Site icon Q8-Press

اعتماداً على الدنمارك.. خططت أميركا لقصف موسكو بالنووي

خلال شهر أكتوبر عام 1962، تابع العالم عن كثب وقائع أزمة الصواريخ الكوبية التي كادت أن تتحول لنزاع مسلح بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية عقب إرسال السوفييت لمعدات عسكرية نحو كوبا استعداداً لنشر صواريخ بها على مقربة من الأراضي الأميركية. وقبل أزمة الصواريخ الكوبية بنحو 3 سنوات، كانت الولايات المتحدة الأميركية قد وضعت بدورها خطة للاقتراب من الأراضي السوفيتية اعتماداً على أراضي جزيرة غرينلاند (Greenland) الدنماركية المصنفة كأكبر جزيرة بالعالم والواقعة بين المحيطين المتجمد الشمالي والأطلسي.

بتأييد من البنتاغون، وضعت السلطات الأميركية أواخر الخمسينيات برنامج آيس وورم (Iceworm)، أو ديدان الجليد، الذي اتجهت مع بدايته لتشييد موقع كامب سانتري (Camp Century) العسكري بغرينلاند. وبمكان بلغ ارتفاعه نحو ألفي متر بشمال غرب غرينلاند وعلى بعد 240 كلم عن قاعدة ثول (Thule) الجوية، باشر الخبراء الأميركيون بإجراء أبحاثهم لتشييد الموقع العسكري الذي كان من المقرر أن يأوي مئات الرؤوس النووية الأميركية الموجهة صوب الاتحاد السوفيتي.

وحسب خطط البنتاغون، كان موقع كامب سانتري السري، المقرر تشييده، عبارة عن 4000 كلم من الأنفاق التي ستأوي داخلها 600 رأس نووي قادرة على بلوغ الأراضي السوفيتية في حال اندلاع الحرب بين موسكو وواشنطن. وبتصريحاتهم للمسؤولين الدنماركيين عام 1960، أخفى الأميركيون حقيقة كامب سانتري وتحدثوا في المقابل عن استعدادهم لإنشاء قاعدة عسكرية لأغراض علمية.

وخلال نفس الفترة، تمكن الأميركيون بموقع كامب سانتري من حفر 21 خندقاً، على امتداد 3000 متر، جهزت بأسقف مقوسة وتواجدت بها بعض المرافق كمستشفى ومسرح وكنيسة. وقد جاءت هذه الخنادق لتمثل مأوى لحوالي 200 عسكري وباحث جيولوجي أميركي.

عقب عمليات حفر وتنقيب استمرت حوالي 3 سنوات، أكد علماء الجيولوجيا الأميركيون، بفضل العينات التي جمعوها، بموقع كامب سانتري على تحرك النهر الجليدي بشكل أسرع مما كان متوقعاً، كما تحدثوا عن خطورة جدران الثلج والجليد على مشروع قاعدة الصواريخ النووية منوهين لإمكانية انهيارها في غضون عامين.

أمام هذا الوضع، أخليت المنشأة قرب موقع كامب سانتري سنة 1965 وأزيل المولد النووي بها. وبالعام التالي، ألغي مشروع الرؤوس النووية بالمنطقة وأغلق موقع كامب سانتري بشكل نهائي.

ظلت حقيقة كامب سانتري مخفية عن الدنماركيين لحدود منتصف التسعينيات حيث أسفرت تحقيقات طالب بها البرلمان الدنماركي بداية من العام 1995 عن كشف تفاصيل برنامج آيس وورم. وحسب التقارير الدنماركية الصادرة عام 1997، كان من المقرر أن تغطي قاعدة كامب سانتري بغرينلاند مساحة 130 ألف كلم مربع، أي حوالي 3 أضعاف مساحة الدنمارك، تزامناً مع تخطيط الأميركيين لوضع صواريخ باليستية عابرة للقارات من نوع أل جي أم 30 مينتمان (LGM-30 Minuteman) بها لقصف العمق السوفيتي.

Exit mobile version