عبدالحميد حميد الكبي
في لحظة تاريخية تجمع بين قوة اللكمة وسلطة القرار، انتُخب يوم الأحد 23 نوفمبر 2025 البطل الكازاخستاني جينادي “GGG” جولوفكين رئيسًا لاتحاد الملاكمة الدولي “World Boxing” خلال مؤتمرها السنوي في روما. هذا الانتخاب، الذي جاء بالإجماع بعد أن كان جولوفكين المرشح الوحيد المعتمد من لجنة التحقق المستقلة، ليس مجرد فوز سياسي رياضي، بل هو إعلان عالمي بأن الملاكمة الرياضة التي كادت تُطرد من الأولمبياد قد وجدت قائدًا يجمع بين إرث البطل ونزاهة الإصلاحي.جولوفكين، البالغ من العمر 43 عامًا، حائز على الميدالية الفضية في أولمبياد أثينا 2004، وأحد أعظم أبطال الوزن المتوسط في التاريخ بـ42 فوزًا في 45 مباراة، لم يكن مجرد مرشح. كان رمزًا. في كلمته الأولى بعد الإعلان، أطلق وعودًا تُشبه لكماته:
إنه شرف عظيم أن أُنتخب رئيسًا جديدًا لـWorld Boxing. لكن هذه مجرد البداية. ابتداءً من اليوم، سيكون الرياضيون محور كل قرار نتخذه. في طريقنا إلى لوس أنجلوس 28، سنستعيد الثقة في الملاكمة الأولمبية لنضمن مكانتنا في بريزبين وما بعدها. الآن، حان الوقت للمضي قدمًا كعائلة ملاكمة واحدة ومتحدة.
أهمية الانتخاب إنقاذ الرياضة من حافة الهاوية انتخاب جولوفكين ليس حدثًا عابرًا؛ إنه نقطة تحول في تاريخ الملاكمة. منذ 2019، عانت الرياضة من أزمة عميقة، حيث علّقت اللجنة الأولمبية الدولية الاتحاد السابق (IBA) بسبب مشكلات التمويل والأخلاقيات. نتيجة ذلك إدارة IOC للمسابقات في طوكيو وباريس بنفسها، وتهديد بطرد الملاكمة من الأولمبياد إلى الأبد.
هنا تدخلت World Boxing، المنظمة الجديدة التي أُسست في 2023، وحصلت على الاعتراف المؤقت من IOC في فبراير 2025. انتخاب جولوفكين يُعطيها المصداقية التي تحتاجها لتصبح الهيئة الحاكمة الشرعية الوحيدة.
من الدعم الشعبي إلى الريادة العالمية في أستانا وألماتي، تحول الخبر إلى احتفال وطني. قبل أيام من الانتخابات، انطلقت موجة رقمية هائلة من الدعم، حيث تجمع المشجعون والرياضيون والمدربون خلف جولوفكين عبر منصات التواصل. حساب اتحاد ألماتي للملاكمة على إنستغرام أصبح مركز الحملة، مع آلاف المنشورات ومقاطع الفيديو تحت هاشتاج #SupportGGG.
نحن فخورون بإنجازاته ونعتقد أنه سيكون قادرًا على تمثيل كازاخستان وعالم الملاكمة بأكمله بكرامة على مستوى جديد، كتب أحد المتابعين، معبرًا عن صوت الأمة بأكملها.وفي رسالة رسمية وجهها الرئيس قاسم جومارت توكاييف، رفع الكازاخستانيون رؤوسهم بفخر أعلى:
أهنئ جينادي جولوفكين من كل قلبي بانتخابه رئيسًا لـWorld Boxing. هذا ليس مجرد إنجاز شخصي، بل انتصار لكازاخستان كلها. إنه أول مواطن من بلادنا يرأس اتحادًا دوليًا لرياضة أولمبية، وهو دليل ساطع على أن أبطالنا لا يرفعون الأحزمة فقط، بل يرفعون اسم كازاخستان إلى قمة العالم. اليوم، نحن أكثر من مجرد أمة رياضية… نحن أمة تقود .ليس أول بطل يتحول إلى قائد لكنه الأكثر خطورة على الفساد لم يكن جولوفكين أول بطل عالمي يتحول إلى قائد رياضي، لكن قلة نجحوا مثله في الجمع بين المصداقية داخل الحلبة والخارج. ماني باكياو أصبح سيناتورًا في الفلبين، وفيتالي كليتشكو عمدة كييف، وأوسكار دي لا هويا مؤسس إمبراطورية ترويجية. أما جولوفكين فاختار الطريق الأصعب: إنقاذ رياضة كادت تُمحى من الأولمبياد. هذا الاختيار وحده يضعه في فئة خاصة من الأبطال الذين لم يكتفوا بالأحزمة، بل أرادوا كتابة التاريخ خارج الحلبة أيضًا.المستقبل
ثلاث سنوات لتغيير مصير الملاكمة مع فترة رئاسة مدتها ثلاث سنوات تنتهي في نهاية 2027، يبدأ جولوفكين مهمته بتحديات هائلة لكن واضحة استعادة الاعتراف الكامل من اللجنة الأولمبية الدولية، تنظيم بطولات عادلة وشفافة، بناء جيل جديد من الملاكمين في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وإنهاء الانقسام مع الاتحاد السابق IBA.
لكنه يملك أوراق قوة لا تُقاوم: سمعته العالمية، شبكته الآسيوية القوية، وتاريخه كبطل يُلهم الملايين. الاتحاد الآسيوي للملاكمة رحّب بالنتيجة، مؤكدًا أن قيادة جولوفكين ستؤثر بشكل كبير على نمو الملاكمة في آسيا والعالم.
لكازاخستان، هذا أكثر من مجرد منصب؛ إنه بوابة لريادة رياضية عالمية. تخيّل ألماتي تستضيف بطولة عالمية كبرى، أو ملاكمين كازاخ يصعدون منصات التتويج في لوس أنجلوس 2028 بفضل برامج تدريبية صممها “GGG” بنفسه.
في النهاية، انتخاب جولوفكين ليس خاتمة قصة؛ إنه لكمة افتتاحية في جولة جديدة.
اليوم في روما، وقف بطل من سهوب كازاخستان أمام العالم، ليقول بصوت هادئ لكنه مدوٍّ
الملاكمة لن تموت لأننا الآن نضع الرياضيين في المقدمة.
كازاخستان لم تعد فقط أرض الأبطال، بل أصبحت الآن مصنع القادة العالميين. ومع جولوفكين في القمة، عادت الملاكمة الأولمبية إلى الحلبة وهذه المرة لن تخرج مهزومة.