Site icon Q8-Press

الذكاء الاصطناعي يُصبح «آلة الزمن» لمكافحة هشاشة العظام

في إنجاز علمي مذهل يفتح الباب أمام ثورة في إدارة الأمراض المزمنة، كشف باحثون في جامعة ساري عن نظام ذكاء اصطناعي رائد يمكنه التنبؤ بدقة فائقة بما ستبدو عليه صورة الأشعة السينية لركبة المريض بعد عام كامل. هذا التوقع البصري المذهل لا يمنح الأطباء مجرد رقم، بل يزودهم بصورة واقعية وواضحة لتقدم مرض هشاشة العظام المستقبلي، ما يعد نقطة تحول حقيقية لملايين المصابين حول العالم.

تنبؤ المستقبل

يقوم النظام الجديد، الذي عُرض في المؤتمر الدولي للحوسبة الطبية والتصوير والمساعدة الحاسوبية (MICCAI 2025)، على تقنية متقدمة تُعرف باسم نموذج الانتشار التوليدي (Diffusion Model)، وهو نوع من الذكاء الاصطناعي التوليدي القادر على إنشاء صور واقعية للغاية. وتم تدريب النظام على مجموعة بيانات ضخمة تعد من الأكبر عالمياً في مجال هشاشة العظام، حيث شمل التدريب ما يقرب من 50 ألف صورة أشعة سينية للركبة تخص نحو 5000 مريض.

توليد الصورة المستقبلية

بمجرد تزويده بصورة الأشعة السينية الحالية للمريض وبعض البيانات السريرية، يولد الذكاء الاصطناعي صورة «مستقبلية» واقعية تظهر التغيرات المتوقعة في هيكل المفصل.

ولا يكتفي النظام بالتوقع، بل يحدد ويعلّم 16 نقطة تشريحية رئيسة في المفصل. هذه النقاط تُسلط الضوء بدقة على الأجزاء الأكثر عرضة للتدهور، مثل تضيق المسافة المفصلية.

تُعد هشاشة العظام السبب الرئيس للإعاقة بين كبار السن، ويواجه الأطباء تحدياً في تقدير سرعة تدهور الحالة لدى كل مريض على حدة. سابقاً، كانت أدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى تقدم عادةً «درجة خطر» رقمية مجردة، ما يجعل من الصعب على المرضى فهمها والالتزام بالتدابير الوقائية.

المزايا العلاجية

تحفيز المريض: رؤية صورة الأشعة السينية المتدهورة المتوقعة، جنباً إلى جنب مع الصورة الحالية، تعد حافزاً بصرياً قوياً للمرضى. هذا الوضوح يساعدهم على إدراك أهمية تغيير نمط الحياة (مثل فقدان الوزن) أو الالتزام بخطة العلاج الموصوفة.

يُمكّن النظام الأطباء من تحديد المرضى «المعرضين لمخاطر عالية» مبكراً وبدقة أكبر. وهذا يسمح بوضع خطط علاجية أكثر تخصيصاً واتخاذ قرارات التدخل الجراحي أو تعديل الأدوية في وقت أكثر ملاءمة، قبل فوات الأوان.

أظهر النظام كفاءة عالية، حيث يقدم التنبؤات أسرع بحوالي تسع مرات من الأدوات المماثلة السابقة، ما يجعله عملياً للاستخدام السريري الروتيني.

هذه القفزة التكنولوجية، التي تُحول الأشعة السينية من أداة تشخيص إلى آلة للتنبؤ المستقبلي، تَعِدُ بتغيير جذري في طريقة التعامل مع هشاشة العظام، وقد يمتد تطبيقها لاحقاً ليشمل أمراضاً مزمنة أخرى، مثل تدهور الرئة لدى المدخنين أو تطور أمراض القلب.

 

Exit mobile version