دوامات غريبة يغلب عليها اللون الرمادي أحياناً، أو البني في أحيان أخرى. ما الذي ننظر إليه بالتحديد؟ هل هي قطرات من الطلاء قام فنان بسكبها عن طريق الخطأ؟ أم هل هي صور وثقتها وكالة “ناسا” لأسطح كواكب تبعد ملايين السنوات الضوئية عنّا؟
صدّق أو لا تصدّق، هذه المشاهد ليست إلا مساحات واسعة وثقها المصور والفنان الهنغاري ميلان راديسيكس، لتضاريس طبيعية موجودة على كوكب الأرض، وفي أذربيجان تحديداً، والتي تُعد عاصمة البراكين الطينية في العالم، وتُعد هذه الصور جزءاً من مشروعه الذي يُدعى “Water.Shapes.Earth”.
وسواءً كان راديسيكس في وسط العمل على مشروع فوتوغرافي أو له علاقة بالتصميم، فقد قال المصور خلال حديث مع موقع CNN بالعربية: “لطالما كانت لديّ موهبة للقيام بالأشياء بطريقة مختلفة بعض الشيء”.
ويتبيّن ذلك من خلال الصور التي التقطها المصور لبراكين الطين في منطقة قوبستان الأذربيجانية، إذ أنه وثقها من خلال طائرة بدون طيار، لأنها تقدم “وجهة نظر غير اعتيادية”، بحسب ما قاله.
وشرح المصور أنه في حال التقاط صورة عادية من الأرض، يفقد المرء الإحساس بمدى حجم المكان، ولكن عند التقاط الصور من فوق، وتوجيه كاميراته إلى الأسفل، فإن المرء عندها يكتشف وجه الأرض الخفي، والشخصية الحقيقية للمشهد الطبيعي.
وأشار المصور إلى أن لوحاته عبارة عن عدة صور متداخلة للمكان ذاته. وشرح المصور أنه يوجه طائرة الـ”درون” للتحليق فوق نقاط محددة مسبقاً لالتقاط أكثر من صورة. وتوفر عملية دمج الصور التي تأتي لاحقاً مشاهد بمستويات دقة “مذهلة”، بحسب ما قاله.
كوكب الأرض بعيون جديدة
وتُعد صوره جزءاً من مشروع “Water.Shapes.Earth” الذي يدمج بين قوة التصوير الجوي، والسرد القصصي لإعادة اكتشاف جمال كوكب الأرض.
وتستكشف صوره في أذربيجان كيفية تمازج المياه الساخنة مع الطين لخلق هذه المشاهد الطبيعية الغريبة، وفقاً لما قاله المصور.
ويهدف مشروعه، الذي يُظهر مشاهد مُهيبة من بقاع متنوعه حول العالم، منها الكتل الجليدية في آيسلندا والتشكيلات الرملية في إٍسبانيا، إلى تشجيع الجماهير لمواجهة الميول المدمرة للبشر تجاه بيئتهم.
وقام المصور بزيارة المواقع التي رآها خلال فترة قصيرة، منها أماكن فيها كميات وفيرة من المياه، وأماكن ابتكر فيها الأشخاص مختلف التقنيات للحفاظ على الماء، إضافةً إلى مناطق جافة كلياً، لافتاً إلى أن الفرق مروّع.
وأشار المصور إلى تأثيرات الاحتباس الحراري والأنشطة البشرية في الآونة الأخيرة، إذ قال: “من السخيف أن بعض المناطق التي تحيط بالبحر، ترتفع فيها درجات الحرارة وتفتقد سقوط الأمطار، بلا وجود أي مصدر للمياه العذبة، وحتى الآن، قام المصور بزيارة 16 بلداً من أجل مشروعه، ولكنه أكّد أنها مجرد البداية.
أذربيجان.. عاصمة العالم للبراكين الطينية
ويوجد في أذربيجان أكثر من 400 بركان طيني، وهو عدد أكبر مما يتواجد في أي مكان آخر حول العالم.
وشعر راديسيكس بالدهشة من هذه الظاهرة الطبيعية لدى تعلمه عنها أثناء بحثه عن مواقع لتصويرها من أجل مشروعه، مؤكداً: “لم يسبق أن رأيت أي شيء مثل هذا من قبل في أماكن أخرى على كوكب الأرض”.
ورغم أنه قام بزيارة البراكين الطينية بأذربيجان من أجل مشروعه، إلا أنه شعر أيضاً برغبة في مشاركة هذه المظاهر غير المعروفة مع الأشخاص.
وتُعرض 50 صورة مختارة من مشروع “Water.Shapes.Earth” حالياً في معرض فردي في زينغست في ألمانيا.