بعد 3 أشهر على الكارثة، وبينما تحاول ليبيا لملمة جراحها إثر ما حدث بعد انهيار سديها في سبتمبر/أيلول الماضي، في إحدى أسوأ الكوارث الطبيعية التي خلّفت 4540 ضحية، كشفت التحقيقات “المعلوم” الذي يدركه العديد من الليبيين.
أسباب عمّقت حجم الكارثة
فقد أعلنت هيئة النيابة العامة الليبية نتائج التحقيقات في حادثة انهيار سدي “البلاد” و”سيدي بو منصور” في درنة إثر إعصار “دانيال”، مؤكدة أن “الإهمال” سبب الكارثة التي أزهقت أرواح الآلاف عرباً وأجانب، وهو ما كان العديد من الليبيين اتهموا به المسؤولين في البلاد منذ الأيام الأولى.
وأضافت أن الأدلة والتحقيقات أثبتت وجود إهمال في صيانة السدين، إلى جانب عدم وجود منظومة إنذار تعمل خلال الكوارث، وإهمال عمليات تنظيف الفتحات العلوية، وكذلك تجاهل أعمال الصيانة الدورية.
كما بيّنت أن نظام التصريف في الوادي لا يعمل بالصورة التصميمية لتراكم الأوساخ منذ عام، دون أي مخططات صيانة.
ولفتت إلى أن تشققات وتسربات كبيرة للمياه رصدت في السدين المنهارين.
من المتهم؟
أما عن المتهمين، فكشفت أن عدد الموقوفين على ذمة التحقيقات بلغ 14 متهما، بينهم رئيس بلدية درنة عبد المنعم الغيثي، وعدد من المسؤولين بالموارد المائية وهيئة السدود في المدينة دون ذكر أسمائهم.
كما أصدرت النيابة العامة نشرة حمراء في حق 2 من المتهمين الفارين خارج الحدود الليبية دون أن تسميهم.
وحمّلت الهيئة جميع المسؤولين عن السدود منذ 2003، المسؤولية عن الكارثة التي حدثت في درنة، بعدما أعلن مكتب النائب العام تحريك دعوى جنائية ضد 16 مسؤولا عن إدارة مرافق السدود، وحبس عميد بلدية درنة و7 آخرين احتياطيا، في التحقيقات.
جاء ذلك في بيان تحت عنوان نتائج تحقيق حادثة فيضان وادي درنة نشره مكتب النائب العام، عبر صفحته على موقع فيسبوك.
كارثة لا توصف
وكانت ليبيا شهدت في 10 سبتمبر/أيلول الماضي، بعدما اجتاح الإعصار المتوسطي “دانيال” عدة مناطق شرقي البلاد، كارثة طبيعية لا توصف.
فقد غمرت المياه مناطق أبرزها مدن بنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، ناهيك عن درنة، التي كانت المتضرر الأكبر بسبب انهيار سدين كانا يحبسان مياه وادييها، قبل أن تتدفق منه بقوة جارفة كل ما في طريقها.
وبلغ إجمالي عدد الوفيات المسجلة في كارثة الفيضانات 4 آلاف و540 شخصا، بينهم 3 آلاف و964 مواطنا و576 أجنبيا.
وعلى الرغم من مرور 3 أشهر على الكارثة، لا تزال هناك الكثير من الاحتياجات للسكان الذين نزح الآلاف منهم إلى المدن القريبة، بعد انهيار منازلهم، وباتوا دون بيوت يفتقرون لأبسط الخدمات الأساسية، وسط شكوك بشأن عدم نية السلطات البدء في إعادة إعمار المدينة.
ويعتبر وادي درنة مصبا لكل السيول القادمة من جنوب المدينة من مناطق المخيلي والقيقب والظهر الحمر والقبة والعزيات، وبعد امتلائه بفعل إعصار دانيال، انهار سدا البلاد وسيدي بو منصور، اللذان كانا الضامن الوحيد لاحتباس مياه السيول المنحدرة من أعالي مناطق الجبل الأخضر.
يذكر أنه تم بناء سدي البلاد وسيدي بو منصور، ما بين 1973 و1977، للسيطرة على الفيضانات وري الأراضي الزراعية وتوفير المياه للمجتمعات المجاورة، ويبلغ ارتفاعهما 45 و75 مترا على التوالي.