لما كانت الثروة العقارية ، تمثل ركن له أهمية عليا في إقتصاد الأمة، الأمر الذي حرص عليه المشرع الكويتي، فنظم ملكية العقارات وكيفيه إنتقالها فأصدر قانون التسجيل العقاري رقم 5 لسنة ١٩٥٩ ثم أصدر قانون نظام السجل العيني رقم ۲۱ لسنة ۲۰۱۹ كما نجد أن المشرع الكويتي قد أفرد لحق الإنتفاع بهذه الثروة العقارية قانون خاص وهو قانون إيجار العقارات رقم ٣٥ لسنة ۱۹۷۸ والذي أدخل المشرع عليه عدة تعديلات بغاية المحافظة على تلك الثروة والموازنة بين حقوق الملاك وحقوق المستأجرين تفادياّ لتغول طائفة من المجتمع على طائفة أخرى فلا تستغل ملاك العقارات حاجة المستأجرين إلى السكن الذي يأويهم هم وأسرهم، فيرفعوا عليهم الإيجارات ، بما يزيد على قدرتهم المالية، وهو ما يترتب عليه أن لا يجد الكثرون ممن هم على أرض الكويت المقدره في أنفسهم على التأجير، لإفلات قدر الأجرة من نطاق قدرتهم المالية وفي هذه الحالة ينهار السلم والأمن الاجتماعيين عندما تستشعر طائفة من الشعب، بوطئة الإستغلال الواقع عليها من طائفة أخرى وهو الأمر الذي يمس ما أرساه الدستور من قواعد وذلك عندما نص في المادة السابعة منه على أن العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين.
وإذا ما كانت أول ضمانات الحفاظ على الكرامة الإنسانية، هو أن يجد الإنسان سقف يظله هو وأولاده، ومن ثم كان هذا في مقدمة اهتمامات المشرع الكويتي في التشريعات الصادرة في هذا الشأن خاصة وان دعامتي كافة التشريعات التي تصدر لتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستاجر ، هما العدل والتراحم.
هذا ولا شك في أن المشرع الكويتي كان حريصاً في كافة التعديلات، التي أوردها على قانون إيجارا العقارات على أن يحافظ على القطاع العقاري في الأمة، وذلك بضمان استمراره واقدام كل من هو من ذوي القدر على البناء، على إقامة المباني، لأن المجتمع بحكم طبيعته في زيادة من حيث السكان، وهذه الزيادة لابد وأن يقابلها زيادة في العقارات المبنية بمختلف أنواعها استثمارية كانت أو غير استثمارية، لأنه في حالة الاحجام على البناء، فإن الوضع في سوق العقارات والإنتفاع بها سينتهي إلى زيادة في الطلب، وقلة في المعروض وهو الذي سيحكمه السوق بقواعده التي يحددها النظام الاقتصادي الحر وهو النظام الذي تأخذ به دولة الكويت ومن ثم ترتفع الإيجارات.
وإذا ما كان للملاك حقوق لدي المستاجرين ، وهي حصولهم على الأجرة المتفق عليها مقابل الإنتفاع بعقاراتهم، وذلك حتى يستطيعوا أن يؤدوا التزاماتهم الواقعة عليهم والناتجة عن إقامتهم لهذه العقارات، فإن المشرع قد درج على إدخال تعديلات للتيسير على الملاك في تحصيل الأجرة بطرق أكثر يسرا عليهم وأبلغ سرعة من ذلك التعديل الذي أدخله المشرع على المادة (٢٦) من قانون ايجار العقارات والذي نص فيها على أنه لا يقبل الطعن بالإستئناف على أحكام الإيجارات إلا اذا تم إيداع الأجرة المحكوم بها عند إيداع صحيفة الطعن، بل ولقد أجازت المادة (٢٦) مكرر من ذات القانون للمؤجر أن يسلك طريق أمر الأداء للمطالبة بالأجرة المستحقة وكل ما عليه هو أن يرفق بطلبه عقد الإيجار، وما يثبت حصول التكليف بالوفاء بالأجرة، وشهادة من إدارة التنفيذ بعدم إيداع الأجرة، ولا شك في أن المشرع عندما خول المؤجر هذه القدرة إنما قصد التيسير عليه عندما مكنه من الحصول على حقه، بغير طريق الدعوى.
بل أن المشرع ومن قبيل الحرص منه ، على استقرار قطاع العقارات وحتى لا يعرض هذا القطاع لازمات في السكن ، وفق ما تعاني منه دول أخرى، نجده يصدر المرسوم بقانون رقم ٩٥ لسنة ٢٠٢٤ بتعديل بعض احكام المرسوم بقانون رقم ٣٥ لسنة ۱۹۷۸ في شأن إيجار العقارات فنص في المادة الأولى من هذا المرسوم على إضافة مادة جديدة لقانون إيجارات العقارات وهي المادة (۱۱) (مكرر) والذي نصت على أنه لكلا من المالك والمستأجر الإتفاق على تصديق عقد الإيجار وجعله في قوة السند التنفيذي لاقتضاء الأجرة بعد اعذار المستأجر وتقديم شهادة بعدم إيداع الأجرة وذلك طالما أن عقد الإيجار ثابت بالكتابة ، والأجرة معينة المقدار في العقد وأن يكون العقد موثقاً وفق أحكام قانون الشهر العقاري وبذلك يصبح عقد الإيجار بمثابة السند التنفيذي الذي يمكن ان يفتح بموجبه ملف تنفيذ لدى إدارة التنفيذ المختصه، واتخاذ كافه الإجراءات القانونية المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية في هذا الملف.
كما أن هذا التعديل قد اشتمل على تعديل آخر، متعلق بالمحكمة التي تنظر إستئناف احكام الإيجارات عندما تضمن النص على إضافة فقرة جديدة للمادة ٢٦ من قانون إيجار العقارات والتي جعلت استئناف الأحكام الصادرة من دوائر الإيجارات من اختصاص المحكمة الكلية بهيئة إستئنافية كما نصت المادة الثانية من هذا المرسوم ، على إحالة جميع الدعاوي المنظورة أمام محكمة الإستئناف بجميع دوائرها للمحكمة الكلية عدا الدعاوي المحجوزة للحكم.
هذا ولا شك من هذا التعديل يخفف من وطأه إطالة أمد التقاضي، ويمكن كل مؤجر من أن يتقاضى حقه في موعده ويحفز المستأجرين على الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية فيؤدون الأجرة المستحقة عليهم في مواعيدها القانونية.