Site icon Q8-Press

عقاريون: قفزات جنونية لأسعار السكن الخاص… 20 في المئة نمواً بعام واحد

على عكس الكثير من القطاعات الاقتصادية، واصل قطاع العقار السكني خلال جائحة كورونا قفزاته السعرية في ظل زيادة الطلب عن المعروض، حتى حقق ارتفاعات وصلت إلى 20 في المئة خلال عام واحد فقط.

«الراي»، استطلعت آراء عدد من المختصين في الشأن العقاري لمعرفة أسباب استمرار جنون أسعار العقارات السكنية، وتضخمها بشكل لافت منذ بداية الجائحة، حيث أشاروا إلى أن محدودية الأراضي، والإقبال الكبير على السكن الخاص المؤجر والمضاربة عليه، جاءت على رأس تلك الأسباب، ما رفع تداولات القطاع السكني من إجمالي التداولات العقارية إلى 72 في المئة خلال الربع الثالث من 2021، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الكويت.

وأوضحوا أن سيولة كبيرة متوافرة بالسوق، في ظل وجود ودائع في البنوك المحلية لأفراد ومؤسسات تبلغ نحو 33 مليار دينار، تفتح شهية المستثمرين نحو تلك العقارات ذات العائد الأعلى، لاسيما بعد تخفيض سعر الخصم من قبل بنك الكويت المركزي إلى 1.5 في المئة، وزيادة نسبة البناء من 150 في المئة إلى 210 في المئة، إلى جانب الاستمرار في دعم تعرفة الكهرباء والماء في القطاع السكني حتى على البيت الثاني والثالث والرابع، إضافة إلى أن التساهل في المخالفات شجّع على تحويل المناطق النموذجية والسكنية إلى مناطق تأجيرية.

وتوقعوا استمرار الاتجاه الصعودي لأسعار السكن الخاص في العام الجاري 2022، مع تغيير في حجم ونسبة الارتفاع مقارنة بـ2021، لافتين إلى أن ذلك مرتبط في جديّة المؤسسة العامة للرعاية السكنية وخططها في معالجة الأزمة السكنية.

ولفتوا إلى أن الحل يكمن في تبني الحكومة حزمة من المشاريع والقوانين مثل قانون الرهن العقاري، وتغيير فلسفة «الرعاية السكنية» في طرح منتجات تمويلية أخرى لمعالجة هذه الأزمة، مؤكدين أن الأهم من ذلك كله هو تحرير الدولة للأراضي لأنه كلما زاد المعروض قلّت الأسعار وزادت قدرة المواطن على الشراء.

أرجع رئيس اتحاد العقاريين، توفيق الجراح، الارتفاع الجنوني بأسعار العقارات السكنية إلى محدودية معروض الأراضي السكنية مقابل النمو السكاني الكبير، إلى جانب عدم قدرة الحكومة على تلبية الطلبات الإسكانية.

توفيق الجراح

وفي حين لفت إلى أن 70 في المئة من الشعب الكويتي هم من الشباب دون 34 سنة، ما يعزز الطلب بشكل كبير على السكن الخاص، أوضح أن بعض المناطق شهدت قفزات في الأسعار بنحو 20 في المئة خلال عام واحد فقط.

وأشار إلى أن ما أذكى تلك الارتفاعات تفضيل المستثمرين للعقار السكني خلال جائحة كورونا لعائده الكبير، موضحاً أن عائد العقار الاستثماري يصل لـ7 في المئة، ووديعة البنك عائدها نحو 2 في المئة، وعائد الاستثمار في الأسهم يبلغ نحو 5 في المئة، بينما النمو في أسعار الأراضي السكنية ناهز الـ20 في المئة خلال سنة، ولذلك فإن ملاك الأراضي يحتفظون بها لأن نسبة الارتفاع في أسعارها أعلى من أي استثمار آخر.

وبيّن الجراح أن استمرارية ارتفاع الأسعار يعتمد على رد فعل الحكومة، إذ إن توقف منح القروض من بنك الائتمان سيوقف بناء المناطق الجديدة مثل غرب عبد الله المبارك والمطلاع، وبالتالي سيقلل ذلك المعروض من الوحدات القابلة للتأجير، ما سيرفع الإيجارات، ويؤدي بدوره إلى قفزة بأسعار العقارات السكنية.

وأكد أنه ينبغي على الحكومة أن تتخذ خطوات سريعة قصيرة الأجل بضخ أراض لمستحقي الإسكان بسعر التكلفة، مشيراً إلى أن الإعلان عن مثل تلك الخطوات فقط من شأنه أن يمنح هدوءاً للسوق يعيده للاستقرار وللأسعار الطبيعية.

وقال الجراح إنه وفق السياسة الحالية، فإن الحكومة غير قادرة على تلبية طلبات الإسكان، لذا يجب مراجعة نموذج الأعمال الحالي من حيث تنويع الخيارات الخاصة في الإسكان، وتحرير الأراضي، كما أن الاعتماد على القطاع العام وحده لا يحقق أهداف الإسكان، ويجب ابتكار طرق لإشراك القطاع الخاص وبطريقة عادلة.

وأضاف «كذلك، فإن الدعومات الممنوحة لبرنامج الإسكان في ظل الأوضاع الحالية غير مستدامة، وبالتالي يجب تدريجياً تخفيض عبء هذه الدعومات، سواء الرأسمالية أو التشغيلية، كما أنه لضمان استمرار سوق الإسكان يجب تطوير سوق الرهن العقاري، إلى جانب أن استهلاك الطاقة عبء كبير على الدعومات المقدمة من الحكومة، لذا يجب اقتراح أساليب جديدة لإدارة ملف الطاقة».

وذكر الجراح أن مفتاح الإصلاح الاقتصادي في الكويت هو إصلاح السياسات الإسكانية، إذ عن طريق تعديل السياسات الحكومية الخاصة بالإسكان، يمكن إعادة هيكلة برنامج الدعومات والتركيبة الإسكانية والسياسات المتعلقة بخلق الوظائف وتخفيض النفقات العامة، وبالتالي المساهمة في معالجة عجز الميزانية.

سعر الخصم

من جانبه، أفاد الخبير العقاري، سليمان الدليجان، بأن تخفيض سعر الخصم من قبل بنك الكويت المركزي إلى 1.5 في المئة وبالتالي انخفاض فوائد البنوك، شجع المستثمرين للبحث عن فرص مجدية، جاء في مقدمتها الفرص العقارية، خصوصاً في العقار السكني.

سليمان الدليجان

وأضاف أن الجائحة زادت من الإقبال على العقار السكني المؤجر، ما دفع إلى المضاربة عليه بشراء أراض ثم بيعها بعد فترة، أو بتطوير الأرض ومن ثم بيعها، ما أعطى زخما عالياً في السوق.

وذكر الدليجان أن حصة تداولات القطاع السكني من إجمالي التداولات العقارية وصلت إلى 72 في المئة لأول مرة في تاريخ الكويت خلال الربع الثالث من 2021، بعد أن كانت حصته لا تتجاوز الـ55 في المئة قبل أزمة «كورونا».

وبيّن أن الطلب الكبير من المواطنين المستأجرين انعكس ارتفاعاً في رغبة المستثمرين بشراء العقار السكني وتطويره، إلى جانب عوامل أخرى كعدم وجود فرص حقيقة خارج الكويت وتخوّف الناس من دفع ضرائب.

ولفت إلى عدم وجود إشارات على هبوط قادم للأسعار، متوقعاً في الوقت نفسه هدوءاً بأسعار بعض المناطق التي ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، مثل مدينة صباح الأحمد البحرية التي قفزت فيها الأسعار خلال الفترة الماضية بنحو 60 في المئة، إلى جانب تباطؤ نموها ببعض المناطق الداخلية مقارنة بالسرعة التي كانت عليها قبل سنة.

سيولة عالية

وبيّن الدليجان أن الحل للمضاربة بأسعار السكن الخاص يكمن في زيادة معروض الأراضي من الدولة، وليس بوضع شروط على المستثمر، منوهاً إلى أنه ليس هناك ارتباط بين تأخر حل المشكلة الإسكانية حيث وصلت طلبات المستحقين لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية إلى 140 ألفاً، وبين ارتفاع أسعار السكن الخاص، لأن من كانوا يضاربون خلال الفترة الماضية لديهم سيولة عالية، لاسيما وأن تقارير أفادت بأن هناك ودائع في البنوك تصل إلى 40 مليار دينار، تملك الحكومة منها 7 مليارات، والباقي يملكها مؤسسات وأفراد، ما يعني أن السيولة متوافرة، وتتداول في القطاع السكني، وليس لذلك علاقة مع المنتظرين للرعاية السكنية.

وقال الدليجان إن عدد الزيجات في الكويت تصل إلى ما بين 6 إلى 7 آلاف سنوياً، ما يرفع الطلب على الوحدات المؤجرة، وبالتالي على شراء المستثمرين للأراضي السكنية وبنائها وتطويرها، وبالتالي ارتفاع أسعار الأراضي، لافتاً إلى أن الإيجارات باتت تلتهم ما بين 30 و35 في المئة من راتب المواطن.

وأوضح أن سن قوانين جديدة تشجع على الاستثمار في القطاع الاستثماري بشكل أكبر مثل زيادة نسبة البناء، سيحفّز على خروج الأموال من القطاع السكني إلى الاستثماري، لافتاً إلى أن الأخير تأثر بجائحة كورونا وبتقلص عدد الوافدين وتغيير التركيبة السكانية وإغلاق المطار خلال الفترة الماضية، في حين أن كل هذه الأسباب بدأت تتلاشى، وبالتالي قد يكون هناك توجه نحوه.

شهية المستثمرين

من جهته، قال نائب رئيس اتحاد وسطاء العقار، عماد حيدر، إن اختلال ميزان العرض والطلب أهم أسباب ارتفاع أسعار العقارات السكنية بنسب كبيرة لافتة، مبيناً أن السيولة متوافرة بالسوق وشهية المستثمرين نحو تلك العقارات ذات العائد الأعلى مفتوحة حالياً.

عماد حيدر

ولفت إلى أنه من الأسباب التي ساهمت في ارتفاع الأسعار زيادة نسبة البناء من 150 في المئة إلى 210 في المئة، إلى جانب الاستمرار في دعم تعرفة الكهرباء والماء في القطاع السكني حتى على البيت الثاني والثالث والرابع، ولذلك تحوّل المستثمرون والمضاربون من قطاع العقار الاستثماري إلى السكني، إضافة إلى أن التساهل في المخالفات شجّع على تحويل المناطق النموذجية والسكنية إلى مناطق تأجيرية.

وذكر حيدر أن هناك مؤشرين على أن الأسعار ذاهبة نحو التصحيح، الأول أن عدد الصفقات والتداولات العقارية منذ أغسطس وحتى نوفمبر الماضيين كانت أقل من عدد الصفقات في الأشهر التي سبقتها، أما الثاني فيكمن بزيادة العروض في المكاتب العقارية مقابل تردد المشترين.

وعن توقعه لاستمرارية ارتفاع الأسعار في 2022، توقع حيدر ثباتاً نسبياً للأسعار مع تصحيح خفيف بنحو 10 في المئة، ما لم تكن هناك قرارات مشجعة على زيادة ارتفاع الأسعار.

الأكثر ربحية

بدوره، قال أمين سر اتحاد العقاريين والرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية، إبراهيم العوضي، إن حجم توزيعات المؤسسة العامة للرعاية السكنية الأخيرة لا يتناسب مع حجم الطلبات الموجودة، ما أدى إلى زيادة الطلب على العقارات السكنية.

ابراهيم العوضي

وأفاد بأن عيون المستثمرين تحولت إلى العقار السكني خلال الجائحة لأنه الأكثر ربحية ولمميزاته العديدة، وعلى رأسها أن مستأجره، المواطن الكويتي، مضمون بشكل أكبر مقارنة ببقية القطاعات، كما أن تعرفة الكهرباء والماء فيه لا تزال مدعومة، في حين أن الحكومة لا تتشدد في متاجرة الأفراد بهذا القطاع.

وأضاف «رأينا في عام 2008 أن الحكومة منعت الشركات من الاستثمار في القطاع السكني لكنها لم تحد من ممارسات التجار فيه»، لافتاً إلى أن كل ذلك ساهم في ارتفاع الأسعار بشكل كبير وغير متوقع.

وأوضح العوضي أن الصعود بالأسعار سيستمر في 2022 مع تغيير في حجم ونسبة الارتفاع مقارنة بـ2021، كما أن ذلك مرتبط في جدية المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وطرح المشاريع المستقبلية، وكذلك في خططها لمعالجة الأزمة.

وأشار إلى أن الحل يكمن في تبني الحكومة حزمة من المشاريع والقوانين من ضمنها إشراك القطاع الخاص وقانون الرهن العقاري وتغيير فلسفة «الرعاية السكنية» لطرح منتجات تمويلية أخرى لمعالجة هذه الأزمة، مؤكداً أن الأهم من ذلك كله هو تحرير الدولة للأراضي، لأنه كلما زاد المعروض قلّت الأسعار وزادت قدرة المواطن على الشراء.

حلول قصيرة الأجل

قدّم الجراح حلولاً قصيرة الأجل لمشكلة الإسكان، قائلاً إنه رغم كل القوانين المتعلقة بمنع الاحتكار، إلا أن أسعار السكن الخاص بارتفاع حاد وكبير، وهذا يرجع إلى عوامل عدة منها زيادة جاذبية السكن الخاص للاستثمار والتأجير بعوائد أعلى من المنتجات العقارية الأخرى، وسهولة دخول السوق وتطوير منتج السكن الخاص، وبالتالي زيادة الطلب عليه، وكذلك قلة المعروض مع الطلب الكبير المتزامن، لذا فإن زيادة المعروض ستحقق التوازن وستبطئ النمو غير الطبيعي في الأسعار.

وأفاد بأنه لذلك يجب طرح مناطق جديدة متصلة بالمنطقة الحضرية وبمساحات لا تزيد على 270 متراً مربعاً وبأسعار التكلفة على الدولة، ما بين 70 إلى 100 ألف دينار، وبشروط دفع ميسرة وبارتدادات مناسبة لتعويض صغر المساحة، بحيث لا تقل عن 10 أمتار، على أن تكون مخصصة لمستحقي الرعاية السكنية وبعدد لا يقل عن 3 إلى 4 آلاف قطعة أرض سنوياً.

وأضاف أنه ولتوضيح أهمية هذه السياسة يجب الإشارة إلى أنه خلال العام من 2000 إلى 2006 كان عدد الطلبات الملغاة سنويا 1700 طلب وبعد ذلك تناقصت إلى أن أصبحت مع بداية عام 2012 صفر كذلك وفق بيانات الهيئة العامة للإسكان إجمالي عدد الطلبات الإسكانية الجديدة خلال الفترة من عام (1985 ـــــ 2005) 46333 طلباً وعدد الطلبات الملغاة خلال الفترة نفسها 30218 وهذا يعني أن مستحقي الرعاية الإسكانية كانوا يشترون بيوتاً جاهزة أو أراضي من السوق المفتوحة من خلال الادخار وتمويل البنوك لأن أسعار الأرض كانت معقولة، لذا فإن توفير أراض بأسعار معقولة لا يشكل عبئاً على الدولة وسيؤدي بالنتيجة إلى تخفيض النمو في أسعار السكن الخاص والمساهمة في حل المشكلة الإسكانية.

 

 

 

Exit mobile version