدامة. هذا المستقبل يعتمد على نموذج مفتوح للعلوم، يحل التحديات الصناعية ويعزز التصدير.

تعد AI-Sana، ثورة الابتكار التي تعيد رسم خريطة الاقتصاد الكازاخستاني برنامج “AI-Sana” ليس مجرد خطوة انتقالية؛ إنه ثورة حقيقية تحول كازاخستان من اقتصاد تقليدي إلى قوة عالمية في الذكاء الاصطناعي، مدعومة بإرادة سياسية صلبة وشراكات دولية استراتيجية. بأهميته في تمكين الشباب وتعزيز التنافسية الإقليمية، دوره في ربط العلم بالصناعة، إنجازاته الملموسة التي أنتجت آلاف المتخصصين ومئات المشاريع، وآفاقه الطموحة نحو 2029، يصبح “AI-Sana” رمزاً للرفاهية المستدامة والابتكار الجريء. في عالم يتغير بسرعة البرق، يثبت هذا البرنامج أن كازاخستان ليست مجرد مشاركة في السباق الرقمي، بل قائدة له – جاهزة لقيادة جيل جديد نحو آفاق غير محدودة، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي ليس أداة، بل قلب النبض الاقتصادي والاجتماعي للأمة للكازاخية

Exit mobile version