يصادف تاريخ 16 يونيو من كل عام الاحتفال بمكافحة المخدرات وذلك بموجب القرار رقم 112/ 42 من ديسمبر 1987 والتي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في هذا التاريخ المحدد تتضافر كافة الجهود الدولية من دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد لزيادة الوعي بالمخدرات الغير المشروعة والتي تطول الكبير والصغير, ولعل ما نواجهه حاليا من تفشي آفة المخدرات وسقوط أبناءنا وبأعمار صغيرة في براثن مستنقعات المخدرات وعدم مقدرة الآباء منفردين على تخليص أبناءهم من هذه الآفة التي فتكت بشبابنا وأرهقت الحكومات بالمكافحة والتصدي بسبب زمرة الفساد من تجار المخدرات المجرمين الجشعين الذين لا يتوانون على ابتكار أحدث الأساليب للتهريب والترويج بغية العوائد المالية الوفيرة في هذا النوع من التجارة, و ما زاد الخطر هو التصنيع المحلي للمخدرات في بلداننا والذي زادت وتيرته وزاد معه التعاطي وارتفعت أعداد المتعاطين والمتوفين إثر المخدرات المغشوشة وجرعات التعاطي.
فاتفق الشرع الإسلامي والقوانين الوضعية الإسلامية على حرمتها ومعاقبة كل من زرعها أو هربها أو حازها أو اتجر بها أو تعاطاها أو سهل تعاطيها أو أدار مكانا للتعاطي أو جالس المتعاطين من غير المستثنين قانونا.
ولعل قضايا المخدرات من أصعب القضايا القانونية في التعامل بها والتي تحتاج الى خبرة ودراية وفقا لأنواعها ونقصد جهة قوة الضبط من حيث أن يكون الضبط بطريقة عرضية بواسطة الدوريات ونقاط التفتيش, أو من خلال ضبط المتهمين بواسطة التفتيش الجمركي من قبل الادارة العامة للجمارك وخفر السواحل( الضبط من خلال المنفذ الجوي أو البري أو البحري) وهي قضايا الجلب و الاستيراد, أو من خلال البحث والتحريات وهي قضايا المباحث التي تستلزم إصدار إذن من النيابة العامة بالقبض والتفتيش ووفقا للقصد الجنائي ( بقصد الاتجار- بقصد التعاطي) وخيرا فعل المشرع الكويتي بمنح صفة المحققين لمديري مكافحة المخدرات والحدود.
وقد شرع المشرع الكويتي موادا صارمة ومشددة في المخدرات وذلك في القانون رقم 74 لسنة 1984 وتعديلاته بالقانون رقم 13 لسنة 1995 وتعديلاته وفقا للمواد رقم(31 و 31 مكرر و32 و 32 مكرر أ و 33 الفقرة الأولى و37 و38 فقرة أولى و42 فقرة أولى) من قانون رقم 74 لسنة 1984 وتعديلاته.
ووفقا للمواد (37 و38 و43 و45 و46) من القانون رقم 48 لسنة 1987 والتي تتناول التعاطي والحيازة والإحراز و الشراء والزراعة و البيع للنباتات المخدرة و الاتجار و البيع والجلب و الاستيراد والعقوبة بالحبس والغرامة والتي تصل الى الإعدام.
الا أنه ووفقا للسجل الجنائي للمتهم ولسنه وحالته العقلية وكونه عائد أو أول مره وحسب ظروف الدعوى وتقدير القاضي لتستبدل عقوبة الحبس في قضايا المخدرات الى الايداع في احدى المصحات من ستة أشهر الى سنتين بناء على تقرير اللجنة المشكلة أو الافراج الشرطي و الامتناع عن النطق بالحكم ووضع المتهم تحت رقابة شخص لمدة سنتين تعينه المحكمة.
لذا نجد أن المشرع الكويتي واجه آفة المخدرات والمؤثرات العقلية بسياج قانوني مكافحة وتصديا و حلا, وأحكام وزارة العدل المشددة والتي وصلت الى الإعدام والمؤبد بحق التجار والموظفين أو المستخدمين العموميين المنوط ببهم مكافحة مواد ومستحضرات المخدرات أو الرقابة على تداولها أو حيازتها أو استغل حدثا لايزيد عمره عن ثمانية عشر عاما في تنفيذ جريمة أو أنشا أو أدار تنظيما يكون الغرض منه او من بين نشاطه ارتكاب جريمة من المنصوص عليها في الماد (31) من القانون رقم 13 لسنة 1995 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والمؤبد الى الوسطاء وغيرهم من المتعاطين العود إضافة الى العقوبات بالغرامات المالية والاتلاف والمصادرة .
وسأكتفي بهذا القدر من الدلو القانوني لأنه سيطول التفصيل في حيثيات مواده وبنوده.
الا أننا مسؤولين أمام الله ومجتمعاتنا بضرورة التوعية ونشر العلم القانوني والمشاركة في التشريعات القانونية بالتعديل بالالغاء والاضافة لمواد قوانينا وسد الثغرات في موادها متضافرين مع جهود وزارة الصحة ووزارة الداخلية بمنتسبيها العيون الساهرة الذين يكابدون ما يكابدونه في سبيل تطبيق القانون ومنع الجرائم وحفظ أرواح أبنائنا وكافة مؤسساتنا الرسمية من وزارة الاعلام والتربية وغيرها ومؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام ومنها رابطة الاجتماعيين الكويتية برئاسة السيد عبدالله الرضوان والتي لا تألوا جهدا في تعاونها الدؤوب مع مؤسسات الدولة في هذا السياق حيث أقامت مؤتمرا مع وزارة الداخلية بشأن آفة المخدرات وغيرها من الجرائم التي تمس المجتمع الكويتي كما حرصت رابطة الاجتماعيين الكويتية على إقامة الندوات التوعوية في مقرها باستضافة المتخصصين كل في مجاله .
و بصدد المكافحة والتصدي لظاهرة المخدرات المتفشية في مجتمعنا فإننا نوصي بالآتي:
تسليط الضوء على الإحصاءات للمتعاطين للمخدرات بتعدد فئاتهم ومستوى الجريمة في الدولة.
تبادل البحوث والدراسات دوليا فيما يخص المخدرات وأحدث طرق المكافحة.
تحديث وتبادل المعلومات بشأن أسماء تجار المخدرات والمروجين والوسطاء.
الضغط الدولي على الدول المنتجة للمخدرات ومعاقبتها وعزلها اقتصاديا وسياسيا.
تشريع دولي ملزم لكافة الدول بتجريم المخدرات من الاتجار والتعاطي والجلب والزراعة بطرق غير مشروعة.
النظر في السماح للسفر الى الدول التي تسمح قوانينها بالتعاطي احترازيا وذلك بمنع ارسال المرضى للعلاج فيها ومنع ابتعاث الطلبة للدراسة فيها ومنع الابتعاث للدورات التدريبية.
اعداد المراكز لعلاج مدمني المخدرات والذي نرى فيه تقصير من حيث:
أعداد المعالجين المتخصصين من الكادر الصحي والنفسي والقانوني.
قلة عدد الأسرة.
الاجبار القانوني على العلاج من المخدرات.
الإحجام عن الإبلاغ عن حالات التعاطي سواء من المدارس (الحكومية والخاصة) أو من الأسر لأسباب تربوية مجتمعية من الحفاظ على سمعة المدرسة والأسرة فالمدروسة تكتفي بنقل من يضبط متعاطيا الى مدرسة أخرى وهي بذلك الفعل إنما تصدر فعل التعاطي الى أطفال آخرين بمدارس أخرى ولهو مسلك خطير يجب مساءلة مركبه جزائيا ولاسيما بتوافر العلم والإرادة.
إجراء الفحص العشوائي في كافة المدارس (الحكومية والخاصة) وفي المؤسسات الحكومية وما يحدث حاليا من فحص فهو شكلي وغير كاف ويحتاج الأمر الى تشريع قانوني ملزم.
إجراء الفحص العشوائي للمخدرات للعاملين الوافدين في المقاهي والمطاعم وبمسوغ تشريعي قانوني ملزم.
ونسأل الله أن يحفظ دولتنا وديار المسلمين والبشرية جمعاء من آفة المخدرات المدمرة للجنس البشري ومقدراته وكياناته ليتسنى للشباب النهوض ببلدانهم واعمارها.
ودمتم بود.